هارتس : التوتر في الضفة والقدس: إلى متى ستجلس غزة على الجدار؟

حجم الخط

بقلم: جاكي خوري

 

 




يطرح التوتر المتزايد في الضفة الغربية وفي شرقي القدس سؤالاً: إلى متى سيتم الحفاظ على الهدوء النسبي في قطاع غزة، الذي ظهر إزاء قتل نشطاء من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في جنين وفي أريحا في عمليات نفذها الجيش الإسرائيلي، مؤخراً. يضاف إلى ذلك هدم البيوت بشكل مستعجل في القدس وضغط الوزير إيتمار بن غفير لتشديد ظروف حياة السجناء الأمنيين.
على هذه الخلفية، يبرز الانضباط الذي تظهره الفصائل في القطاع. في الأسابيع الأخيرة كان هناك في الواقع حالات من إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، آخرها، السبت الماضي، ردّ عليها الجيش الإسرائيلي حيث هاجم منشآت لـ"حماس" و"الجهاد الإسلامي". ولكن في الطرفين كانوا حذرين من الانحراف عن قواعد اللعب. لم يتحمل أي تنظيم في القطاع المسؤولية عن الإطلاق، ولم ينشر أي بيان رسمي في أعقابه، باستثناء بيان لـ"حماس" بحسبه فإن الذراع العسكرية فيها نفذ إطلاق نار تجاه طائرات سلاح الجو التي شاركت في عملية القصف. إلى جانب ذلك باركت التنظيمات العمليات الأخيرة، وطلبت "توحيد الصفوف تحت مظلة المقاومة".
تسمى هذه السياسة "صبراً استراتيجياً". هذا المصطلح، الذي استخدمه أيضا نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، صالح العاروري، في محادثة مغلقة نشر تسجيلها، هذه الأيام، في الشبكات الاجتماعية. في المحادثة، التي من غير الواضح موعد إجرائها، أوضح العاروري بأن ضبط النفس ينبع من قرار مدرك ويوضح غايته: السماح للمقاومة في الضفة الغربية بأن تتسارع، دون جذب انتباه القطاع. وحسب قوله فإن الحديث يدور عن درس من أحداث عملية "حارس الأسوار" أو "سيف القدس"، كما تسمي "حماس" القتال الذي وقع في أيار 2021.
"هناك من يقدمون لنا المواعظ الأخلاقية. أين غزة، لماذا لا تساعدنا غزة"، قال العاروري، "لكن على المستوى الاستراتيجي، من أجل أن تتطور المعركة في الضفة بالاتجاه الصحيح مطلوب ضبط نفس في غزة". وحسب قوله فإنه "في اللحظة التي ستدخل فيها غزة إلى القتال فإن هذا سيؤدي إلى رد عسكري بمستوى أعلى، ما سيؤدي إلى انخفاض حجم النضال الشعبي والنشاطات السرية؛ لأن الناس سيدخلون مرحلة الاستعداد لضربة واستيعابها. هذا تعلمناه في معركة (سيف القدس) حيث انتقل كل الاهتمام من الضفة ومن القدس إلى قطاع غزة". حسب العاروري فإن العبرة هي أنه يجب "إعطاء للمقاومة في مناطق الضفة فرصة للتطور وأن نساعد قوات المقاومة في الضفة بكل الوسائل باستثناء فتح معركة وإطلاق صواريخ كثيف".
في الرسالة التي وجهت أيضا لإسرائيل أوضح العاروري بأن استراتيجية الصبر ليست أبدية. "قيادة (حماس) وقيادة الذراع العسكرية مستعدة للتدخل، وهي تفعل ذلك عند الحاجة وتستخدم ما بحوزتها. نقول لهم، بأن يعطوا فرصة للمقاومة في الضفة (وعدم العمل)، لكن من اجل ألا تكون إسرائيل مطمئنة فأنا أحذر من أن استمرار التصعيد من قبلها يمكن أن يوسع ساحة النضال إلى ما وراء الضفة، وحتى إلى ما بعد غزة، وسيصل إلى معركة إقليمية.
يشارك في هذه المقاربة أيضا أعضاء قادة في "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تحدثوا مع "هآرتس". شخص من المستوى السياسي في "حماس" قال، إنه بالنسبة لـ"حماس" فإن الساحة الأكثر راحة للتصعيد هي الضفة، سواء لأن المسؤولية عما يجري فيها هناك ملقاة على عاتق السلطة الفلسطينية وعلى إسرائيل، أم لأن التركيز على القطاع سيؤدي إلى خطوات عقابية مثل منع خروج العمال للعمل وتقليص حجم الدخول وخروج البضائع وتقييد مجال الصيد.
يضاف إلى ذلك "المصالح المصرية الواضحة للحفاظ على الهدوء في جبهة غزة"، حسب أقوال عضو "حماس". مؤخراً تعقد في القاهرة محادثات بين المخابرات المصرية، برئاسة الجنرال عباس كامل، وشخصيات رفيعة من "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، على رأسها إسماعيل هنية وزياد نخالة. حسب البيان الذي نشرته "حماس" فإن محادثات، أول من أمس، "ركزت على التحديات التي يضعها سلوك الحكومة الجديدة في إسرائيل، والمطالبة بتخفيف الحصار على القطاع وقضية السجناء الفلسطينيين".
في "الجهاد الإسلامي" اعتبروا الأجواء التي سادت المحادثات مع المصريين إيجابية، ووجهوا إصبع الاتهام لإسرائيل. حسب مصدر رفيع في المنظمة، خالد البطش، فإن العملية في أريحا واعتقال ناشط "الجهاد" في الضفة، الشيخ خضر عدنان، تدل على أن إسرائيل تستخف بالجهود المصرية للحفاظ على التهدئة. مع ذلك، امتنع عن الدعوة إلى إطلاق الصواريخ أو تنفيذ عملية عسكرية أخرى. ويبدو أن منظمته شريكة في الرؤية التي تبنتها "حماس".

عن "هآرتس"