اسرائيل اليوم : نحو إستراتيجية لتقليل العمليات الفلسطينية

حجم الخط

بقلم: مائير بن شباط

 



الإنجازات العديدة في جهاز الأمن في التصدي لموجة "الإرهاب المتواصلة"، التي نشهدها، مبهرة وجديرة بكل ثناء. لكن يبدو أنها رغم ذلك لا تزال لا تحدث الأثر الإستراتيجي المنشود: الدافعية للعمليات لا تنطفئ، وعدد العمليات ومحاولات العمليات لا يقل، وهكذا أيضاً شدتها.
لا يزال أمامنا شهر رمضان مع التفجر الأمني الذي يجلبه معه، وسلسلة من المواضيع التي طرحت على جدول أعمالنا والتي يقود كل واحد منها إلى تصعيد اللهيب. صحيح أن المنفذين الأفراد ينفذون مبتغاهم بلا شركاء وبلا توجيه تنظيمي مرتب، لكنهم يستمدون الإلهام من سابقيهم ممن أصبحوا أبطالاً في الشارع الفلسطيني، ومن المضمون التحريضي في الشبكات الاجتماعية. تشجع الأجواء العامة العمليات من هذا النوع. وفي التصدي لهذا الميل لا توجد وسيلة "تحطم التعادل"، يمكنها وحدها أن توقف الظاهرة. مطلوب استخدام عاقل لسلة واسعة من الوسائل، لكل واحدة منها مساهمة محدودة، لكن وزنها المتراكم يمكنه أن يؤدي إلى التغيير المنشود.

"علاج جذري"
أولاً، تخفيض المستوى اللازم لتنفيذ الاعتقالات (الإدارية) لمؤيدي "الإرهاب" وممجدي العمليات، والذين يوجد حولهم تخوف بأنهم لن يكتفوا فقط بالتأييد.
ثانياً، رد سريع وفاعل عند الفعل. كلما انتهت محاولات العمليات بتحييد "المخربين" دون أن يتسببوا بإصابات في طرفنا، يزداد الشك بالنسبة لجدوى هذا النمط. محاولات العمليات التي تنتهي الواحدة تلو الأخرى بموت، أو إصابة، أو اعتقال المنفذين دون أن يلحقوا ضرراً بنا فإنها على الأقل لن تشجع التقليد. ولأجل تحسين سرعة الرد من الحيوي زيادة انتشار قوات الشرطة، خاصة في مناطق التماس التي بين شرق القدس وغربها، ومواصلة تشجيع حيازة السلاح لمن مسموح لهم ذلك، والتسهيل قدر الإمكان في الإجراء التشريعي للمواطنين العاديين الذين يعملون في ظروف تبرر ذلك.
ثالثاً، منع تعظيم المنفذين للعمليات. كلما كانت لدى محافل الاستخبارات معلومات يمكنها أن تمس بصورة "المخربين" كأبطال فلسطينيين وطنيين يجب نشرها وببروز، وذلك لأجل منع جعلهم موضع تقليد في نظر الآخرين.
رابعاً، هدم منازل المنفذين. في المجتمع الفلسطيني التقليدي تحتل العائلة مكاناً مركزياً في حياة "المخرب"، والمصير المرتقب قد يكون له تأثير مهم على مدى استعداد "المخرب" لتنفيذ عملية. فضلاً عن ذلك يستهدف الردع أيضاً حمله على التراجع عن أفعاله من خلال التدخل من جانب أبناء عائلته بقدر ما يلاحظون مؤشرات تبعث على الاشتباه.
خامساً، سحب امتيازات اجتماعية من "المخرب" وعائلته. يجب العمل على مصادرة أموال وأملاك منفذ العملية وملاحقة الأموال (أو الامتيازات القيمة) التي تنقل إليه أو لأبناء عائلته من السلطة الفلسطينية أو منظمات "الإرهاب" على أنواعها. وهكذا يكون ممكناً منع حوافز مالية عن منفذين محتملين للعمليات.
سادساً، سحب إقامة المحرضين من شرق القدس وطردهم إلى قطاع غزة أو إلى مناطق السلطة الفلسطينية. فالتصدي للتحريض يستوجب "علاجاً جذرياً"، بدءاً بمناهج التعليم في شرق القدس، عبر وسائل الإعلام والشبكات وانتهاء بالخطب التي تلقى في المساجد. لأجل معالجة هذه المواضيع بشكل جذري مطلوب خطة عمل بعيدة المدى وآلية مرتبة لتنفيذها. دون انتظار ذلك يجدر في المدى الفوري النظر في إمكانية سحب إقامة محرضين من شرق القدس وطردهم إلى قطاع غزة أو إلى مناطق السلطة الفلسطينية.
ليس فقط في المجال الطبي، في الأمن أيضاً يصعب إيجاد علاج ليس له أعراض جانبية سلبية. لكن في الميزان العام للمنفعة مقابل الخسارة ولأجل وقف الزخم الحالي، فان هذا اضطرار لا بد منه. حتى لو لم يكن في كل هذا ما يضمن الوقف التام للظاهرة، ثمة فيها بالتأكيد ما يؤدي إلى تقليصها أو على الأقل منع تعاظمها. في مكافحة "الإرهاب" المتواصل ليس هذا أمراً لا يؤبه له.

عن "إسرائيل اليوم"