في سابقة سياسية، ونادرة أيضا، أصدر وزراء خارجية الولايات المتحدة مع فرنسا، ألمانيا، إيطاليا وبريطانيا، بيانا حول قيام دولة الكيان العنصري ببناء استيطاني جديد، وشرعنة بعض البؤر التي كانت "معلقة"، مع العودة عن قرار "فك الارتباط" الذي أعلنه شارون 2005 من شمال الضفة.
"البيان الخماسي"، تضمن لغة سياسية جديدة تماما على أمريكا وبريطانيا بالتحديد، ليس فيما يتعلق بالاستيطان ولا شرعيته، الذي تكرر كثيرا، وهناك قرارات مجلس أمن لم ترفضها واشنطن، لكن الملف تماما ما تم صياغته حول الدولة الفلسطينية، بأنها ذات سيادة وقابلة للحياة، الى جانب دولة إسرائيل.
وبعيدا عن الحديث عن "حدود الدولة الفلسطينية"، لكن استخدام الوصف السيادي هو تحديد سياسي جديد، لم يسبق للإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية الإشارة اليه، منذ قرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012 حول عضوية دولة فلسطين، بل أنهما لم تعترفا من حيث المبدأ بذلك القرار، ولم ترتق العلاقة وفقا لهذا المضمون السياسي المختلف.
التعريف الجديد في "البيان الخماسي" هو تطوير عملي للمفهوم الضبابي – الضلالي المستخدم منذ يونيو 2002 حول ما يعرف بـ "حل الدولتين"، الى أنها "دولة الى جانب دولة"، ما يعيد صياغة المعادلة السياسية بوضوح ولغة محددة.
وبالتأكيد، "البيان الخماسي"، بعيدا عما به من "قلق"، حمل رسائل بلغة تهديد عندما أشار الى أن الاستمرار في التوسع الاستيطاني يهدد الاستقرار في المنطقة، دون ربطها جغرافيا بأرض فلسطين، بل يحمل ما هو خارج حدودها، وهو ما أوضحه ناطق باسم الخارجية الأمريكية بانه يمس العمل في "مواجهة إيران"، وتلك رسالة تهديد خفية أخرى.
سياسيا، "البيان الخماسي" وثيقة تضاف الى أوراق "القومة الناعمة" الفلسطينية في معركة "المواجهة الكبرى" ضد دولة الكيان الاحتلالي الاحلالي وحكومتها الفاشية الجديدة، سواء تم الالتزام به من قبل دول التوقيع، او توقف قطارها عن حدود "الصياغة البيانية"، ما يمثل قوة دفع الى الموقف الرسمي الفلسطيني نحو الذهاب لتعزيز الاعتراف الأممي، ومجلس الأمن بدولة فلسطين، وفقا لقرار عام 2012، وانسجاما مع رؤية وزراء خارجية الدول الخمسة.
ولكن، الأكثر قيمة سياسية لذلك النص الهام، رد فعل حكومة دولة الكيان العنصري، ورأس حربتها "الفريق الإرهابي الرسمي" بقيادة الثالوث "نتنياهو، بن غفير وسموتريتش" وبدعم من الوزاري المصغر، بالاستخفاف الفوري بما صدر بيانا خماسيا يوم 14 فبراير 2023، موقف يكشف الاستهتار الفريد بتلك الدول، وبينها الولايات المتحدة.
رد حكومة الفاشية الحاكمة في دولة الكيان العنصري على "الخماسي"، بأنهم سيعملون على زيادة وتيرة الاستيطان أكثر، وأعلنوا عن قرار بناء عشرات الوحدات الاستيطانية في الضفة والقدس، قرار يتجاوز خط الاستهتار بما صدر تحذيرا أوروبيا – أمريكيا الى حد الوقاحة المطلقة.
حكومة "التحالف الفاشي" في دولة الكيان الاحتلالي، ذهبت بعيدا في تحديها لدولة "البيان الخماسي" بصياغة معادلة جديدة.."مستوطنة مقابل عملية"..ورغم ما تحمله تلك المعادلة من فضح أن الاستيطان لم يكن لهم مسألة "أمن ودين"، كما روجوا طويلا، بل ابتزاز وعدوانية..واعتراف صريح بأنه جزء من مخطط احتلالي وليس "أيدلوجي".
موضوعيا، قرار حكومة "التحالف الفاشي" ردا على "البيان الخماسي" هو بمثابة رفع "حذاء أحمر" في وجه الدول الموقعة، كأنها الدولة التي تمثل "سوبر السوبر باور" (الأقوى من الدول العظمى)، وتعلم يقينا أنه لن يكون هناك آلية عقاب حقيقية، او وضع قانون خاص لها كما سبق أن حدث مع دول أخرى، بفرض مسلسل من العقوبات التي تدفعها بالتفكير فيما ذهبت إليه، من فعل البصق على وزراء خارجية أمريكا و4 دول مركزية في أوروبا.
حكومة "التحالف الفاشي" في تل أبيب، ردت على "البيان الخماسي" بالطريقة العربية "بلوا بيانكم واشربوا ميته"...وهي بذلك تؤكد الحقيقة العامة "من أمن العقاب أساء الأدب".
وانطلاقا من بيان حكومة "التحالف الفاشي" الحاكم في دولة الاحتلال ردا على دول "البيان الخماسي"، يستدعي ذلك قيام "الرسمية العربية" بالتنسيق مع الجامعة العربية، بالعمل على صياغة مشروع قرار أممي حول فرض عقوبات على إسرائيل، وفقا لسوابق ما حدث في مجلس الأمن ، واللاءات التي استخدمت مشتقة من "قانون قيصر" الأمريكي عام 2019 ضد الشقيقة سوريا، وفرض عقوبات شاملة لا تزال سارية المفعول.
قرار حكومة "التحالف الفاشي" في دولة الكيان العنصري، قوة دفع جديدة للمضي نحو المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مجرمي الحرب، مع تحديد الاستيطان كجزء من العمل الإرهابي المستخدم ضد شعب فلسطين.
قرار حكومة "التحالف الفاشي" ردا على دول "البيان الخماسي" يجب أن يسرع من اعداد قائمة "الإرهاب الاستيطاني"، فرقا وشخصيات وبينها بن غفير وسموتريتش وكل وزير يسكن في مستوطنة، وتعميمها لتصبح جزءا من "المطاردة الساخنة" دوليا وعربيا.
"البيان الخماسي" وموقف حكومة "التحالف الفاشي" لدولة العدو، هدية سياسية ذهبية التوقيت، لا يجب أن تمر مروا عابرا من قبل "الرسمية الفلسطينية"، مكتفية بتصريحات فرحة، كما فرحة الأطفال بـ "ملابس العيد".
ملاحظة: كان ملفتا جدا بيان "أسرى الحرية" في سجون الغستابو المعاصر، ردا على الوزير "الأراغوز" بن غفير، أن معركتهم لنيل حرية وليس لماء استحمام...تلخيص مكثف جدا لصراع الحق مع الباطل..لا غالب لكم يا فخر شعب طائر الفينيق!
تنويه خاص: بشكل مفاجئ غادر الكاتب الصحفي الكبير مرسي عطاالله الحياة...رحيل لشخصية عروبية بامتياز...مثقف من طينة لا ادعاء..مهني في زمن "الجعجعة"..انسان بدون مكياج..سلاما لك يا مرسي...مسارك باسمك باق بما أورثت قلما ومقالا.