أمن إسرائيل في أيدٍ عديمة التجربة !

حجم الخط

بقلم: تل ليف رام



وقعت عمليتان في القدس، أول من أمس، إحداهما فتاكة، نفذهما "مخربان" فتيان فلسطينيان مسلحان بالسكاكين، تشيران بقدر كبير إلى استمرار اتساع موجة "الإرهاب" في العاصمة.
تشير المعطيات بشكل واضح إلى أن هذه هي البؤرة والبطن الطرية لإسرائيل. فانعدام الفصل، الفجوات في الاستخبارات، وتداخل شطري المدينة تجعل التصدي لـ "الإرهاب" الذي ينفذه "المخرب الفرد"، مهمة معقدة، بعد أن أصبحت موجة "الإرهاب" في السنة الأخيرة أكثر خطراً حيث السلاح الناري بضاعة متوفرة لكل من يريد تقريباً.
مقابل "يهودا" و"السامرة"، حيث تُحبط الأغلبية الساحقة من العمليات عبر المعلومات الاستخبارية أو عبر دوائر حماية أخرى، فإن الأسابيع الثلاثة الأخيرة التي قتل فيها 11 إسرائيلياً هي إشارة خطيرة لشرطة إسرائيل ولوزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، تثير السؤال عن جاهزية القوات للتصدي لموجة "الإرهاب" الحالية في القدس: الجاهزية في مستوى الاستخبارات، والجاهزية العملياتية للوحدات، وأهلية أفراد الشرطة والمقاتلين في المهام اليومية المتعبة حين يصبح أفراد الشرطة أنفسهم، مرات عديدة، هم الهدف لـ "المخربين".
كان هؤلاء جزءا من وزراء الحكومة الحالية، بخاصة إيتمار بن غفير، فعندما كانوا في المعارضة اتهموا الحكومة السابقة بالمسؤولية عن موجة "الإرهاب" وعن كل عملية وقعت في الميدان.
لو كانت الحكومة الحالية تحاكم نفسها وفقاً لاختبار الاتهامات التي كانت توجه للحكومة السابقة فإن الأسابيع الثلاثة الأخيرة، والتي قتل فيها في القدس وحدها 11 إسرائيلياً ومن قطاع غزة أطلقت عشرات الصواريخ، لكانت تعتبر من الأشهر الأمنية الأسوأ لدولة إسرائيل في السنوات الأخيرة. على الأقل في اختبار النتيجة وفي الإحساس بالأمن في الشوارع.
ليس بسبب حكومة التغيير بدأ التصعيد، وموجة "الإرهاب" قبل نحو عشرة أشهر. بالضبط مثلما لم تصعد موجة العمليات الأخيرة درجة بسبب سياسة الحكومة الحالية.
مسؤولية رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هي العمل بخطة مرتبة، بهدف محاولة وقف ميل التصعيد.
قد يكون نتنياهو مشغولاً بالثورة القضائية، ويبدو أن وزير الأمن القومي، المسؤول عن جبهة الأمن في المدينة، لم يجد بعد الأيدي والأرجل. يشغل نفسه بالصغائر وأساساً في الاستعراضات التي تتأثر بعلاقات عامة لحظية.
بن غفير مضغوط من المعادلة التي وضعها لنفسه عندما اتهم سلفه في المنصب، عومر بارليف، بالمسؤولية الشخصية عن الوضع الأمني في إسرائيل.
بن غفير مشغول في كل ما ليس مرتبطاً بالتصدي للوضع الأمني في "يهودا" و"السامرة" وقطاع غزة.
صحيح أنه يحتاج ليتصدى للبناء غير القانوني، لكن هذا ليس له أي علاقة بالتصدي لـ "الإرهاب" مثل التصريحات عن "سور واق 2" في شرق القدس.
بن غفير، لعله بشكل مقصود، يخلط بين مفاهيم الحوكمة وإنفاذ القانون والوضع الأمني الحالي. خطاب الضغط قد يخلق في نظره رداً تجاه الميدان أما عملياً فهو ذو إمكانية كامنة لتسخين الجبهة أكثر فأكثر.
إن تصعيداً دراماتيكياً في شرق القدس قد يؤثر على كل الساحة الفلسطينية.
وإذا كان نتنياهو معنياً بالامتناع عن مثل هذا التصعيد فهو مطالب بأن يدير الوضع عن كثب، وألا يترك الدفة في يدي وزير عديم التجربة، لا يبذل جهداً كما يبدو ليتعلم من تجارب الآخرين.

عن "معاريف"