ليلة الإسراء والمعراج من الليالي التي ينتظرها المسلمون كل عام، فيجلّونها ويحتفون بها بمختلف الطاعات والعبادات والنوافل تضرعًا لله تعالى، وهي الليلة التي توافق السابع والعشرين من رجب، وقد ورد أنها جاءت تثبيتًا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ومواساة وتكريمًا له، لتكون بذلك منحة ربانيَّة تمسح الأحزان ومتاعب الماضي، وتنقله صلى الله عليه وسلم إلى عالم أرحب وأُفق أقدس وأطهر، إلى حيث سِدْرَة المنتهى، والقُرْب من عرش الرحمن.
• رحلة مباركةً مؤازرة من الله لنبيه الكريم
كانت رحلة الإسراء والمعراج المباركة إيناسًا ومواساةً من الله سبحانه وتعالى لحبيبه ورسوله محمد صلي الله عليه وسلم وتطييبًا لخاطره، وليمحو الله بها عنه الأحزان التي عاشها بعد أن فقد رسولنا الكريم زوجته الوفية السيدة خديجة رضي الله عنها، وعمه أبو طالب في نفس السنة، وقد سمي هذا العام بعام الحزن فقد لاقى الرسول الكريم من المصاعب الكثير، ومن الشدائد ما لا يقدر بشر على تحمله، وقد كان عمه وزوجته يؤانسانه ويؤازرانه ويخففان عنه، وبعد وفاتهما ضاقت عليه الأرض وما رحبت، ومن ثمّ فـالإسراء والمعراج كانت تسرية له عقب الكثير من المحن التي تعرض لها والمصاعب التي واجهها والتعنت الذي لاقاه مِن قريش وكان آخر هذه المعاناة عند عودته مهموم البال حزين الفؤاد لِما ناله من الأذى من أهل الطائف، فوجد لطف الله ومؤازرته ومواساته، ولقد ضربت لنا هذه الرحلة العظيمة المثل والحكمة حيث يمكن التعرف على العبرة منها
• ما الحكمة في كون رحلة الإسراء لم تكن من مكة مباشرة؟
رحلة الإسراء والمعراج رحلة مقدسة مليئة بالوقائع الإيمانية التي لم تخطر على عقل بشر، ولم تخضع للحسابات الكونية، والرحلة لم تكن مباشرة من مكة، لأنَّ بيتَ المقدس هو أقرب موضع من الأرض إلى باب السماء الدنيا، وليكون العروج عموديًّا لا اعوجاج فيه، لِمَا رُوِي أنَّ باب السماء الدنيا الذي هو مصعد الملائكة مُحَاذٍ لبيت المقدس. كذلك فقد أرد الله تعالى أن يري محمدًا صلى الله عليه وسلم القبلة التي يُصَلِّي إليها صخرة بيت المقدس، وخلال الرحلة عرفّه الله تعالى الكعبة التي سَتُحَوَّل إليها القبلة. ولأنَّ بيت المقدس مجمع أرواح الأنبياء، فقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يشرفهم بزيارته لهم صلى الله عليه وآله وسلم، كذلك لأن المسجد الأقصى من المساجد الثلاثة التي لا تُشَدُّ الرحال شرعًا إلا إليها، (هي المسجد الحرام، لأنه موضع ولادته وتربيته ونبوته صلى الله عليه وآله وسلم، ومسجد المدينة، لأنه موضع هجرته وتربته صلى الله عليه وآله وسلم، والمسجد الأقصى، لأنه ثالث الحرمين وأولى القبلتين، وإليه الإسراء، ومنه العروج إلى السماء)
• أهم فضائل ليلة الإسراء والمعراج
إن لهذه الليلة فضائل عظيمة ومكارم بليغة منها: - إثبات نبوءة النبي محمد صلي الله عليه وسلم وصدقها. - تقديس ورفع مكانة المسجد الأقصى وأهمية المحافظة عليه والعمل على استعادته مرة أخرى. - إثبات أن النبي محمد(ص) هو خاتم الأنبياء بعدما صلى بهم إمامًا، وهو أكبر دليل على أنه خاتم المرسلين وشاهدًا على الناس. - اثبتت أن كل الأنبياء يعبدون الله عز وجل وأنهم إخوة ودينهم واحد. - اثبتت صلابة الصديق أبو بكر رضي الله عنه وثقته في قائده، فقد دعمه وصدقه حينما كذب بقصته أهل مكة - الرحلة تمثل نقطة تحول في طريق الدعوة إلى الله. - تُعد دعمًا نفسيًا للرسول (ص) بعد موت زوجته، خديجة، وعمه أبو طالب رضي الله عنهما. - تُعد تكريما لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم باطلاعه على الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله. - تُعد الرحلة إثباتًا جليًا على تواضع النبي محمد صلي الله عليه وسلم، بالرغم من المكانة العالية التي حصل عيلها بوصوله إلى سدرة المنتهى، إلا أنه كان متواضعا وعبدا خاشعًا لله عزوجل - كانت الرحلة جزاء صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثباته على الكفار. - لهذه الرحلة دلائل عظمة القدرة الإلهية
• أهم العبادات المستحبة ليلة الإسراء والمعراج
لا بد من اغتنام ليلة الإسراء والمعراج، بكثرة الذكر وقراءة القرآن الكريم واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والاطلاع على سيرته العطرة، كذلك نحيي هذه الليلة العظيمة بصلاة ركعتين قيام الليل، ففي الصلاة يكون الإنسان في موارد القرب والحب الإلهي العظكايم، ويستحب كذلك لإحياء هذه الليلة بالعبادات والطاعات، ومن أبرز هذه العبادات التي يحبها الله هي الصيام، ويمكننا إحياء نهارها ببر الوالدين وصلة الأرحام والتصدق في أبواب الخير المتعددة، إخراج الصدقات وكثرة الدعاء والذكر وقراءة القرآن.