اسرائيل اليوم : تغيير "قواعد اللعب" السبب الرئيس للصراع الإسرائيلي الداخلي

يوسي بيلين.jpg
حجم الخط

بقلم: يوسي بيلين

 



ليس لي إخوة باسم إيتمار بن غفير، أوريت ستروك، تالي غوتليف، سمحا روتمن، أو آفي ماعوز. هم صعاب عليّ. وحقيقة أنهم هم أيضاً يهود تخجلني فقط، وليس فيها ما يشكل قاسماً مشتركاً بيني وبينهم. لست مستعداً لأساومهم على القيم التي قامت على أساسها هذه الدولة الحبيبة منذ قيامها.
في أفضل الأحوال نحن قادرون على أن نتفق على قواعد اللعب، وتحصل، اليوم، المواجهة الأشد منذ سنين ليس حول الانسحاب من غزة، ومواضيع مدنية أو السلام مع الفلسطينيين، بل على قواعد اللعب: كيف ستتخذ من الآن فصاعداً القرارات المهمة؟ هل سيبقى محفل كابح يمكنه أن يمنع الكنيست من اتخاذ قرارات معينة؟ هل سيسمح لأحد ما أن يقرر أن مثل هذا السلوك الحكومي أو غيره غير معقول بشكل متطرف؟ توصلت أجزاء في المجتمع الإسرائيلي إلى الاستنتاج أنه إذا ما غيروا قواعد اللعب، فسيكون بوسعهم أيضاً أن يتخذوا القرارات السياسية التي تهمهم حقاً.
غير أن التغييرات الإجرائية التي يفترض أن تلزم كل من يشارك في اللعبة الديمقراطية، حتى لو لم يكونوا إخوة وأخوات، يجب أن تتخذ بإجماع واسع، وذلك لأجل ضمان ألا تصبح حجراً لا يمكن قلبه. ويوجد شيء آخر. من ينجح في أن يجري تغييراً إجرائياً لا يمكنه أن يضمن أن التغيير بالفعل سيعمل لصالح أهدافه. في بداية التسعينيات اقتنع إسحق رابين وشمعون بيريس بأن الانتخاب المباشر لرئاسة الوزراء سيشق الطريق لانتصار زعيم العمل في الانتخابات العامة. وعندما اتبعت لأول مرة طريقة "البطاقتين" (واحدة للمرشح لرئاسة الوزراء والثانية للحزب) في انتخابات 1996، انتصر بنيامين نتنياهو رغم أن حزبه حصل في تلك الانتخابات على مقاعد أقل من "العمل". تحول زئير انتصارنا عندما تبنى الكنيست طريقة البطاقتين إلى دقيقة صمت مع هزيمة بيريس.
السباق إلى التغييرات في جهاز القضاء بقدر ما تبدو في هذه اللحظة لصالح اليمين، قد تتحول سهماً مرتداً عندما تقوم حكومة وسط - يسار، في أيديها الأدوات لإضعاف صوت اليمين إذا ما أرادت استخدامها.
إن الركض المجنون إلى إضعاف حماة الحمى، وأولاً وقبل كل شيء المحكمة العليا، يمكن أن يتحول بعد زمن غير طويل نشيد حزن اليمين أو على الأقل عاملاً يؤدي إلى سقوطه في الانتخابات القادمة. فربط نتنياهو التخلي عن رئاسة الوزراء أدى بـ "الليكود" إلى أن يفشل عدة مرات بتشكيل حكومة جديدة. ونتيجة لذلك عمل على تعزيز "الصهيونية الدينية" بعناصر أكثر تطرفاً، كانوا يعتبرون حتى السنوات الأخيرة كمن يوجدون خارج المعسكر. هم بالفعل منحوه الأغلبية في الكنيست، لكنهم يدفعونه ليؤيد خطوات ستضعف جداً المحكمة العليا، وستمنعه من أن يقف في طريقهم لضم الضفة الغربية. وبالمقابل فإنهم يعملون على فكرة تقسيم منصب المستشار القانوني، كي يكون المدعي العام مستقلاً ويمكنه أن يسحب ملفات رئيس الوزراء لغرض "مراجعتها من جديد". هذا نوع من الابتزاز الذي يمارسه نتنياهو، إذ يجد نفسه يؤيد الآن الإضعاف الدراماتيكي للمحكمة العليا.
الصراع لا يقسم الشعب. فالشعب منقسم منذ زمن بعيد، ويمكن أن نرى ذلك في نتائج الانتخابات المرة تلو الأخرى. الصراع هو بين من يقترحون تغيير قواعد اللعب الديمقراطية، ولا يتأثرون بالمس بمكانة إسرائيل السياسية والاقتصادية حيال حلفائنا، والهبوط الكبير لإسرائيل في التصنيف الديمقراطي في العالم، وبين من لا يريدون أن نتحول إلى هنغاريا.
بالصراع على قواعد اللعب لا حاجة لتكرار الاصطلاح المتآكل والممجوج "وحدة الشعب"، فثمة حاجة للحوار وبذل الجهود من قبل الرئيس هرتسوغ الذي أرانا، هذا الأسبوع، الطريق إلى الحل. التوافق على القواعد هو الذي سيسمح لإسرائيل بأن تستعد للحسم في الخلاف الحقيقي الذي ينتظرنا - تقسيم البلاد.
وزير خارجية اسرائيل الاسبق
عن "إسرائيل اليوم"