شارك رئيس الوزراء د. محمد اشتية بافتتاح مؤتمر ميونيخ للامن الدولي بحضور المئات من كبار المسؤولين وقادة الرأي البارزين، والتقى الكثير منهم وبحث بالطبع القضية الوطنية وممارسات الاحتلال وتنكره لكل القوانين الدولية والانسانية ومتطلبات تحقيق السلام من خلال حل الدولتين، وقال اننا نواجه فراغا سياسيا وتصعيدا اسرائيليا غير مسبوق ، وطلب من الاتحاد الاوروبي العمل على خلق ما اسماه بالمسار السياسي الجاد الذي يرتكز على الشرعية الدولية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وخلال لقاءاته المختلفة ، اكد كل المسؤولين الاوروبيين على تضامنهم مع شعبنا وحقوقه واقامة السلام المبني على حل الدولتين، وبعد انتهاء هذه اللقاءات توجه اشتية الى مقر اقامته، كما عاد كل مسؤول الى بلده، ويا «دار ما دخلك شر» ، وعدنا الى واقع الاحتلال بكل انتهاكاته وغطرسته بانتظار مؤتمر جديد وتصريحات جديدة.
ان من المهم والضروري اطلاع الرأي العام على ما نعاني منه والمشاركة في كل المؤتمرات والندوات وعلى كل المستويات ولكن الاهم والاكثر ضرورة هو ماذا بعد وماذا علينا ان نفعل ميدانيا وعمليا ؟!
والجواب واضح وبسيط ، وهو ان الاحتلال لا يفهم غير لغة القوة ونحن كفلسطينيين وعرب ومسلمين نملك من القوة في مختلف اشكالها، ما يؤثر ليس على اسرائيل فقط ولكن على كل العالم وخاصة القوى والدول الداعمة للاحتلال بكل ممارساته.
علينا كفلسطينيين اولا وقبل كل شيء ، ان نستعيد الوحدة الوطنية ونعمل على تقوية جبهتنا الداخلية لتقف قوية في وجه الاحتلال ، وعلينا ايضا وفي غاية الاهمية اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية لكي ينزل كل الملتصقين بكراسي السلطة عن هذه الاوضاع لعل جيلا جديدا يجيء ويحكم ويملك ارادة مختلفة ويواجه بقوة الوحدة الوطنية كل ما يقوم به الاحتلال.
وان كنا نطلب من العرب ايضا ان يقفوا معنا بقوة فإن هناك مثال بسيط وهو تدفق النفط الذي يجيء معظمه من الدول الشقيقة وكذلك مليارات الدولارات التي تملأ البنوك الدولية ، وهذان الامران اي النفط والمال هما اقوى سلاح لا يؤثر باسرائيل فقط ولكن بكل العالم ونفوذه وهيمنته على السياسة.
ولو هدد العرب بالتلميح فقط عن نيتهم القيام بوقف تصدير النفط ،فإننا سنرى كيف يتهافتون لايجاد حلول سياسية عادلة للقضية الوطنية لضمان استعادة شريان الاقتصاد والمال الى دولهم.
لقد قلت مرارا ان كل يهود العالم هم بقدر عدد سكان القاهرة فقط ، تقريبا ، ولكنهم يسيطرون على اصحاب الرأي والقرار في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بصورة عامة ، وكل الاموال اليهودية تقل كثيرا عن الاموال العربية النفطية، كما ان الموقع الجغرافي الاستراتيجي للعالم العربي من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي يشكل قوة لا مثيل لها، ورغم كل هذه المعطيات ، فإننا نظل ندور بالحلقة المفرغة من البيانات والانقسامات والتشرذم.
اخيرا وليس آخرا ، اختصر الحديث بالعودة الى واقعنا الفلسطيني ، فإن كنا لا نملك التأثير على الموقف العربي بصورة عامة ، فإن مسؤوليتنا الوحيدة تقريبا ، والاقوى في كل الظروف المعروفة ، هي وكما قلت سابقا استعادة الوحدة الوطنية واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية والتوقف عن اجترار المطالب والحديث عن الحقوق التي لا يستمع اليها احد ونحن نكررها منذ عشرات السنين . ومرة اخرى اقول هل من يستمع ويستجيب ام ان هذا الكلام وامثاله هو طبل عند اطرش ؟!
إسرائيل التي تقفز في الفراغ
27 يوليو 2024