يديعوت احرنوت : صــافــرة إنــذار حــقــيــقــيــة

بن درور.jpeg
حجم الخط

بقلم: بن – درور يميني

 

 



هم أناس أذكياء. لكنهم يتصرفون بشكل خطير. هم ليسوا فاشيين. لكنهم يقودوننا إلى الفاشية. وهم أساسا يصعب عليهم أن يفهموا أن هذا ليس احتجاجا آخر. هذه صرخة. توجد لهم، لنتنياهو، لفين، روتمن، القوة للانتصار. وإذا ما أصروا لا سمح الله على مواصلة ركضهم المجنون والحاق الهزيمة بالاحتجاج سيكون هذا انتصارا أشبه بالهزيمة.
ستكون هذه علامة طريق في نهاية دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. الدولة لن تنهار بعد يوم من إقرار التشريع التعسفي نهائيا. الانهيار هو مسيرة. وبدلا من إيقافه، فإنهم يقودونه.
إسرائيل ليست هنغاريا وليست بولندا. التشبيه مردود. هاتان الدولتان يمكنهما أن تسمحا لنفسيهما بأن تصبحا اقل ديمقراطية بكثير. فهناك يدور الحديث عن المس بالمساعدة الأوروبية والمس بالاقتصاد وهذا هو. ليس لطيفا. ليس فظيعا. أما إسرائيل فهي في مكان آخر. لان إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يعمل ائتلاف يمتد من إيران والإخوان المسلمين وحتى الحملات التقدمية في الغرب لأجل إنهائها. وكلما تقدم التشريع التعسفي، فان نصرالله وأعداء إسرائيل يحتفلون أكثر. هم يفهمون ما نتنياهو، لفين، روتمن يصرون على ألا يفهموا – بأنا في ذروة حدث هو مس بالحصانة القومية.
وهم يفهمون بأن هذا لم يعد جدالا بين يسار ويمين وليس بين متدينين وعلمانيين. كما انه لا يهم إذا كان ثمة بضع جمعيات يسارية تشعل الاحتجاج وإذا كان بضعة استفزازيين يرفعون علم "م.ت.ف" وإذا كان سياسي جدي ما ينزل عن الخطوط ويجري تشبيها بين إسرائيل وألمانيا. لأن ما يقف خلف هذا الاحتجاج هو تخوف كثيرين وطيبين، وهم على ما يبدو الأغلبية من أن من شأن إسرائيل أن تغير وجهها. هذه لن تكون دولتهم. الاستعداد للخدمة العسكرية بعامة، وللخدمة القتالية بخاصة – سيهبط جدا. الأقوال باتت تسمع منذ الآن في المعركة الأولى. والمعطيات ستظهر في المعركة الثالثة. معظم التكنولوجيين الذين يقودون الاحتجاج لن يغادروا إسرائيل. لكن أبناءهم، بنسبة متزايدة سيجدون الطريق إلى الخارج. هم لا يريدون أن يعيشوا في دولة يوجد فيها قانون المخمر، الغبي والزائد حتى لو كانوا هم انفسهم لا يقتربون من المخمر في الفصح. ولا في دولة يتسع فيها عدم المساواة في العبء. ولا دولة يبتز فيها متفرغون حريديون ميزانيات تعليمية دون أن يعلموا المواد الأساسية. وقد ملوا. ببساطة ملوا أن يكون من يعرف ويساهم يتعين عليه أن يسحب على ظهره المزيد فالمزيد من المتملصين والعاطلين عن العمل. أهذه هي الرؤية الصهيونية؟ هذا تحطيمها. وعندما يضاف لكل هذه الطبخة أيضا المس بالديمقراطية – من شأن هذا أن يكون القشة التي تقسم ظهر الجمل. وهذه ليست قشة. هذه شحنة ثقيلة الوزن. وهذه القشة تتضمن ائتلافا مع تحكم حصري في لجنة انتخاب القضاة فيما هو واضح تماما بأن مثل هذه اللجنة ستعمل وفقا لإملاءات مجموعات ضغط من مركز الليكود.
يحتمل أن يكون الكثيرون من مبادري التشريع الجديد واثقين بكل قلوبهم بأنهم محقون وان هذه تغييرات واجبة لغرض فصل السلطات والحوكمة ولجم الفاعلية القضائية التي أصبحت كاسحة. لكن لا توجد شخصية واحدة من بين المنتقدين القدامى بذات السحق تؤيد التشريع الجديد الذي يستبدل سحقا قضائيا بسحق سياسي. "أروني كابحا واحدا، واحدا فقط، في القوة السياسية التي ستكون لكم أمام المس بالطائفة المثلية، إذا ما أجيز التشريع"، صرخ امس ممثل الطائفة المثلية، في نقاش في لجنة الدستور. احد لم يجبه. إذ لا يوجد جواب. إذ لن توجد حماية. إذ مع كل الاحترام لبتسلئيل سموتريتش الذي أعلن أنه هو من سيكون الذي لن يسمح بالمس بحقوق الإنسان، من الصعب قليلا الثقة بكاره الإنسان الذي في الماضي نظم مسيرة البهائم. إذن نعم، توجد حاجة للإصلاح. لكن ليس ذاك الذي يأتي مع نكهة دكتاتورية.
هكذا بحيث يكون ممكنا قبول قسم غير صغير من الحجج ضد جهاز القضاء. لكن في نهاية اليوم إذا ما نجح الائتلاف بالفعل في أن يمرر التشريع الساحق، فان الضرر سيكون مخيفا. هذه لن تكون هزيمة للاحتجاج. هذه ستكون هزيمة للدولة. هكذا نذكر مرة أخرى: نحن لسنا هنغاريا ولسنا بولندا. إسرائيل لا يمكنها أن تدفع الثمن الذي تدفعه تلك الدولتان على التشريع الساحق. لان عندنا الثمن قد يكون الخراب. الآن، منذ الآن، بدلا من الانشغال في تخصيب اليورانيوم في إيران وفي التصدي لاحتدام الأوضاع في المناطق بعامة، وفي القدس بخاصة نحن قلقون من المس بالديمقراطية.
إن رد رئيس الوزراء أمس كان من النوع الديماغوجي المعروف. فهل الزعران الذين سدوا الطريق إلى بيت تالي غوتليف يمثلون مئات آلاف المتظاهرين؟ أهو جدي؟ لكنه قال أيضا شيئا صحيحا. نحن في لحظة طوارئ، والمستشارة القانونية مشغولة بتفاهات "محظور عليك أن تتدخل". بنحاس فلرشتاين، من قادة غوش ايمونيم قال أمس: أنا أؤيد الإصلاح. لكن شعب إسرائيل لا يمكنه أن يتخلى عن المتظاهرين. ولهذا فاني مستعد لأن أتنازل عن أجزاء كبيرة من الإصلاح. هذا هو موقف الكثيرين في اليمين. لكن نتنياهو، لفين وروتمن يصرون على الاندفاع إلى مواقع الخراب. "هذه صرخة حقيقية"، كُتب على إحدى اليافطات في مظاهرة امس. هذا صحيح. لكن يجب أن يضاف: "هذه صافرة إنذار حقيقية".

عن "يديعوت أحرونوت"