هارتس : قانون انعدام الأهلية يضع رئيس الوزراء فوق القانون!

حجم الخط

بقلم: مردخاي كرمنتسر




فقد الائتلاف الاتجاه والبوصلة. فهو لا يعمل من أجل الشعب ولصالحه، بل لخدمة مصالح خاصة وغير شرعية لمجرم متسلسل ومتهم بقضايا خطيرة. مثل ولد صغير اكتشف لعبة وأصبح غير قادر على الكف عن استخدامها، هكذا الائتلاف يسيء استخدام صلاحيات الكنيست في سن قوانين أساس، وتعديل قوانين قائمة من أجل أن يستطيع آرييه درعي، رغم كل شيء، شغل منصب وزير في الحكومة الإسرائيلية وضمان حرية عمل غير محدودة لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لإلغاء محاكمته.
ليس من الغريب أنه من الصعب على الولد الصغير أن ينفصل عن هذه اللعبة؛ لأنه وجد طريقة لتطويرها: ليس فقط أنه يمكن إثارة الشغب بدون إزعاج، بل يمكن أيضا حبس الوالدين والمربية وهكذا لن يستطيعوا التدخل. يمكن الإقرار بأنه لا يوجد انتقاد قضائي لقوانين الأساس، وهكذا نحقق حرية غير محدودة لتشويش إجراءات الحكم. اقتراح تعديل قانون الأساس فيما يتعلق بعدم أهلية رئيس الحكومة هو أحد تعديلات قوانين الأساس، وهي التعديلات التي مرت والتي توجد في أنابيب التشريع، والتي كانت بدايتها قانون الأساس لمسح العار عن درعي، والذي لم يحقق غايته، واستمرارها بمحاولة إبعاد المحكمة العليا عن الانشغال بولاية وزراء ونواب وزراء.
حتى قبل أن يتم سن فقرة الاستقواء يظهر الائتلاف بأنه لا يكتفي بأن يلغي فعلياً النقد القضائي على القوانين، هو أيضا يتدخل في المراجعة القضائية لقرارات الحكومة الأخرى من خلال مصادرة سلطة المراجعة للمحكمة العليا. المنطق واضح: للمحكمة مثلما يرتسم في حلم الائتلاف يوجد وظيفة واحدة فقط وهي قول نعم وراء النظام. نظام الحكم حسب الرؤية الشعبوية، التي تم تبنيها، يعكس بحكم تعريفه إرادة الشعب ولا يستطيع أي جسم آخر إلغاء إرادته.
استهدف اقتراح رئيس الائتلاف، أوفير كاتس، ضمان ألا يصدر أي بيان من قبل المستشارة القانونية للحكومة بشأن "عدم الأهلية القانونية" بسبب المس بإجراء قضائي سبق ونص عليه قرار حكم. روح الفوضى، التي حلت بالائتلاف الذي حول نفسه إلى أداة لخدمة نتنياهو كمتهم بقضايا جنائية، تم التعبير عنها بصيغة الاقتراح: البديل الأول هو أن يخطر رئيس الحكومة الكنيست بشأن عدم أهليته، وكأن الأمر يتعلق بسيناريو شائع. هذا في الوقت الذي يدور الحديث فيه عن من حظر عليه شغل منصبه، وحسب الأغلبية فإن عدم الأهلية هذا، سواء أكان جسديا أو نفسيا، سيمنعه من الإبلاغ عن ذلك. مناحيم بيغن، الذي أعلن بأنه لم يعد يستطيع المواصلة، كان من هذه الناحية استثنائياً جدا.
الاقتراح أبعد من ذلك، وهو يمكّن رئيس الحكومة، الذي قرر الوزراء بأغلبية ثلاثة أرباع عدم أهليته، من معارضة بيان الحكومة. في هذه الحالة يقتضي الأمر أغلبية 90 عضو كنيست من اجل التغلب على هذه المعارضة. يتطرق هذا القانون إلى رئيس الحكومة، خلافا للواقع وكأنه انتخب شخصيا ومباشرة من قبل الأغلبية، ويميل بشكل مطلق لصالحها. حسب الاقتراح لن يكون هناك أي انتقاد قضائي لقرارات الحكومة والكنيست هذه. ولأن البيان حول إنهاء عدم الأهلية يجب أن يتم تقديمه من قبل الشخص عديم الأهلية أو الحكومة بالأغلبية الخاصة فإنه من غير الواضح ما هي العلاقة بين التعليمات المقترحة وبين التعليمات القائمة الآن، والتي تقيد عدم الأهلية المؤقت بمئة يوم، بعدها تعتبر الحكومة وكأنها مستقيلة.
آلية الإبلاغ عن عدم الأهلية تحصن رئيس الحكومة، الذي يتولى منصبه، وتقوض إمكانية الإبلاغ عن عدم الأهلية عندما يكون الأمر مبررا ومطلوبا. هو يسمح باستمرار ولايته حتى عندما لا يكون قادرا على شغل منصبه، لأسباب جسدية أو لأسباب نفسية. ثمة سيناريو حقيقي وهو أن رئيس حكومة كهذا سيواصل ممارسة مهمته تجاه الخارج في الوقت الذي توجد فيه مصلحة سياسية في ذلك، مثلا إذا كان الأمر يتعلق برئيس حكومة محبوب جدا من قبل الجمهور، ولا يوجد له بديل مناسب أو توجد مصلحة قوية لتجنب إجراء انتخابات. يكفي أن يعتقد ربع وزراء الحكومة زائد واحد أنه من الأفضل تجنب الإبلاغ عن ذلك؛ للأسباب المعيبة التي ذكرت أعلاه من أجل تحقق هذا الوضع. في الأوضاع الأمنية في دولة إسرائيل يمكن أن يكون هذا وصفة لكارثة وجودية.
في الوضع الذي يسيطر فيه الكذب المتشبه بالحقيقة وباسم تحسين الحوكمة فإن الائتلاف يفعل كل ما في استطاعته لترسيخ حكم لم يعد مؤهلاً كي يحكم كالعادة. في الوقت الذي توجد فيه ثقافة سياسية سليمة فإنه من غير الواضح على الإطلاق بأنه يجب تنظيم قضية عدم الأهلية بالقانون. في هذا الوضع يجب على أعضاء الحكومة أن يفعلوا المطلوب من اجل ألا يشغل منصب رئيس الحكومة شخص غير مؤهل لهذا المنصب. لا توجد هذه الضرورة في وضعنا إزاء واقع وجود وزراء حكومة مستخذين وغير مستقيمين وليس لهم عمود فقري. حساسية الائتلاف تجاه "النخبة" وتجاه كل من توجد له مهنية أدت إلى أنه لم يتم تضمين خبراء لصحة الجسد أو الصحة النفسية حسب الحالة في جهاز تحديد عدم الأهلية، الذين هم الأشخاص المناسبون لتحديد أن هذه الشروط المذكورة قد تحققت. حسب رأي الائتلاف فإن منتخبي الجمهور يعرفون أفضل من غيرهم في كل شأن، حتى في الأمر الذي ليس لديهم فيه أي فكرة.
بخصوص عدم الأهلية بسبب قرار المستشارة القانونية للحكومة – يدعي المقترحون لسبب ما بأن الأمر يتعلق بالمحكمة – من الواضح أن الأمر يتعلق بوضع استثنائي جدا والذي تكتنفه صعوبة واضحة، لكنه مطلوب في ضوء "الضرورة الحتمية". لنضع نصب أعيننا رئيس حكومة متهما بالاغتصاب ويعمل بصورة منهجية من خلال استخدام نفوذه ومكانته لإلغاء التحقيق معه والتشويش عليه كي لا تخرج الحقيقة إلى النور، هل يمكن التسليم باستمرار ولايته؟ الطبيعة المتطرفة والاستثنائية للحالة هي التي تجبرنا على الحاجة إلى وسائل استثنائية متطرفة. وحقيقة أن رئيس الحكومة، على اعتبار أنه رئيس حزبه، فاز في الانتخابات ويحصل على ثقة كبيرة من الجمهور، لا تضعه فوق القانون. فهي ليست رخصة لتدمير سلطة القانون.
إذا كان هذا هو الأمر في هذه الحالة فماذا سنقول عن الحالة المتخيلة لرئيس حكومة متهم بمخالفات جنائية خطيرة، حالة متطرفة واستثنائية لا يمكن أن تتحقق أبدا، انقلبت فيها التشكيلات رأسا على عقب وأنه بمساعدة أعضاء الائتلاف يقوم بحياكة انقلاب؟ هذا ضمن أمور أخرى، للسماح بوقف محاكمته، وعلى أي حال لضمان عدم إجراء محاكمة عادلة في قضيته من خلال تولي السلطة القضائية. بدلا من أن يخدم الشعب ويرسخ سلطة القانون هو يسيء استخدام قوة الحكم الموجودة في يده وفي منصبه من اجل مصالحه الشخصية ويصطدم من اجل ذلك مع مصالح الجمهور وسلطة القانون.
هل من المعقول أن نظام إنفاذ القانون سيكون عاجزا في هذا الوضع، ولا يمكنه منع هذه الفوضى، وحكم عليه بتقديم رقبته ليفعلوا بها ما يشاؤون؟ هل صدقوا من قالوا، إن الديمقراطية هي أسلوب غبي لأنها تسمح للأعداء بتدميرها؟ رغم أن عدم الأهلية القانوني يختلف عن عدم الأهلية الطبي – النفسي إلا أنه يوجد خيط يربط بينهما: روح الهراء التي تستحوذ على الشخص تتسبب بخسارة كاملة لقدرته على التمييز بين الخير والشر والسلوك الذي يتجاوز أي قاعدة. من وجهة نظر معينة فإن وضع غير المؤهل قانونيا افضل بكثير من وضع غير المؤهل لأسباب صحية. فغير المؤهل قانونيا توجد له سيطرة كاملة على أفعاله وبالتالي فإنه هو الذي يتسبب بنفسه بعدم أهليته. توجد السلطة في يده، ويمكنه في أي وقت أن يتوقف عن أفعاله السيئة، وأن يعيد الدولاب إلى الوراء ويعيد لنفسه الكفاءة الوظيفية.
الإعلان عن عدم الأهلية القانوني، حتى الذي يصمد أمام امتحان المحكمة العليا، يمكن أن يواجه بقرار رئيس الحكومة والائتلاف الذين يمكنهم الاحتجاج عليه. هكذا، يمكنهم إحداث أزمة دستورية غير مسبوقة. لا يوجد في ذلك ما من شأنه أن يمنع استخدام مثل هذا البيان كمخرج أخير. وإلا فإن سلطة القانون ستخضع لمن يدمرونها. ستلقى المسؤولية عن هذه الأزمة كلها على الائتلاف. من يدير هنا انقلابا غير شرعي هو رئيس الحكومة وحاشيته في حين أن المستشارة القانونية للحكومة والمحكمة ينشغلون في الدفاع عن الديمقراطية أمام من يريدون القضاء عليها. وإذا استمر الائتلاف في خطواته فان أزمة دستورية ستكون بالضرورة. الخوف الراسخ هو أن الأمر يتعلق بائتلاف ليست له كوابح ولا يمكنه أن يستدعي ضعفا واستخذاء. هو يجب عليه استدعاء موضوعية كاملة وتصميم مطلق. إذا لم نحافظ بكل القوة على حريتنا فهي لا يمكنها أن تحافظ علينا.

عن "هآرتس"