يديعوت : الأبرتهايد.. الهدف "الخفيّ" للانقلاب القضائي

حجم الخط

بقلم: رون بن يشاي

 

 



من المهم أن يعرف الجمهور الإسرائيلي ويستوعب أنه إلى جانب الأهداف المعلنة للانقلاب القضائي، فإنه يهدف، بصورة خفية، إلى وضع أساس قانوني يسمح بعمليتين سياسيتين، من شأنهما تغيير وجه دولة إسرائيل وطرق حياتنا بصورة لا رجوع عنها. العملية الأولى، الضم الجارف لكل المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر، من دون إعطاء المواطنة للفلسطينيين سكان الضفة الغربية. والمخطط التفصيلي لهذه العملية موجود في "خطة الحسم"، الوثيقة التي وضعها قبل خمسة أعوام -بوضوح ومنطق مخيفين - عضو الكنيست، آنذاك، والوزير الحالي بتسلئيل سموتريتش.
أما الخطوة الثانية فهي استخدام قانون أساس من أجل إدامة تقسيم مواطني دولة إسرائيل إلى 3 فئات: فئة العلمانيين - المحافظين (يشمل ذلك الدروز والأقليات الأُخرى)، تقوم بالعبء الأمني وتشكل شريكاً كاملاً في القوة العاملة، وتساهم في النمو الاقتصادي والضرائب. بينما الفئتان الأُخريان، العرب والحريديم، لا تتقاسمان العبء الأمني قط. ولا يشارك الحريديم في القوة العاملة، ولا يدفعون الضرائب لصندوق الحكومة، ولا للسلطات المحلية، لا بل يستقطبون الجزء الأكبر من ميزانية الرفاه ومليارات أُخرى من صندوق الدولة، عبر قنوات مختلفة. هذه العملية يقودها رئيس لجنة المال عضو الكنيست موشيه غفني، من حزب يهدوت هتوراه.
المؤشرات التي تدل على نية الشركاء السياسيين لـ "الليكود" الدفع بهاتين العمليتين اللتين ستحولان إسرائيل إلى دولة أبرتهايد موجودة في بنود الاتفاق الائتلافي. ويمكن القول إن غفني وصحبه لا يخفون نياتهم...
لكن التداعيات الأكثر خطورة هي في "خطة الحسم" لسموتريتش، التي نشرها في أيلول 2017... وكان عنوانها: "خطة الحسم: مفتاح السلام موجود لدى اليمين". يدّعي سموتريتش أن الفلسطينيين ليسوا مستعدين، ولن يصبحوا مستعدين في أي ظرف من الظروف للموافقة، لممارسة اليهود حقهم في تقرير مصيرهم الوطني بين نهر الأردن والبحر المتوسط. لذلك فشلت كل خطط الحل التي تعتمد على تنازلات إقليمية. وفي رأيه، من الحماقة تجاهُل الخصوصية القومية - الدينية الفلسطينية. وبدلاً من دولتين لشعبين، اقترح عضو الكنيست، آنذاك، تفعيل خطة من ثلاث مراحل لحل النزاع، من دون أن يتحول اليهود إلى أقلية ديموغرافية. الثمن: تقييد الحريات المدنية للمواطنين الفلسطينيين، وتوجيه ضربة خفيفة إلى النظام الديمقراطي في إسرائيل وصورتها في العالم.
وفيما يلي ملخص "خطة الحسم": بعد أن تقوم إسرائيل بخلق وقائع على الأرض وضم المناطق، لا يبقى أمام الفلسطينيين سوى 3 خيارات: الأول: البقاء في الضفة والعيش تحت السيادة الإسرائيلية في عدد من الجيوب - منطقة الخليل، وبيت لحم، ورام الله، ونابلس، وجنين. لا يُعتبر الفلسطينيون مواطنين في إسرائيل، بل مجرد سكان مقيمين (مثل العرب في القدس الشرقية)، شرط تعاونهم وعدم معارضتهم. الخيار الثاني: الفلسطينيون الذين لا يرغبون في العيش تحت حُكم إسرائيل، يغادرون طوعاً، وستقدم لهم دولة إسرائيل مساعدات مالية.
الخيار الثالث مخصص لمعالجة جذرية للفلسطينيين الذين يرفضون الخيارين السابقين: مع توجيهات قاطعة إلى أنه في إمكان الجيش القضاء على "المخربين" خلال وقت قصير، وقتل مَن يجب أن يُقتل، وجمع السلاح حتى الرصاصة الأخيرة، وإعادة الأمن إلى المواطنين الإسرائيليين"...
كي نفهم ماذا يجري في هذه الأيام في وزارتي المال والدفاع، يجب أن نقرأ القسم الأول من خطة سموتريتش، بعنوان: "حسم المستوطنات". في هذه المرحلة، ينوي وزير المال والوزير الجديد في وزارة الدفاع، حرفياً، إغراق أراضي الضفة الغربية بالمستوطنات والمستوطنين اليهود. وعندما يحدث ذلك، سيفهم الفلسطينيون أنهم لن يحصلوا على دولتهم، وسيضطرون إلى الاختيار بين 3 خيارات: حياة قمعية تحت سلطة إسرائيل، أو الهجرة، أو الموت شهداء.
هذا هو السبب الذي من أجله طالب سموتريتش، وحصل في المفاوضات الائتلافية على مطلبه، الإشراف على المستوطنات، وعلى حياة المواطنين في وزارة الدفاع، وهذا هو سبب الصراع العنيد الذي يخوضه ضد وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في كل مرة يجري إخلاء بؤرة استيطانية يهودية غير قانونية، أو لا يجري إجلاء البدو الذين يسكنون في خان الأحمر. هذه الصراعات، من وجهة نظر سموتريتش، ليست فقط موضوع الأنا، أو ليّ ذراع سياسية. هو مصمم على تنفيذ "خطة الحسم"، ولن يسمح لغالانت أو نتنياهو باعتراض طريقه. الانقلاب القضائي يهدف إلى إزاحة المحكمة العليا التي يمكن أن تشكل عقبة مهمة في الطريق.

عن "يديعوت"