ما الذي سيجبر إسرائيل العمياء على إنهاء الاحتلال؟!

121
حجم الخط


التواجد في الولايات المتحدة كان في صالح ميخائيل سفارد. فقد عاد من هناك وهو مملوء بالتفاؤل. «الاحتلال سينتهي في يوم ما». كتب هنا أول أمس، في مقال يبعث على إحياء النفس، حيث وصف بألوان وردية اليوم غير البعيد: كيف سينهار الاحتلال مرة واحدة، كيف ستتغير اسرائيل دفعة واحدة، كيف سيقول الجميع فجأة إنهم كانوا ضد الاحتلال. إن هذا يشعل الخيال والأمل، ويحفز ويشجع على النضال. هذا حدث في جنوب افريقيا وفي الاتحاد السوفييتي وبرلين. إلا أنه لن يحدث عندنا. إنه أمر مفرح قراءة سفارد. فمن السهل الانفتاح وتصديقه – وكم هو صعب أن يكون المرء متشائما.
مع ذلك، هناك عدة عوامل من شأنها أن تقرر مصير الاحتلال الاسرائيلي وإلابقاء عليه هنا. من الممكن ليس بشكل دائم ولكن من المؤكد لوقت طويل، أطول مما يتوقع سفارد بقلبه اليساري من منهاتن. انظر يا سفارد ما الذي يحدث هنا، كيف يعدمون فتاة عمرها 13 سنة أمام تشجيع الجموع الغفيرة. أو على الاقل صمتها – وبعدها تحدث عن نهاية الاحتلال.
لم يتوقع أحد نهاية الفصل العنصري في جنوب افريقيا. ولكن ذلك الابرتهايد لم يكن له حلفاء أقوياء بهذه الدرجة وممولون أسخياء كما يوجد للابرتهايد الاسرائيلي في المناطق. لم يكن هناك رئيس أميركي أهان نفسه أمام ذلك النظام السيئ وذهب ليلقي خطابا في سفارته في واشنطن. في خطوة مخجلة اخرى من الاندفاع أمام دولة لم تسر حسب نصيحته وسفير عمل ضده. كيف تجرؤ دولة على أن تتصرف هكذا أمام أعظم قوة في العالم – وباراك اوباما يستمر في تملق اسرائيل. بهذا الشكل لن يؤدي الى انهاء الاحتلال. حين تسن فرنسا قانونا يمنع مقاطعة اسرائيل، فمن الواضح أن الاحتلال سيبقى هنا ولن يقف في وجهه أي شيء. اسرائيل لن تضع حدا له برغبتها. ولم يسبق أن فكرت للحظة بفعل ذلك. العالم سيستمر في دفع الضريبة الكلامية على شكل خطوات مضحكة، مثل وسم منتجات المستوطنات. التي لا يتوقف عن الاعتذار بسببها. وفي نفس الوقت يستمر في تمويل وتسليح وتأييد استمرار الاحتلال.
هذا لن يؤدي الى إنهاء الاحتلال. لم يكن لجنوب افريقيا أحد مثلما هي الولايات المتحدة بالنسبة لاسرائيل. ولا اوروبا التي تشعر بالذنب. لذلك كان بالامكان القيام بحملة عقوبات دولية، الامر الذي تسبب في انهيار النظام العنصري في جنوب افريقيا. صحيح أن الرأي العام العالمي تغير، لكن وسائل الاعلام والسياسيين ما زالوا يخافون جدا من اسرائيل. وليس واضحا لماذا.
أمام الفظاعة الافريقية وقفت شخصيات لامعة مثل نلسون مانديلا. وليس هو وحده فقط، سود وبيض ايضا وبما في ذلك الكثير من اليهود، لم نشاهد مثلهم هنا. أقوياء ومصممون. اسرائيل قوية زيادة عن اللزوم، والفلسطينيون ضعفاء ومنقسمون. واحيانا يبدو أن قيادتهم قد تنازلت وخضعت. هذا ايضا لن يساهم في انهاء الاحتلال. المجتمع الاسرائيلي يسير بسرعة في الاتجاه المعاكس: القومية المتطرفة والعنصرية العميقة، الحياة بالانكار والكذب وغسل الادمغة، كيف يمكن توقع أن اسرائيل ستستيقظ من سباتها؟ ولماذا تفعل ذلك؟ إنها تستطيع الاستمرار في الاحتلال كما تشاء. فلماذا توقفه؟ ما الذي سيشجع المجتمع الاعمى على فعل ذلك؟ لماذا؟ من يهتم بالفلسطينيين؟ ومن يهتم بالعالم الذي هو لاسامي ويكره اسرائيل؟ لا يوجد في الداخل أو في الخارج أي علامات على الأمل، يا ميخائيل الغالي.
أكتب هذه السطور في غرفتي في الفندق في دبلين أمام البريد الذي بدأت فيه المرحلة الاخيرة في الصراع على الاستقلال، تماما قبل مئة عام. 750 سنة احتاجوا كي يتخلصوا من الاحتلال البريطاني الذي كان في ايرلندا، الأقل صلفا وقمعية من الاحتلال الاسرائيلي.