يديعوت احرنوت : ليلة "البلّور" في حوّارة..

ناحوم-برنياع.jpeg
حجم الخط

بقلم: ناحوم برنياع

 

 



تقطع الطريق 60 قرية حوّارة بالطول، وهي طريق تكون مزدحمة في معظم ساعات النهار: فلسطينيون في طريقهم إلى نابلس، ويهود في طريقهم إلى "ألون موريه"، و"إيتمار" و"هار براخا"، مركبات تابعة للجيش الإسرائيلي وحرس الحدود. يهود وفلسطينيون يترددون على مرآب السيارات والمحلات فيما يبدو، ظاهرياً، تعايشاً. أولاد يعرضون بضاعتهم على العالقين في السيارات. وخلف هذا الازدحام الصاخب يغلي "الإرهاب"، والفرصة سانحة. هليل فيغل وشقيقه يانيف قُتلا، أول من أمس، في سيارتهما. انتظر "المخرب" السيارة على جانب الطريق، اقترب منهما، وأشهر مسدسه وأطلق النار عليهما من مسافة قريبة جداً. قتل من أجل القتل، في وسط الطريق، وثمن مؤلم دفعته العائلة بخسارتها ولديها في يوم واحد.
ما جرى بعدها يجب أن ننظر إليه بحذر، لأننا نكتب قبل انتهاء الحدث، ولأن وقع الجريمة لا يزال حارقاً وصادماً. شبان يهود خرجوا للانتقام من سكان حوّارة والقرى القريبة منها. أُحرقت عشرات المنازل والسيارات، وجرى إطلاق النار على السكان. وأعمال كهذه، بصورة عامة، تذكرنا بما كان يطلق عليه سياسة "جباية الثمن". هذه المرة كان الثمن مضاعفاً ثلاثة أضعاف وجبى حجماً غير مسبوق. على الأقل قُتل شخص واحد، وأُنقذ الآخرون من منازلهم بمساعدة قوى الأمن، قبل لحظات من اشتعال النيران فيها، إنها ليلة "البلّور" [الليلة التي قام خلالها النازيون بمهاجمة محلات اليهود في ألمانيا] في حوارة.
تجسّد هذه الأحداث الحالة الشاذة التي تسود مناطق الضفة الغربية. ستلقي قوى الأمن القبض على "المخرب". إذا سلّم نفسه سيقضي طوال حياته في السجن، وإذا أطلق النار سيُقتل. الشبان الذين اقتحموا القرى يعرفون أن أيدي قوى الأمن مُكبّلة، وفي أقصى الحالات سيجري توقيفهم ليلة أو ليلتين. هم محصنون تجاه القانون: الخوف من الدولة لا ينطبق عليهم.
تظهر الصعوبة بصورة أكبر في الحكومة الحالية. وزيران رفيعا المستوى، بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، ردّا على مقتل الشقيقين بردود غاضبة. دعا سموتريتش الجيش إلى "ضرب القرى الفلسطينية بالدبابات والطوافات، من دون رحمة بصورة تجعلهم يدركون أن سيد البيت قد جّنّ"، وتباهى بن غفير بفرض عقوبة الإعدام على "المخربين" التي اقترحها على الحكومة. الشبان المشاغبون يمكنهم أن يروا فيهما وفي كتلتيهما دعماً أخلاقياً لأعمالهم. صحيح أن رئيس الحكومة دعا إلى عدم تطبيق القانون بصورة فردية، لكن بإمكانهم الاستماع لما يناسبهم فقط.
على الحكومة أن تقرر من هي، هل تتصرف بوصفها السيدة في "المناطق المحتلة" وهل هي مصرّة على تطبيق القانون والنظام على اليهود والعرب في آن معاً، أم أنها تُستخدم كورقة تين لـ"فتيان التلال" كي يفعلوا في "المناطق" ما يشاؤون؟ والسؤال عينه مطروح على الجيش أيضاً الذي في هذه الأثناء لم ينجح في التغلب على "الإرهاب" الفلسطيني ولا على الإرهاب اليهودي.
سموتريتش وبن غفير ينظران إلى مثيري الشغب في حوارة ويتذكران ربما نفسيهما: عندما كانا في عمرهم تصرفا مثلهم. هل نضجا؟ ربما، لكن ليس بصورة كافية. تتجه أعين الإسرائيليين والعالم يومياً إلى هذه الحكومة، التي تطالب من جهة بمزيد من القوة لنفسها، وبمزيد من الصلاحيات والحريات، ومن جهة ثانية تُظهر ضعفاً مثيراً للقلق في مجالات تملك فيها قوة. ما جرى في حوّارة نوع من اختبار.

عن "يديعوت"