من العقبة الى رمضان .. الطريق مغلق

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

 

لا أعرف إن كان لقاء العقبة الأمني ، سيستحق الحبر الذي كتب به و سيكتب عنه ، فعدا عن ان أمريكا هي التي اضطلعت بمسؤولياته ، و هي اليوم تنوء تحت ثقل مسؤولياتها ، فإن مستوى التمثيل كان متدنيا و مقتصرا على الامن . صحيح ان اللقاء توسع حتى شمل ممثلين أمنيين عن السلطة والأردن و مصر و إسرائيل ، الا ان اللقاءات الفردية بين كل هؤلاء لم تتوقف منذ عشرات السنين ، و شكلوا عبر كل هذه العقود محورا متجانسا في السلة الامريكية ، مناهضا و معاديا لمحور المقاومة الذي تقوده ايران و سوريا و حزب الله و اليمن و غزة بامتدادات فصائلية - حماس والجهاد والشعبية - في الضفة ، والتي أصبحت تعرف لاحقا باسم عرين الأسود وكتيبة جنين .

كان سبب اللقاء المباشر في العقبة ، هو تخوف إسرائيل من شهر رمضان الذي اصبح على الأبواب ، و ربما انها حصلت على تقارير استخبارية أمريكية و عربية وفلسطينية من انه سيشهد انتفاضة عارمة ، خاصة في ظل المجازر التي ارتكبت مؤخرا ، والتي تبررها إسرائيل بأن السلطة لم تعد قادرة على ضبط الأمور في هذه المناطق الامر الذي يخولها بالتدخل .

تخوف إسرائيل من رمضان ، انتقل للطاولة الامريكية ، ليكتشف المراقب ان تخوفات أخرى قد سبقت التخوف الإسرائيلي ، فالسلطة الفلسطينية لم تعد كما كانت عليه باديء عهدها ، خاصة بعد مجيء حكومة متطرفة تطلق لهيب حقدها على كل ما هو فلسطيني ، بمن في ذلك الاسرى في سجونهم ، والأموال ، والأرض ، والاقصى ، ناهيك عن انعدام أي افق سياسي امامها تستطيع به طمأنة الشعب الذي سلّم على ما يبدو بأبديتها ، بدون أي انتخابات رئاسية او تشريعية ، ناهيك عن الإضرابات النقابية التي انضم اليها مؤخرا قطاع المعلمين ، فدفع بأكثر من مليون طالب الى الشوارع .

تخوف إسرائيل والسلطة من رمضان ، رافقه على ما يبدو تخوف اردني ومصري ، فرمضان هنا هو نفسه رمضان عمان و رمضان القاهرة ، والظروف المعيشية في كلا القطرين لا تسر عدوا و لا صديق ، وقد خبر النظامان ارهاصات ثورات الربيع و غير الربيع ، في رمضان و غير رمضان ، و لهذا انضم كلا النظامين للقاء العقبة الأمني تحت شعار ضبط أوضاع الرمضان الفلسطيني ، و بدلا من ان تقوم أمريكا بحل أسباب احتمالية انفجار الأوضاع ذهبت الى ما يمكن ان يوترها أكثر مما هي متوترة و يسرع في انفجارها بأن تزيد من قوة السلطة الأمنية من اجل فرض سيطرتها على نابلس و جنين بدلا من كبح جماح دولة إسرائيل المتطرفة ليس إزاء الاستيطان والأسرى والمقدسات و أموال المقاصة ، بل إزاء ترسيخ برنامج انهاء الاحتلال و إقامة الدولة الفلسطينة على الأراضي المحتلة ، التي يتضح ذاتيا و موضوعيا انه لم يعد لها مكان . و أسأل قوى الامن المجتمعة في العقبة : ما الذي يبقي جثمان اسير بعد ربع قرن في الثلاجات ، و هو من حركة فتح ، و من قام باحتجازة حكومة السلام برئاسة لابيد وليس حكومة التطرف برئاسة نتنياهو . ؟؟؟؟