البيان السداسي الأوروبي..نكسة سياسية ضد القضية الفلسطينية!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 أصدرت 6 دول أوروبية بيانا "مفاجئا" حول التطورات التي تعيشها أرض فلسطين المحتلة، حمل تعابير ولغة سياسية تتجاوز جوهر قرارات الشرعية الدولية، بل ودول منها في مواقف سابقة.

البيان السداسي لـ "فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بولندا، المملكة المتحدة وإسبانيا" تحدث عن قلقها العميق إزاء استمرار "العنف وتكثيفه في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، مضيفا، (ندين بشدة "الهجمات الإرهابية" الأخيرة التي تسببت في مقتل "مواطنين إسرائيليين"، ولا يمكن أبدا تبرير "الإرهاب"، كما (ندين بشدة العنف العشوائي الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد المدنيين الفلسطينيين"، داعية إلى "إنهاء جميع الأعمال الأحادية التي تهدد السلام والتحريض على العنف").

البيان السداسي الأوروبي يكرس "انتكاسة سياسية جديدة"، بعد انتكاسة استخدام "الخارجية الأمريكية تعبير "الحرم القدسي / الهيكل" كتعبير رسمي لتهويد البراق منذ عام 2016، بعد اتفاق التقاسم الزماني المعروف باسم اتفاق "الكاميرات" في عهد أوباما وكيري، وما ورد مؤخرا في بيان مجلس الأمن الرئاسي، الذي تجاوز قرارات الأمم المتحدة حول الاستيطان والمستوطنين.

ولأن المسألة تتعلق بجوهر تعريف الصراع، ما كان يجب أبدا أن تصمت "الرسمية الفلسطينية" على ما جاء في البيان، وألا تصاب بخديعة دعوة وقف الاستيطان، لأن الجوهري في البيان شكل طعنة سامة للشرعية الدولية، عندما أدان العمليات الفدائية ووصفها بـ "الإرهاب"، وتلك مسألة لا يمكن الصمت عليها، وخاصة أنها في ارض فلسطين وضد محتلين غزاة، يرتكبون جرائم حرب يومية، ولذا وصف العمل الفدائي بتلك الصفة الأمريكية الإسرائيلية، يجب أن يتم رفضه جملة وتفصيلا.

البيان السداسي الأوروبي، يتحدث عن مساواة بين مواجهة المحتل بكل مظاهره، بما فيها المقاومة الشعبية، باعتبارها مظهرا من مظاهر العنف، يساويها بما تقوم به قوات جيش الاحتلال وأدواتها الإرهابية من الفرق الاستيطانية، وتلك ليست سقطة سياسية بل جريمة سياسية كبرى، عندما تضع تلك الدول نضال الفلسطيني بالتساوي مع جرائم الغزاة المحتلين.

البيان السداسي الأوروبي، يتحدث عن وقف الأعمال الأحادية من الطرفين، وهي العبارة التي باتت لازمة في غالبية البيانات الأخيرة، دون توضيح لها، رغم انه تعبير يحمل ظلالا سياسيا كامل الأركان، يساوي بشكل كامل بين دولة تحتل أرض دولة أخرى، معترف بها بالأمم المتحدة بعضوية رقم 194، لها مكاتب ديبلوماسية، وشعب يقاوم الاحتلال، والخطورة هنا في تعريف "الأعمال الأحادية التي تهدد السلام والتحريض على العنف"، عبارة تمثل إدانة كاملة للكفاح الوطني الفلسطيني.

البيان السداسي الأوروبي، وصل الى قمة الانتكاسة السياسية عندما تعامل مع "المستوطنين" بصفتهم "مواطنين إسرائيليين"، ما يترجم موضوعيا منح "الشرعية" للاستيطان فوق أرض فلسطين، ويعمم المفهوم الأمريكي المستحدث حول أن "الاستيطان" قضية نزاعية وليس عملا غير شرعي وغير قانوني ومظهر من مظاهر جرائم الحرب.

البيان السداسي الأوروبي، ليس فقط انتكاسة سياسية فلسطينية، بل محاولة مفاجئة لوضع "قواعد جديدة" لتعريف الصراع القائم، ومحاولة شرعنة "جرائم الحرب"، فيما تذهب لتجريم "المقاومة الشعبية الفلسطينية" بكل مظاهرها.

أن تصمت "الرسمية الفلسطينية" على ذلك البيان السداسي الأوروبي، بل ويخرج من بينها مرحبا بانتقاء عبارة منه، فتلك مصيبة سياسية، وعليها وسريعا أن تعلن رفضا كاملا لسياق البيان ومنطقه، وتعابيره التي تمثل ردة خطيرة جدا، وخاصة وأن الولايات المتحدة تعمل على تغيير جوهر مفاهيم الصراع لصالح تمرير بعد تهويدي في اللغة السياسية المستخدمة.

ربما بعض الفصائل والمؤسسات الأهلية، لا تذهب الى إدانة "البيان السداسي الأوروبي" لاعتبارات "مصلحية" تتعلق بدعم مالي لم يعد سرا، ولكن دور الرسمية الفلسطينية مختلف بصفتها التمثيلية، وعليها أن تعلن بوضوح وقبل فوات الآوان، ليس رفضا للبيان فحسب، بل وإدانة صريحة لما جاء به.

اللغة السياسية هي جزء أصيل من أدوات الصراع مع العدو القومي، ولذا محاولات تحالف الشر السياسي العمل بكل المظاهر لتمرير لغة جديدة تساهم في صناعة "وعي مشوه" كمقدمة لفرض "حل غير سوي".

ملاحظة: "راس الفاشية" في حكومة الكيان العنصري نتنياهو، تقدم بالشكر للإرهابي سموتريتش لأنه اعتبر حديثه عن محو حوارة "زلة لسان"...بعد 4 أيام ونتاج حملة كبيرة ضده طلعت معاه انها "زلة" ..زلة تزلزل دولتك يا بعيد!

تنويه خاص: تحية تقدير الى الصديق زياد النخالة لثقة أبناء حركة الجهاد به قائدا لسفينتهم ثانية، ومعه رفاق آخرون..بأمل ان تكون خطوة نحو تعزيز راية الكفاح الوطني ورفض "الانقسامية الوظيفية والانفصالية الكيانية".