منذ أن أصر "التحالف الفاشي الجديد" برئاسة نتنياهو، الذهاب للمس بواقع " النظام القضائي" والتدخل الحزبي المباشر في تركيبة المحكمة العليا داخل الكيان، وإسرائيل تعيش مشهدا غليانيا لم تعرفه ابدا، منذ عام 1948، فللأسبوع التاسع على التوالي تشهد مظاهرات بمئات آلاف يخرجون الى الشوارع.
والمثير في تلك المشاهد الاحتجاجية، اللغة السياسية التي أصبحت جزءا مكونا منها، حيث باتت تعابير "صراع داخلي" "حرب أهلية"، "صدامات دموية" "نظام ديكتاتوري" و"نازية جديدة"، مقابل وصف المتظاهرين بـ "فوضويين" "إرهابيين"، جزءا من الحركة المستمرة، لتصبح واقعا يوميا.
المشاركة في الرفض الحاد لموقف "التحالف الحاكم"، لم يعد حكرا على "سكان الكيان" فحسب، بل أصبح جزءا من "نقاش اليهود عالميا"، بصوت عال ومن خلال مقالات وتصريحات واضحة، كان آخرها ما كتبه الملياردير اليهودي الأمريكي مايكل بلومبيرغ، حاكم نيويورك السابق، وصاحب أحد أهم وكالات الإعلام، في صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الأحد، بأن نتنياهو يقود "إسرائيل نحو كارثة".
وبالطبع، أكد الرأسماليين الحقيقة الثابتة بأن "رأس المال جبان"، فسارعوا بعيدا عن "العواطف والوجدانيات" بسحب ما يقارب 6 مليار دولار قيمة استثمارات، ولا زال الأمر ساريا (هذا لا يشمل رأس مال عربي تسلل بعد اتفاقات التطبيع الأخيرة)، لخروج المزيد من الشركات والمؤسسات الاقتصادية، في ضوء مخطط تحالف نتنياهو.
ومع كل المظاهر السياسية الاقتصادية الغاضبة، وما بدأ انعكاسا على مسار الكيان، لكن الأبرز جاء من "المؤسسة الأمنية"، قادة سابقين أو عناصر فيما يعرف بـ "خدمة الاحتياط"، ودعوات متسارعة ومتسعة لرفض "الخدمة العسكرية" في جيش دولة الكيان، لتصبح ظاهرة، بعدما كان الإعلان عنها يعرض مطالبيها الى سجن وعقوبات، بل ورفض شعبي عام، لأنها تمس أحد مقومات الكيان ذاته، المؤسسة العسكرية.
ولأن المسألة لم تعد مقتصرة على حركة الاحتجاج والتظاهر التقليدية، بين معارضة وحكومة، تدخل رئيس أركان جيش دولة الكيان الجديد هرتسي هاليفي في الجدل القائم (لعلها المرة الأولى) وأعلن بلغة قاطعة محددة، في حديث مع نتنياهو ووزير الجيش غالانت وما يسمى بـ "المستوى السياسي"، حول ظاهرة انتشار رفض الخدمة العسكرية ، معبرا عن قلقه ومخاوفه إزاء ذلك ، وقال هاليفي إن "الظاهرة آخذة بالازدياد تجاه أبعاد مقلقة، محذرا من انتشار الظاهرة بسبب الاحتجاج على التعديلات القضائية بطريقة يمكن أن تضر بالكفاءة العملياتية للجيش الإسرائيلي".
وسريعا طالب غالانت بضرورة البدء بحوار بين المعارضة والائتلاف حول مشاريع القوانين الخاصة بـ "التعديلات القضائية"، قائلا "الوضع اليوم يلزمنا التحدث وبسرعة، نقف أمام تحديات خارجية ثقيلة ومعقدة، كل مطالبة برفض الخدمة العسكرية تضر بعمل الجيش الإسرائيلي وقدرته على أداء المهام".
لعل تصريحات رئيس أركان جيش دولة الكيان العنصري، التي تعتبر "مهنية" بامتياز" وسرعة تجاوب وزير الجيش معها، انعكاس للتطورات التي تشهدها إسرائيل، وفي حالة إصرار "التحالف الحاكم" على مواقفه برفض موقف "المعارضة" حوار مع وقف نقاش المشاريع الى تدخل "الجيش بالسياسة" بشكل مباشر، ويفرض مسارا خاصا، تحت شعار "عدم الضرر بالكفاءة العملياتية".
قبل عام من تاريخه، ما كان بالإمكان لرئيس أركان جيش دولة الكيان التعبير عن موقف له طابع سياسي، او يتدخل في نقاش حول قوانين أو غيرها، ولكن يبدو أن التطورات تخرج عن مسار الصمت التقليدي، والذي كسره يوما "رئيس أركان جيس الكيان" يهودا باراك عام 1993، بعد توقيع اتفاق "إعلان المبادئ" المعروف بـ "اتفاق أوسلو"، عندما اعتبره يمثل "خطرا على الأمن القومي الإسرائيلي".
تصريحات "هاليفي" تمثل رسالة سياسية واضحة كمقدمة للتدخل في قضايا جوهرية، بما يمكن وصفه بإشارة نحو "انقلاب عسكري ناعم"، لوقف مسار "التعديلات القضائية"، خاصة مع تجاوب فوري من وزير الجيش معها، فهل يحدث ما كان يوما جزءا من "الخيال السياسي"؟!
لا غرابة أبدا في حدوث "انقلاب عسكري ناعم"...فما حدث ويحدث منذ فوز "التحالف الفاشي الجديد" بين "يهود العالم" كان أيضا جزءا من "الخيال السياسي"، لكنه بات واقعا ملموسا ومكتوبا وممارسا.
نتنياهو وتحالفه أمام خيار واضح" التراجع الصريح" أو "الخروج الصريح"...و "الكلام الصريح" سيصبح للعسكر!
ملاحظة: البعض الفلسطيني معتبر أن التفاوض مع "تحالف الفاشية" قطع الطريق على "طرف" يريد تعبئة "فراغ".. الصح رفض كل حكي معهم..وخلي الفيران تقدر تطلع تعبي ..الفلسطينية شعب مش هفيه أبدا ولن يكون شو ما صار معه وله..بلاش هيافة يا هايفين!
تنويه خاص: حسنا فعل الرئيس عباس باستخدامه تعبير "الإرهاب الإسرائيلي" في خطابه بالدوحة...لكن الأحسن بيكون لما يعلن أنه حكومة نتنياهو هي قوة الإرهاب..لهيك بصفته رجل سلام يرفض الحكي مع "إرهابيين"..مش هيك برضه!