اسرائيل اليوم : اتساع الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي

لقطة الشاشة 2023-03-06 103924.png
حجم الخط

بقلم: عدي روبنشتاين


 

 

كانت هذه هي التظاهرة الكبرى منذ بدأت التظاهرات. أناس لم يسبق أن كانوا في حياتهم في التظاهرة، أناس لعلهم تظاهروا مرة واحدة في حياتهم، بل سياح جاؤوا ليروا هذه الظاهرة الغريبة. تظاهرات غير عنيفة لأناس من كل الأعمار، ومن كل إسرائيل جاؤوا كي يطلقوا صوتهم بشكل مؤدب. كم مؤدب؟ وزعت مئات الورود على أفراد الشرطة الذين حرسوا الحدث. نعم، في كل تظاهرة هناك حفنة ممن يبحثون عن العربدة وهدم الآخرين. لكن هذا يمكن قوله أيضا عن أجزاء في كنيست إسرائيل.
هناك الكثير من التفسيرات حول خروج مئات الآلاف إلى الشوارع. التظاهرات السابقة والعنف الذي اتخذه الشرطة نجحا في أن يوقظا اكثر الناس لامبالاة. فالتحريض منفلت العقال ليائير نتنياهو، الذي وصف المتظاهرين بـ"إرهابيين"، ترجم غضبا تحول إلى خروج إلى الشوارع مع علم إسرائيل. وأحداث يوم الأربعاء الماضي، التي اشتعلت فيه الأجواء لأول مرة وسجلت مواجهات عنيفة، أعادت الهواء إلى المتظاهرين. فقد شعروا لأول مرة بأنه في الكنيست بدأت الكراسي تهتز.
في أحاديث سمع فجأة بنك أهداف لم نسمعه قبل ذلك في هذه التظاهرات: "يسرنا أن نلتقي في صندوق الاقتراع"، "قريبا جدا في الانتخابات" أو "نأمل ألا يتراجع غانتس". وكان ثمة إحساس آخر، أول من أمس، في شارع كابلان في تل أبيب، بأن هذه المرة ستنجح التظاهرات. دفعة قصيرة أخرى ستجبر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على وقف الإصلاح. فلا يحتمل أنه يفضل بتسلئيل سموتريتش، الذي يدعو إلى محو قرية على سكانها، على مئات المواطنين الذين وقفوا هناك مع لافتات تقول، "أنا يميني لكني احرص على الديمقراطية". أو مئات المتدينين الذين جاؤوا للتظاهر، وأصروا على أن هذا ليس موضوعا سياسيا بل حرص صادق على الديمقراطية.
وللمفارقة، شعر المتظاهرون، أول من امس، بأنهم يمنحون بنيامين نتنياهو الفرصة للتخلص من العناصر المتطرفة برأيهم في الحكومة، فقط إذا ما أعاد الدولاب إلى الوراء.
في مساء السبت، في تل أبيب كان هناك حدث مسل جدا: كالمعتاد، فضل الشباب التل أبيبي والإسرائيلي بعامة حفلات المساخر ورائحة الكحول. من التظاهرات الأولى ننتبه إلى أن هذه أحداث يقودها الجمهور من كبيري السن، وليس مواليد بداية الألفية، الذين لسبب ما يتجاهلون ما يحصل في الدولة. "هل انت ذاهب إلى التظاهرة، يا صاحبي؟" هتفت نحوي متظاهرة في بداية العشرينيات من عمرها، وهي تحمل زجاجة في يد وسيجارة في اليد الأخرى وقليلا جدا من القماش على جسدها. فضل الشباب البقاء مُقنعين في الحفلات بينما الأكبر سنا فضلوا مواصلة الطريق نحو التظاهرة، ربما لأنهم لا يعتقدون بأن هناك سببا للاحتفال في ضوء ما يجري في الدولة في الأشهر الأخيرة. أما الشباب بالمقابل فمنشغلون بأمور أخرى والتظاهرات تعنيهم اقل. عمليا، يطرح السؤال ما الذي يعنيهم على الإطلاق؟ وسؤال آخر يكرر نفسه في كل هذه التظاهرات: أين الوسط العربي؟ هناك كبار السن لا يأتون، وبالتأكيد الشباب.
عندما ننظر إلى هذه التظاهرات يخيل لنا أن المجتمع الإسرائيلي عاد منذ الآن لأن يتفكك إلى قبائل.

عن "إسرائيل اليوم"