هارتس : الجيش الإسرائيلي يدخل الأزمة السياسية والقانونية

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل



النبأ الذي نشر، صباح أمس، في موقع "هآرتس" عن الطيارين في الاحتياط الذين اعلنوا تقريبا بصورة جماعية بأنهم لن يشاركوا في تدريبات يوم الاحتياط، يوم الأربعاء القادم، هذا النبأ يعكس نقطة فارقة دراماتيكية في نضال رجال الاحتياط ضد الانقلاب النظامي. بيان أعضاء سرب 69 في سلاح الجو يمكن أن يكون بالضبط بداية السقوط الذي خشيت منه الحكومة، التي توجد حاليا في ذروة تشريع دون كوابح.
يوجد لقيادة الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو أسباب خاصة بهم للقلق. هنا يظهر خوف مزدوج، سواء البدء بالمس بالجاهزية العملياتية للسلاح، والأخطر من ذلك بخصوص مصير التماسك الاجتماعي في الجيش الإسرائيلي. لفترة طويلة، كانت هناك محاولة للحفاظ بصورة نسبية على الجيش خارج الأزمة السياسية والقانونية الخطيرة. الآن، يمكن القول وبدرجة من الثقة، إن هذه الجهود فشلت.
حسب التقرير الذي نقل في البداية إلى قيادة السلاح فإن 37 طيارا من بين الـ 40 طيارا في الاحتياط اعلنوا بأنهم لن يشاركوا في التدريب في السرب، يوم الأربعاء القادم، بذريعة أنهم معنيون بمناقشة في ذاك اليوم تداعيات الأزمة في الدولة. فعليا فقط بعضهم تم استدعاؤهم لهذا اليوم، لكن الرسالة نقلت. حتى لو لم يكن هناك أي مس فوري بالجاهزية إلا أنه على المدى الأبعد سيتم الشعور به.
69 هو السرب القتالي الذي يرتكز على طائرات "راعم" (إف 15 آي)، وهو جزء من العمود الفقري التنفيذي في السلاح خلال سنوات كثيرة، منذ وصول طائرات "راعم" الأولى إلى إسرائيل في 1998. في العام 2007 شارك السرب في مهاجمة المفاعل النووي في سورية. قائد السرب في حينه، الذي كان يترأسه في حرب لبنان الثانية وبعد ذلك بدأ بالإعداد للعملية إلى أن تم استبداله قبل بضعة اشهر من الانطلاق، كان المقدم تومر بار، الذي هو الآن قائد سلاح الجو برتبة جنرال. بالنسبة لبار، الذي يحاول استيعاب واحتضان رجاله في الأزمة الأخطر التي عرفها الجهاز، باستثناء الحروب، هناك أيضا جانب شخصي بشكل خاص في بيان الطيارين.
العقيد ج. كان قائد قاعدة رئيسة في سلاح الجو إلى حين تسرحه من الخدمة النظامية مؤخرا. في الأسابيع الأخيرة هو ينشغل بتركيز نشاطات رجال الاحتياط في السلاح إزاء الانقلاب النظامي. في محادثة مع "هآرتس"، أمس، رفض تعريف الرفض و"الاحتجاج". هو نفسه لم يقرر بعد إذا كان سيشارك في الطيران في السرب القتالي الذي هو معين فيه وقال، "أنا في حيرة كبيرة" اعترف ج. الخطوات التي هو شريك فيها استهدفت حسب قوله الإظهار للقيادة العليا في سلاح الجو قوة الاستياء في أوساط رجال الاحتياط. في الثلاثين سنة من خدمته في السلاح، قال، هو لم يشاهد أي شيء كهذا. "لقد سبق لنا وشاهدنا أزمات ومشكلات، لكن الآن كل العمل يهتز".
حسب أقوال ج. "على الرغم من كل جهود السلاح للحفاظ على التماسك إلا أنه في نهاية المطاف الناس يعملون حسب ضمائرهم. نحن على اتصال مع الكثير من الطيارين. وقد كان هناك عشرات أرادوا القيام بخطوة مثل أعضاء سرب 69 في الأشهر الأخيرة. وقد طلبنا منهم الانتظار لأسبوع آخر وفيما بعد لأسبوعين. لم ننجح مع الجميع. كل يوم يمر العاصفة تستمر، ونحن نجد صعوبة بإمساك الناس. هناك الكثير من الطيارين يشعرون بأنهم اضروا بالاتفاق الأساسي جدا مع الدولة لأن هذه الخطوات تتم بشكل أحادي الجانب من قبل الحكومة من دون موافقة واسعة".
وقد أضاف ج. إنه أكثر قلقا في المرحلة الأولى على التماسك داخل السلاح من قلقه على القدرة العملياتية. "السؤال المطروح هو ما الذي يفعله هذا بين الناس وبين انفسهم. حتى قائد السلاح يقلق من ذلك"، قال. "ما الذي يفكر فيه التقني الذي ربما مواقفه هي معاكسة لمواقف الطيار الذي اعلن بأنه لن يشارك؟ هنا توجد أيضا تداعيات محتملة على أمن الرحلة لأن رجال طواقم الجو غاضبون. أنا اعرف عن طيارين في الاحتياط طلبوا تأجيل الطلعات، لأنهم غير واثقين بأنهم سيكونون مركزين بما فيه الكفاية للعمل بصورة مهنية وآمنة عندما يكونون في حالة هياج للمشاعر".
التطورات وضعت القيادة السياسية والأمنية في حرج معين. الجنرال بار ورئيس الأركان هرتسي هليفي لا يزالان يحاولان استيعاب الاحتجاج وعدم التصادم بشكل مباشر مع نشطائه في أوساط رجال الاحتياط خوفا من أن مواجهة مباشرة وعلنية فقط ستزيد الضرر للجيش وتجر إلى داخلها أشخاصا آخرين. المستوى السياسي تقريبا يصمت. هليفي تحدث، أمس، مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وحذره من أن ظاهرة الرفض وصلت إلى أبعاد مقلقة. وحتى الآن المستوى السياسي في أغلبيته صامت. نتنياهو نشر في حسابه في تويتر صورة مدهشة في صباه وكتب: "عندما يدعوننا للاحتياط فنحن دائما نلبي النداء".
هناك من يختلف أيضا على الدقة التاريخية في أقوال نتنياهو هذه حول نفسه. لكن هذه ليست النقطة الأساسية. الانقلاب النظامي، الذي أوصل الدولة إلى أزمة غير مسبوقة، يؤدي الآن إلى تداعيات خطيرة داخل الجيش. السياسيون يكتفون بالشعارات. وإذا لم يتحكم نتنياهو بنفسه ففي القريب يمكن، إضافة إلى جميع المشكلات الأخرى، أن يلحق الضرر الكبير بأمن الدولة، الذي ستمر سنوات إلى أن يتم ترميمه. في كل هذه الضجة يجب الاعتراف بأن أعداء إسرائيل في المنطقة يتابعون باهتمام كبير ذلك. بوتيرة تدهور كهذه لن يكون من المفاجئ إذا قرر أحد الأعداء أن يفحص إلى أي درجة تضرر مستوى الصمود للدولة أمام أزمة أمنية جديدة في الأشهر القادمة.

ملاحظتان
قضية سموتريتش: نجح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في توريط نفسه بدرجة كبيرة مع الإدارة الأميركية بعد أن عبر عن دعمه العلني لمحو قرية حوارة في الضفة الغربية، ردا على العملية التي قتل فيها الأخوان هيلل ويغيل يانيف في القرية في الأسبوع الماضي. سموتريتش في الحقيقة نشر منذ ذلك الحين أنصاف إنكارات وقال، إن أقواله لم تفهم كما يجب (وكأنه كان يمكن فهمها بطريقة أخرى)؛ لكنهم في واشنطن لم يتأثروا من ذلك. الموضوع على الأجندة ليس زيارته المخطط لها هناك، بل معاملة الإدارة الأميركية في السنوات القريبة له، وربما أيضا تعاملها مع كل الحكومة.
الأميركيون القلقون أيضا من احتمالية أن تسخن إسرائيل بدون تنسيق الساحة الإيرانية، يخشون الآن من أن يزيدوا حدة رسائل التحذير حول كل تصريح متطرف لأعضاء الحكومة بشأن المناطق. إحدى مشكلات نتنياهو هي أنه في وضعه هو لا يسيطر حقا عليهم.
حماية سارة: رغم الأزمة الدستورية ورغم الأخطار الأمنية، إلا أن هناك موضوعا واحدا فيه لا يفقد رئيس الحكومة الإصغاء للحظة، وهو مصالحه العائلية. في بداية الجلسة الشتوية للكنيست تم تمرير قرارات زادت بند نفقات عائلة نتنياهو. الآن يتم بذل الجهود في عمليات التشريع التي ستمكن من الحصول على تبرعات في الحالات التي يشتم فيها عن بعد تضارب للمصالح.
مساء أمس، صادقت اللجنة الوزارية لشؤون "الشاباك" على اقتراح تمرير الحماية لزوجة رئيس الحكومة وأبنائه لتصبح من مسؤولية الجهاز، ما لم يرغب فيه رؤساء "الشاباك" منذ أجيال. مهدت حادثة صالون الحلاقة في الأسبوع الماضي الطريق لهذه الخطوة بعد أن نجح رئيس الحكومة ومن يؤيدونه في عرضها دون أي أساس كمحاولة للفتك بزوجته. عائلة نتنياهو ربما تعرضت للإحراج في ميدان المدينة، لكنها كالعادة سارعت إلى النهوض ومحاولة الاستفادة من هذا الحادث بأقصى درجة.

عن "هآرتس"