لن يكون يوم 7 مارس /آذار 2023 كما غيره من أيام المواجهة الوطنية الفلسطينية، وليس يوما عابرا في مسار كفاحي لا نهاية له، سوى بتلك "الحتمية التاريخية" التي لا خيار غيرها، هزيمة العدو القومي وبناء فلسطين الدولة والكيان والهوية، ورسم جغرافيا سياسية جديدة في المنطقة، خارج دائرة الغزو والتطهير.
يوم 7 مارس، أقدمت قوات جيش "التحالف الفاشي" على اقتحام مخيم جنين لتركب مجزرة مضافة لما سبق ارتكابه من مجازر، فأعدم 6 من شبابه، وترك آخرين منتظرين الاستشهاد، وخرج قائد الطغمة الفاشية نتنياهو، سريعا ليزف خبر اعدام الفدائي الذي نفذ عملية حوارة ضد مستوطنين إرهابيين.
المجزرة التي ارتكبها جيش دولة العدو وحكومتها الفاشية، كشف ما يستحق ان يكون الدرس الأبرز فيما حدث، الى جانب "البطولة والتحدي"، وروح المقاومة والكفاح، فما تم كشفه، بان الشهيد الفدائي عبد الفتاح حسين خروشة من كتائب القسام (حماس)، ابن مخيم عسكر في نابلس، اختار مخيم جنين مكانا "آمنا" بعد تنفيذه عملية قتل إرهابيين مستوطنين في حوارة.
حركة اللجوء "الفدائي" التي رسمها عبد الفتاح ليست الأولى، فهمي سمة تتوافق وحركة النضال الوطني الفلسطيني، لكن ما وجب التوقف أمامه أن من احتضنه هم أبناء حركة فتح وأحد أبناء الأجهزة الأمنية، فكانت لوحة الاستشهاد لفرقة المواجهة في مخيم جنين، هي الدرس الأبرز، في ظل الحالة الانقسامية الفصائلية.
مخيم جنين كان دوما حاضنة الفعل الفدائي خارج الحزبية النمطية، سجلها خلال المواجهة الوطنية الكبرى 2000 – 2004، وتميزت علاقة أبناء فتح بعلاقة فريدة مع أبناء حركة الجهاد، وشكلت قواهم الفدائية ظاهرة خاصة، ولكن قدوم "الفدائي" القسامي خروشة قد يكون "المفاجأة" التي تستحق كثيرا قراءة قيمتها الوطنية.
رسالة الاستشهاد لا يجب أن تذهب مع حركة "وداع" شهداء المخيم، وأن تصبح خبرا ينتهي مفعوله مع أخر خارج من مكان اللحظة الوداعية الأخيرة، بل عليها أن تفتح "قوسا سياسيا" لما سيكون من فعل لا خيار للفلسطيني سواه، بعيدا عن "رومانسية اللغة"، وأيضا دون استخفاف بما كان أثرا.
رسالة مخيم جنين، الى قادة حماس، قبل غيرها، بأن حركة التخوين التي تعشعش في كل ما له صلة بوسائل إعلامها، وكتبتها وما تروجه علها تحقق بعضا من "ربح سياسي" لن يكون سوى "زبد يذهب جفاء"، وأن "خيال البديل السياسي"، والذي عاد يطل براسه عبر بوابات مختلفة، لن يكون سوى "لعنة أبدية" تلاحق كل من كان بها ومنها.
كان بالإمكان أن تخرج قيادة حركة حماس قبل غيرهم، ليس لتنعي "شهيدها الخاص"، وتمنحه ألقابا، بل أن تجسد القيمة الأبرز فيما كان ملحمة من أبناء فتح والجهاز الأمني، تجرم كل دعوات سادت بداخلها، ووهما تسلل الى بعض منها، بدفع من أطراف سبق أن تلاعبت بها، وتفتح صفحة جديدة ليس لغلق باب الاختلاف السياسي، بل لمنحه أفقا وطنيا، وليس رغبة انتقامية بدائلية.
كان لقيادة حماس، ولا زال، ان تخرج ببيان سياسي يحدد قواعد العلاقة الاختلافية، وأن تقف بقوة أمام كل من عمل أو يعمل لاستبدال جوهر الصراع، واعتباره مع فتح والسلطة الفلسطينية، وليس مع العدو القومي، في رسائل "حسن نوابا سياسية" لما بعد مرحلة عباس، وفقا لما "يوشوش" لها من هنا وهناك.
ليس مطلوبا القول كفى انقساما، فتلك دعوة لا قيمة لها راهنا، وربما لن تزول بنداء، بل تزول ببناء جوهري جديد، ولكن أن تقف لتعيد مواقفها نحو "الداخل الوطني"، وتعود لما برز يوما من روحية تقدم بها يحيى السنوار، معيدا ما سبقه توجها له المهندسين الشهيدين إسماعيل أبو شنب وعبد العزيز الرنتيسي، الذين دفعا حياتهما ثمنا، فيما تراجع السنوار أمام "ظلامية إخوانجية" كادت ان تطيح به من موقعه، فعاد بعيدا عن سياق مسار كان هو الأقرب للوطنية الفلسطينية.
رسالة مخيم جنين الى قيادة حماس، تستوجب التفكير في إدارة مسار الاختلاف الوطني بعيدا عن "حلم لن يكون"، فالوطنية الفلسطينية لن تقاد يوما بحركة طائفية، أي كان وزنها.
ملاحظة: ما فعله برلمان جنوب أفريقيا ضد دولة العدو من خفض تمثيلها الديبلوماسي معها، ردا على جرائم حربها ضد فلسطين..لن يكون صفعة ضد حكومة الفاشية الكريهة إنسانيا فحسب..لكنها صفعة للبعض العربي اللي بات أعمى بعيون أمريكانية.
تنويه خاص: لم يعد مفهوما استمرار "الحكومة الفلسطينية" بالاستخفاف بمطالب أبرز قطاعات الناس المهنية..في التعليم والطب..بلاش عناد في وقت كتير حساس.."دبرها يا مستر إم ..خلي ايدك تحل"!