معاريف : لا ديمقراطية ولا دكتاتورية بدون جيش

حجم الخط

بقلم: اللواء احتياط اسحق بريك

 


قبل أن ينشب الصراع على الإصلاح القضائي الذي تقوده الحكومة، كان وضع الجيش في أسوأ حال. ومنذ سنين والجيش يفقد أهليته وجاهزيته للخروج الى حرب إقليمية على أعدائه، حرب السيناريو حولها هو القتال في ست ساحات: إيران، حزب الله من لبنان، ميليشيات مؤيدة لإيران وجيش سورية، حماس والجهاد من غزة، نشوب انتفاضة ثالثة في يهودا والسامرة ونشوب اضطرابات لآلاف المشاغبين في داخل دولة إسرائيل. وفي الوقت نفسه الذي يكون فيه القتال في هذه الساحات التقدير هو انه ستطلق آلاف الصواريخ، المقذوفات الصاروخية، المسيّرات كل يوم بيومه على الجبهة الداخلية الإسرائيلية. كل ذي عقل عليه أن يتذكر انه بدون جيش جاهز للحرب لن تكون لنا لا ديمقراطية ولا دكتاتورية، ببساطة لن تكون لنا دولة.
يضيف الصراع ضد الإصلاح القضائي الزيت على الشعلة ويؤدي الى تفكك الصفوف، التكافل بين الإنسان ونظيره والإيمان بعدالة الطريق لجنود الاحتياط. هذه العملية تتغلغل الى الجيش النظامي وتمس مساً شديداً بدافع الخدمة في الأسلحة القتالية وبتحريك المقاتلين القتاليين في الاحتياط للخدمة في الجيش. عملية الرفض محظور أن تكون، الجيش ملزم بأن يكون فوق السياسة، هذه عملية تؤدي بيقين الى كارثة وطنية وإمكانية خراب البيت الثالث.
بدلاً من الاستعداد بكامل النشاط للحرب الرهيبة التي تقف امام أعتابنا، والتي قد تنشب في كل لحظة، نواصل الغرق عميقاً في مستنقع انعدام الزعامة العاملة لأجل إخراجنا من هذه الدوامة. الأنا ولَيّ الأذرع سيؤديان بإسرائيل الى حافة الهاوية دون طريق عودة. في هذا الصراع لن يكون منتصرون بل مهزومون فقط. حتى لو اعلن اي من الطرفين انتصاره فإن هذا سيكون انتصاراً اشبه بالهزيمة باطلة منفعته تماماً أمام الفوضى التي ستكون في الدولة وسيضر بكل قطعة طيبة: في الاقتصاد، في التعليم، في الصحة، في أمن مواطني اسرائيل وفي قدرتهم على الدفاع عن الدولة في وجه هجمات أعدائها.
نحن شعب يسير بوعي، بتصميم وبثبات نحو ضياع وطنه الذي صلى له على مدى ألفي سنة. بنينا بعرق جبيننا دولة قدوة وقاتلنا في سبيلها ببسالة وبتفانٍ بفضل مقاتلينا البواسل. قاتل جنودنا في أوضاع متطرفة، في غمرة المعارك وفي انعدام اليقين حتى عندما كان رفاقهم يسقطون الى جانبهم.
وواصل المتبقون لأنهم فهموا بأنه لا يوجد آخرون بدلاً منهم. آمنوا بعدالة الطريق، بمحبة الوطن، وبقيمة خدمة الدولة، وفهموا بان ليس لنا دولة اخرى، والاساس هو ان تعطي من نفسك للدولة وللمجتمع. وليس فقط ان تتلقى منها. هم كانوا مستعدين لأن يدفعوا بحياتهم كي يدافعوا عن الوطن، والكثيرون منهم لم يعودوا بسلام الى الديار. بفضلهم انتصرنا في حروب إسرائيل وبفضلهم نحن نعيش اليوم في دولة إسرائيل. هكذا فقط نتمكن من الانتصار في الحروب في المستقبل. كي لا نفقد دولتنا على السياسيين إلا يكونوا محقين بل حكماء. هذه لحظة اختبار لقيادة الدولة. إذا لم يوقف السياسيون تفكك الدولة وقضاءها نحبها، فسيذكر زعماء كل أطراف الطيف السياسي الذين يتحملون المسؤولية المباشرة او غير المباشرة في كتب تاريخ شعب إسرائيل بالسوء. وحده الحوار والوصول الى حل وسط بتوافق واسع كفيل بأن ينقذ الدولة من ضياعها. هذا الأفضل أن يبدأ بدل أن يكون متأخراً للغاية.

عن "معاريف"