في الثامن من آذار

تقرير: هل تخرج الحركة النسوية الفلسطينية من دائرة المشاريع المغلقة إلى العمل الجماهيري؟!

الحركة النسوية الفلسطينية
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

الثامن من آذار للعام 2023، عام المرأة الفلسطينية بامتياز، فتصاعد الحالة النضالية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، كان ورائها بلا شك ماجدات وخنساوات ومرابطات فلسطين، ونذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر، أم ناصر حميد وأم إبراهيم النابلسي وأم جميل العموري وخديجة خويص، مما أدى لاشتعال جذوة المقاومة وامتدادها رغم محاولات الاحتلال الإسرائيلي، لقتل فكرة المقاومة؛ لكِن كيف إذا كانت "الحاضنة للفكرة" الأم والأخت والزوجة والابنة والجدة الفلسطينية؟!".

في بعض الغياب.. حضور أكبر

لا يمكن أنّ ننسى تغييب الاحتلال لشهيدة الحقيقية، شيرين أبو عاقلة، بقتلها بدمٍ بارد أمام شاشات العالم، فكان "في بعض الغياب حضور أكبر". كما كانت تقول الشهيدة أبو عاقلة. فوصل صوت شيرين إلى العالم التي كرمتها الشعوب والحكومات والمؤسسات التعليمية وليس أخيرًا مجلس الوزراء باعتماد صورتها واسمها كبريد رسمي.

لكِن رغم الحضور القوي للمرأة الفلسطينية في كافة ساحات النضال الوطني، إلا أنّها لا تزال مستبعدة من مراكز صنع القرار سواءً في طواقم ولجان إنهاء الانقسام الفلسطيني أو على الصعيد الوطني لإنهاء الاحتلال؛ بسبب السلطة الأبوية للنظام السياسي الفلسطيني الذي يُماطل في إنجاز قوانين تُنصف المرأة؛ الأمر الذي يجعل الشعارات المناصرة للمرأة، شيكات بدون رصيد.

المناصرة الرسمية للمرأة الفلسطينية.. شيكات بلا رصيد

من جهتها، رأت مديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، آمال خريشة، أنَّ "التحدي الأبرز الذي يواجه الحركة النسوية في فلسطين، هو كيفية الاستفادة من تجارب 30 عاماً من الضغط على الحياة السياسية الفلسطينية الداخلية؛ لأنَّ تقسيم العمل الديمقراطي وإنهاء الانقسام شرطان أساسيان للنضال ضد الاحتلال".

الخروج للعمل الجماهيري

وقالت خريشة، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ المرأة تواجه تحدٍ آخر وهو كيفية الخروج بالحركة النسوية من دائرة العمل على مشاريع محددة، إلى العمل السياسي الجماهيري المتواصل في المخيمات والقرى وأماكن التصادم اليومي مع الاحتلال".

وأكّدت على أهمية التعامل مع أهداف الحركة النسوية ضمن رؤية اجتماعية ذات أبعاد ومضامين سياسية نسوية تضبط الاتجاه للمقاومة وتُعزز الصمود ضد الاحتلال، كما فعلت الحركة النسوية في محطات نضالية أبرزها انتفاضة 1987.

وأشارت إلى أنَّ إعادة البُعد الموضوعي في تقييم أداء الحركة النسوية، سيُساهم في تغيير القوانين والتشريعات وكل أدوات تشكيل الوعي الجمعي والفردي في المجتمع الفلسطيني باتجاه عدم التمييز ضد النساء.

وأوضحت أنَّ قطاع المرأة من القطاعات التي تُطالب بالعدالة والمساواة في التشريعات واتخاذ القرار وتوزيع الموازنات في كل مناحي الحياة الفلسطينية، مُضيفةً: "لكِن لم تتمكن من إحداث ثغرة في جدار النظام الأبوي السياسي".

وأكملت خريشة: "النساء مستبعدات من تشكيلات طواقم ولجان إنهاء الانقسام الفلسطيني، بالإضافة إلى عدم حصولهن على أبسط الحقوق في تطبيق قانون الحماية من العنف وفي تغيير قانون الأحوال الشخصية الذي تخضع له النساء في فلسطين بقوة القانون؛ رغم أنّها قوانين متخلفة، تعود لأكثر من 70 عاماً؛ رغم تغييرها من قبل الدول التي قامت بسنها آنذاك- تقصد أثناء حقبة الانتداب البريطاني على فلسطين-".

وخلصت إلى أنَّ الحركة النسوية دون أنّ تُعيد النظر في الأدوات المستخدمة؛ بمعنى الضغط دون الاندماج في قضايا الديمقراطية والنضال الوطني التحرري، ستبقى ضعيفة وتدور في الدائرة ذاتها؛ لكِنها ترى أنَّ الثقة بالمبادرات الناتجة من النساء الشابات التي يجب البناء عليها لتطوير عمل الحركة النسوية.

وذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في بيان له بمناسبة يوم المرأة العالمي، أنّ عدد الإناث في بلغ 2.70 مليون أنثى من مجموع السكان المقدر في منتصف عام 2022، وبنسبة بلغت حوالي 49%، فلسطين فيما وصلت نسبة الجنس 103.3، أي أن هناك 103 ذكور لكل 100 أنثى.

غياب الخطط الاقتصادية.. يُفاقم معاناة النساء

وبالحديث عن ارتفاع نسب النساء الفلسطينيات المعيلات لعوائلهن، في غياب المعيل سواءً بسبب الأسر أو الاستشهاد أو حتى بطالة الزوج، بيّنت خريشة، أنَّ نحو 13% من الأسر الفلسطينية المعيل الوحيد فيها هي المرأة لأسباب عديدة".

وشدّدت على غياب الخطط الاقتصادية التي تفصلنا عن اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي، وغياب التوجهات السياسية لدعم النساء في قطاع الزراعة والتعاونيات الزراعية؛ الأمر الذي يزيد من الأعباء الاقتصادية المفروضة على النساء.

ودعت الحكومة الفلسطينية إلى إعادة النظر، بوعود عديدة أبزها تفعيل صندوق التشغيل، وعدم تنظيم الدفاع عن حقوق النساء في القطاع غير الرسمي، الأمر الذي أدى لارتفاع نسب البطالة العالية في صفوفهن، مُحذّرةً في الوقت ذاته من غياب الحماية الاجتماعية للعاملات؛ خاصةً في منطقة الأغوار اللواتي يعملن في المستوطنات.

أبرز نجاحات الحركة النسوية

ولفتت إلى أنَّ كل العوامل الخاصة بالنساء فيما يتعلق بالبعد الاقتصادي غير مُتوائمة مع قانون العمل الفلسطيني، فالنساء غير موجودات في الغرف التجارية وغير موجودات في القطاع الخاص- تقصد صناعة القرار- كذلك لا يتم احترام العمل المنزلي -أيّ بدون أجر مدفوع يحفظ حقوقهن-، الأمر الذي يستدعي تغيير شامل وجذري للمنظمة الاقتصادية في التعامل مع النساء.

كما جدّدت التأكيد على أهمية التعامل مع قضايا النساء كمواطنات متساويات ولسن كنساء مواطنات بدرجة مُتدنية، فالمرأة إنسان ليست ظل ولا تابع.

وختمت، خريشة حديثها، بالإشارة إلى نجاحات الحركة النسوية في مبادرات عديدة، أبرزها قضايا العنف ضد النساء حيث أصبح النقاش مجتمعي وسياسي مفتوح؛ كذلك المطالبة بتعديل قوانين وبلورتها والاتفاق عليها كقانون العمل للنساء، ونجاحات في مجال التعاونيات، كذلك خوض شابات غمار الانتخابات المحلية التي جرت في الضفة الغربية وفوزهن فيها.