أهلاً بـ "قراقوش" في إسرائيل !

14_11_01_11_39_15
حجم الخط

في الثلاثينيات أو الاربعينيات حسب ما يُروى، اعترف ستة من اعضاء البوليتبيورو في الاتحاد السوفييتي سابقا بسرقة قلم شمس الشعوب، ستالين. وتبين فيما بعد أن القلم نُسي في جيبه. في اسرائيل اليوم، من اجل وضع الامور في نصابها، فان الحديث لا يدور فقط عن شخص واحد. انتظرت شرطة شاي عشرة ايام بعد أن منعت عزرا ناوي من اللقاء مع محاميه ببضعة ايام، ليقدم اعترافا مفصلا بأنه هو الذي تسبب بموت أبو خليل، الذي اشتبه فيه بتجارة الاراضي ومات في منزله نتيجة جلطة دماغية كما يبدو. آمل أن يتم اطلاق سراح ناوي من الاقامة الجبرية في منزله. فمع قليل من الضغط الجسدي المعتدل، السكين، أو المسدس ايضا سيعترفان أنهما تقمصا الجلطة الدماغية.   بحثت قليلا في المكتبة في محاولة لتعلم شيء من التاريخ عن وضعنا الكافكاوي (نسبة لكافكا)، ورغم ذلك فان المقارنة مع حقبة ستالين بدت لي مبالغاً فيها بعض الشيء. ووجدت أن فترتنا تشبه أكثر الفترة التي تسمى بالعربية «حكم قراقوش». والمقصود هو الاحكام الغريبة التي أصدرها قراقوش الذي سيطر في مصر قبل مئات السنين. المواطن الذي كان يأتي الى قراقوش ليشتكي كان يجد نفسه أحيانا يخرج من عنده وهو مُدان. لذلك توقف الناس عن تقديم الشكاوى كي لا  تتم ادانتهم.  يمكن القول إن قراقوش عبر عن نوع من الاستقامة. فحينما سقطت ملابسه عن حبل الغسيل في قصره تبرع بأموال الصدقات للفقراء، وقال إنه لو لبس ملابسه كان سيموت. لا تقلقوا، إن ملابس زعيمنا المحبوب في اسرائيل لا يتم تعليقها أبدا على الحبل بل تذهب في الطائرة فورا للتنظيف في لندن. يا بنيامين نتنياهو العزيز أنت لست بحاجة الى التصدق. ولنعد الى الوضع القراقوشي الخاص بنا. ها هو أبو مازن مثلا دخل وهو سعيد الى قاعة الجلسات. فهو المدعي هنا. وفي نهاية الجلسة خرج حزينا، حيث تحول من مدعي الى مدعى عليه. ليس فقط لأنه خرج بدون الارض، القدس، واللاجئين بل كان مطلوبا منه ايضا الاعتراف باسرائيل كدولة للشعب اليهودي. الحقيقة هي أن قراقوش يوجد في كل أنحاء الدولة. في المكان الذي يملأ فيه «الشاباك» كل ثقب في الضفة الغربية ويجمع المعلومات بنفسه، وتلقي السلطات بالمهمة على الجمعيات المدنية، حيث إنها بلهفتها المسيحانية تمنح صفائح القمامة الانتقادات الرسمية الممتعة. عدنا اليكم، الى ايام شاي التي سبقت قيام الدولة. وسائل الاعلام الحرة لدينا ايضا تعيش وتتنفس قراقوش. فبدل أن يقوم محققو «عوفده» باجراء التحقيق بأنفسهم فهم يعتمدون على تحقيق جمعيات اليمين. وبتوقيت ممتاز تشارك «يديعوت احرونوت» في السيرك: من قرأ العناوين السرية للتقرير الذي اقتبس أقوال الون ليئال في مؤتمر «نحطم الصمت»، اعتقد أن التسجيل السري لاقواله تم في مكان ما في طورابورا. إلا أن الاكثر قراقوشية في هذا المشهد هو الصحافيون المتخفون كيساريين يهاجمون بكل قوتهم ما يسمى «اليسار المتطرف» ويطلبون منه حساب النفس. أيها الصحافيون المتخفون الاعزاء، أولا، أظهروا لنا اذا كان يوجد يسار أصلا، وبعد ذلك سنبحث عن المتطرفين فيه. الحقيقة هي أنه يوجد هنا موقفان فقط فيما يتعلق بالاحتلال. الاول لمؤيديه المخلصين الذين يسيطرون على الحكومة وميزانية الدولة ومعهم مجموعة من المدافعين تشمل اغلبية المعارضة. الثاني لمعارضيه الذين اذا ترشحوا للكنيست تحت عنوان الاحتلال فقط، فمن المشكوك فيه أن يحصلوا على رجل واحدة لكرسي في الكنيست. القراقشيون الجدد يطلبون الآن من «نحطم الصمت» عدم اخراج الغسيل الوسخ الى الخارج، وفي المقابل هم لا يفتحون فمهم عندما لا يسمحون لهم بلقاء الطلاب والجنود. أهلا قراقوش.