هارتس : الجيش الإسرائيلي يفقد حياديته السياسية

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل


الجيش اكتشف أخيرا السياسة، وحول نفسه إلى طلائعي رئيس في الملعب الذي جلس فيه دائما على المنصة – للوهلة الأولى المبرر لتحطيم الأدوات ظهر مقنعا. الطيارون أوضحوا في هذا الأسبوع بأن الحكومة والكنيست قد خرقتا بشكل أحادي الجانب العقد الذي كان لهما مع الجيش، حيث إنهما قامتا بإلغاء الديمقراطية. لذلك، أي أمر يصدر عنهما يمكن أن يكون غير قانوني.
حوالي 200 طبيب في الاحتياط، الذين اعلنوا بأنهم لن يأتوا للخدمة، تمسكوا بتفسير مشابه. هم لا يستطيعون مواصلة الامتثال دون معرفة أن "الحكومة الحالية تعمل ضمن حدود الإجماع الوطني الديمقراطي الواسع مع الحفاظ على الطابع الديمقراطي والمساواة في دولة إسرائيل" ("هآرتس"، 6/3). هذا خطأ. الحكومة والكنيست في دولة ديمقراطية لا يوجد لها أي عقد مع الجيش حول ترتيب إدارة الدولة، وحجم الإجماع المطلوب لتطبيق سياستها وطبيعة الديمقراطية فيها. الإجماع هو ضمن السلطة الحصرية للمواطنين.
فقط في دولة غير ديمقراطية الجيش يأخذ لنفسه صلاحية "الحفاظ على الديمقراطية" وكأنه كان جسما منتخبا. في تركيا، في شباط 1997، وضع الجيش إنذارا نهائيا أمام رئيس الحكومة المنتخب، نجم الدين أربخان، من الحزب الإسلامي. فقد طلب منه الموافقة على 18 طلبا استهدفت تقليص بصورة جوهرية تأثير الدين في الدولة. الجنرال تشفيك بير، من كبار القادة في الجيش والشخص الذي أدار العملية أوضح بأنه "في تركيا يوجد تزاوج بين الإسلام والديمقراطية. الطفل الناتج عن هذا التزاوج هو العلمانية. هذا الطفل يصاب بالمرض بين حين وآخر. القوات المسلحة في تركيا هي الطبيب الذي يقوم بإنقاذ هذا الطفل. طبقا لخطورة المرض نحن نعطي العلاج المطلوب لضمان شفاء الطفل".
حركات الاحتجاج وملايين المواطنين في إسرائيل الذين يخافون من الانقلاب النظامي، يتمسكون، الآن، بالجيش، لا سيما بالوحدات المختارة فيه على اعتبار أنها سلاح يوم القيامة الذي من شأنه أن يردع الحكومة عن تأسيس ديكتاتورية دستورية. يبدو أن هذا تحالف حيوي وجدير. الديمقراطية الدفاعية من حقها استخدام كل الوسائل المتاحة لها، حتى لو أن الأمر كان يتعلق بجسم غير ديمقراطي بشكل واضح واستخدام غير ديمقراطي للقوة. "الطفل مريض"، نحن مضطرون إلى إنقاذه، حتى إن كان العلاج مرا. لكن هذا تحالف خطير. فهو يعرض الجيش للخطر، ويجب علينا التقرير لمن يخضع، هل يخضع للمحكمة أم للحكومة، كما قال قائد سلاح الجو السابق، اليعيزر شكدي، في مقابلة مع كيرن مرتسيانو. الأكثر خطورة من ذلك هو أنه يجعل المواطنين ينقلون للجيش الصلاحية لرسم "الخطوط الحمراء" وصياغة بنود العقد السياسي – الاجتماعي الذي سيكون موجودا في إسرائيل.
يجب الذكر بأن الجيش، "الشاباك" و"الموساد"، لم يكونوا رأس حربة الاحتجاج. فقد انضموا فقط بعد أن أدركوا عظم الخطر الذي ينتظرهم من التشريع الهستيري، الذي سيسقط السور الدفاعي القانوني الذي يحيط بهم. يبدو أيضا أنهم لا يثقون جدا بالمواطنين المحتجين في أن ينجحوا في المهمة، لأنهم الآن هم الذين أخذوا القيادة وتحولوا إلى الجسم الممثل والمنظم الوحيد للاحتجاج. النتيجة هي أن رئيس الأركان، هرتسي هليفي، وقائد سلاح الجو، تومر بار، هما اللذان يسيطران على القوة التي يمكنها فرض الحوار، ووقف التشريع وتقرير كيف سيكون وجه الإجماع في إسرائيل.
هذه عملية يمكن أن تكون عملية لا رجعة فيها. لأنه حتى بعد أن يعود الجيش إلى الخيام والطيارون إلى التدريبات، هم لن يكونوا مرة أخرى الجسم الحيادي المطيع، أي الجسم المخول بالتعبير فقط عن رأيه في الشؤون الأمنية. أي حكومة لا يمكنها تجاهل إطار الإجماع الدستوري الذي سيمليه الجيش. الجنرال التركي بير وصف ذات مرة تدخل الجيش في السياسة بأنه "تصحيح ميزان الديمقراطية". صيغة مهذبة تأسر، الآن، قلب الاحتجاج في إسرائيل. من الجدير فقط فحص الثمن الهستيري الذي دفعته تركيا عن ذلك.
عن "هآرتس"