في السنة والنصف التي كان فيها نائب رئيس الأركان وقام بإعداد نفسه للمنصب القادم وهو رئيس الجهاز العسكري، كرس هليفي الكثير من الوقت للنقاشات في وزارة المالية في محاولة لحل خلافات قديمة بين الجيش والمالية، التي ستمكنه من تنظيف الطاولة وإبقاء هذه القضايا وراءه. لقد شخّص الصراعات التي لا تتوقف حول التقاعد وجيل التقاعد وميزانية الدفاع كضجة يجب تحييدها وعدم تدحرجها من رئيس أركان إلى رئيس أركان آخر.
هليفي نجح في ذلك. فقبل بضعة أسابيع تم إغلاق إطار الميزانية ومبادئ الخطة متعدد السنوات للجيش الإسرائيلي، التي في أساسها زيادة بـ 40 مليار شيكل وسلسلة من التفاهمات في مجال التقاعد ومكافأة الضباط الشباب وتقصير مدة الخدمة الإلزامية. هليفي كان على قناعة بأن هذا الإنجاز سيوفر له الهدوء في نضاله من اجل الحفاظ على نموذج جيش الشعب كي يتمكن من التركيز على المهمة الرئيسية للجيش الإسرائيلي وهي الدفاع عن أمن إسرائيل.
مشكوك فيه إذا كان قد خمّن بأنه في الوقت الذي سيغلق فيه دائرة الميزانية سيظهر أمامه تسونامي، حتى وحدات الاستخبارات الخاصة في الجيش لم تتوقعه، أزمة خطيرة في جهاز الاحتياط، وبالأساس في وحدات مختارة، بسبب الانقلاب النظامي.
مؤخرا ينزل على طاولة هليفي المزيد من رسائل رجال الاحتياط في عدد من المنظومات الحاسمة لأمن الدولة، التي يحذرون فيها من أنه إذا تم تمرير الانقلاب وإسرائيل تحولت إلى دولة ديكتاتورية فإنهم لن يخدموا في الاحتياط. إذا اعتقد هليفي بأن موضوع الميزانية هو عقبة كأداء فقد اكتشف بأن الانقلاب النظامي حدث اكبر بكثير.
هذا ليس رفضاً لمهمة واجهها الجيش في السابق. لا توجد مهمة معينة تتسبب بموجة المعارضة الحالية للخدمة في الاحتياط. هذه ليست سياسة الجيش، اختيار الأهداف أو طبيعة المهمة. هذا احتجاج من النوع الذي لم يواجهه الجيش في أي يوم. فهو احتجاج لا يتعلق بقرارات تتخذها الحكومة في مجال غير امني، بل يتعلق بطبيعة النظام. رئيس الأركان توجد له قوة كبيرة وتأثير عندما تتعلق الأمور بشؤون الأمن، وحتى بشؤون الميزانية، لكن الاحتجاج الحالي يضعه في وضع معقد أمام الحكومة في مجال توجد له فيه أدوات اقل. عملياً، الأداة الوحيدة التي توجد لديه هي القول لرئيس الحكومة ووزير الدفاع: الكرة في ملعبكم.
هذا ليس الأمر الوحيد الذي يفعله. هليفي وقائد سلاح الجو تومر بار يلتقون مع رجال الاحتياط ويتحدثون معهم ويستخدمون الضغط، وعلى الأقل في حالة السرب 69 فإن هذا الأمر عمل على تهدئة النفوس قليلاً، بعد أن اعلن 37 طياراً في الاحتياط في السرب من بين الـ 40 طياراً في بداية الأسبوع الماضي بأنهم لن يشاركوا في التدريب في إطار الاحتياط، وأنهم بدلاً من ذلك سيعقدون في يوم الاحتياط تظاهرة أمام مكاتب الحكومة، فقد تراجعوا أمس وقرروا المجيء في الغد إلى الاحتياط وإجراء حوار مع قادتهم.
من الصعب تفويت ما وراء السطور في رد الطيارين فيما يتعلق بمن سيثقون (وبمن لا) وأي نوع من الدولة سيواصلون خدمتها (وأي دولة لا). لذلك، حتى لو ظهرت هذه الأزمة وكأنه تتم إدارتها إلا أنها ما زالت تبقي رئيس الأركان في معضلة صعبة بخصوص معالجة رجال الاحتياط الذين لم يكونوا مستعدين للامتثال لو أن الانقلاب النظامي تم تنفيذه. في الوقت نفسه هليفي أيضاً كان يمكن أن يكون الشخص الذي يدافع عن كرامة من يخدمون في الاحتياط أمام الوزراء البائسين وأمام نجل رئيس الحكومة، الذين يتطاولون عليهم.
إذا اعتقد هليفي أن التحديات التي ستشغله هي اكثر أمنية واقل اقتصادية، لأن هذه تم حلها، فسيكتشف بأنه طالما أن هذه الحكومة موجودة والأعضاء فيها يتحدّون بنية النظام والتعامل مع من يخدمون في الاحتياط – فانه توجد لديه ساحة أخرى لإدارتها. هذه ساحة جديدة وغير معروفة إزاء الظروف التي تطور فيها. مؤهلات القيادة والحكمة المنسوبة لليفي لن تكون كافية لإدارتها.
حتى لو تم التوصل إلى تسوية فان الخروج من الصندوق من قبل رجال الاحتياط الذين اتخذوا موقفاً وحتى يهددون بعدم الخدمة، هو إزعاج سيرافق الجيش لفترة طويلة. مشكلات الجنود النظاميين ورجال الخدمة الدائمة قام هليفي بحلها. لكن مشكلات منظومة الاحتياط في الظروف السياسية لحكومة يمينية – حريدية – حريدية قومية ثملة بالقوة، فإنه فقط بدأ في مواجهتها.
عن "هآرتس/ ذي ماركر"