اسرائيل اليوم : حان الوقت لتلغي إسرائيل "حالة الطوارئ"

يوسي بيلين.jpg
حجم الخط

بقلم: يوسي بيلين

 



حقاً حان الوقت. لو كانت نية "التسونامي الدستوري" الحالي حقاً هي التوازن بين صلاحيات السلطات المختلفة، لكان أول أمر هناك حاجة لفعله هو إلغاء وضع الطوارئ الخالد. الوضع الذي تكون فيه اللوائح والأوامر التي تصدرها الحكومة، بجرة قلم، تتغلب على تشريع الكنيست دون اي صلة بينها وبين اي طوارئ.
وضع الطوارئ الذي قررته الحكومة في 19 أيار 1948 (!) استهدف أساساً منع التأخيرات والعوائق في توريد البضائع الى البلدات المنقطعة، ومنذئذ نسينا إلغاءه.
لا توجد أي دولة ديمقراطية في العالم تبقي على وضع رسمي دائم من الطوارئ على مدى سنوات طويلة بهذا القدر. في كل سنة يبعث وزير العدل بطلب الى لجنة الخارجية والأمن في الكنيست لتمديد الإعلان عنه سنة إضافية، ويقبل طلبه وكأنه لا يمكن الإعلان عن وضع كهذا فقط في الوقت الذي ينشأ فيه-لا سمح الله -وضع طوارئ حقيقي. غير أن المشكلة ليست فقط في الصعوبة الحنينية لوداع تعريف هذا الوضع كخالد بل في أنه يمنح الحكومة قوة من المحظور منحها إياه حيال الكنيست.
عندما بدأت في عملية قطع العلاقة بين وضع الطوارئ وبين جملة القوانين والاوامر المتعلقة به، طلبت من الكنيست تمديده نصف سنة فقط، على أمل استكمال الخطوة في هذه الفترة القصيرة. في ذاك الوقت كان هناك 20 قانوناً نبع سريان مفعولها من وجوده و 225 أمراً كهذا. بعد نهاية ولايتي واصل بعض وزراء العدل التالين المهمة، واليوم يدور الحديث فقط عن خمسة قوانين متعلقة بالطوارئ و 16 أمراً متعلقة به (حسب معطيات المعهد الإسرائيلي للديمقراطية).
والآن يدور الحديث عن خطوة أسهل بكثير، يمكنها أن تعزز الكنيست ولا تجعل جهات ستتضرر بأوامر الطوارئ، عديمة الوسيلة وبدون المحكمة لإنقاذها (اذا ما أجيزت لا سمح الله فقرة التغلب). لعناية قادة الإصلاح المجنون.
بتسلئيل سموتريتش، عضو الكابينت، وزير المالية ووزير في وزارة الدفاع، يسافر الى أميركا. بعد تصريحاته، وأساسا بعد اعتذاراته في موضوع حرق حوارة، من المعقول الافتراض بأن زيارته لن تعنى الا بمحاولة عديمة الأمل للشرح بأنه لم يقصد ما قاله. سبق أن قالت الإدارة الأميركية كلمتها، ولا يمكن لاحد في الإدارة أن يلتقيه. زعماء يهود بارزون طلبوا ألا يسمح له بالدخول الى الولايات المتحدة. هو نفسه يشرح بأن ليس له اي نية للقاء المسؤولين، بل أن يظهر في مناسبة لمشروع البوندز.
في المالية يقضمون أضفارهم منذ الان، وليس بالذات بسبب ما من شأن سموتريتش ان يقوله لوسائل الاعلام الأميركية او في اثناء خطابه، بل لأن كل ظهور لمسؤول إسرائيلي عن مشروع البوندز يكلف المالية مالا كثيرا. لقد كانت الفكرة الاصلية عبقرية – كانت إسرائيل تجد صعوبة كبيرة في الحصول على قروض تجارية فور قيامها، وكانت ثمة حاجة ماسة للأموال لأجل استيعاب جموع المهاجرين. في ايلول 1950 اقترح بن غوريون إقامة إطار (سمي "مشروع إقراض الاستقلال والتنمية")، يبيع سندات استثمار إسرائيلية ليهود أميركا بفائدة أعلى من فائدة السوق. نجحت المهمة، وبالفعل، في السنوات الأولى للدولة وصلت الى إسرائيل أموال كثيرة ساعدتها سواء في الاستيعاب أم في تنمية البلاد، وفضلاً عن ذلك جعلت هذه السندات جزءاً من الارتباط بين يهود أميركا وإسرائيل: تنمية إسرائيل كانت أيضاً مشروعهم.
ولكن بالضبط مثلما في قصة وضع الطوارئ الخالد، هكذا أيضاً تحول مشروع البوندز من ذخر الى عبء: منذ عشرات السنين تتلقى إسرائيل قروضاً تجارية بفائدة أدنى بكثير من فائدة سندات الدين؛ فمعظم سندات الدين لم يعد يشتريها يهود، بل أساساً صناديق ترى في ذلك استثماراً مجدياً جداً. الفائدة العالية التي على إسرائيل أن تدفعها لأصحاب البوندز هي التي تدفع رجال المالية لان يؤيدوا إلغاء العبء الزائد على ميزانية الدولة.

عن "إسرائيل اليوم"