"اتفاق بكين".."وثيقة جنين" و"الغضب" في إسرائيل ..ملامح لمشهد مختلف!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 مثل السبت 11 مارس 2023، يوما خاصا للتحدي السياسي العام داخل دولة الكيان، بعد عملية "ديزنغوف"، بعدما اعتقد البعض انها ستكون رسالة تعطيل لحركة الغضب الشعبي، وتخدم مخطط ما بات يعرف بـ "الانقلاب القضائي"، لكن المفاجأة الكبرى، ان أرقام المشاركين في مظاهرة التحدي يوم السبت (48 ساعة) بعد العملية، وصلت الى رقم تاريخي قارب النصف مليون مشارك، وفقا للإعلام عبري.

الدلالة الأبرز هنا، أن "الغاضبين" أرسلوا رسالة صريحة للتحالف الفاشي بقيادة الثالوث "نتنياهو – سموتريتش – بن غفير"، ان الحركة مستمرة، ولن يقف أمامها سوى وقف "الانقلاب"، والذهاب الى صفقة "الإقرار بالذنب" من قبل نتنياهو، لتأمين "الخروج الآمن" من الحياة السياسية، بدلا من الذهاب الى السجن، ومع انضمام شخصيات ليكودية بارزة كوزير الجيش الأسبق شاؤول موفاز للرافضين للـ"الديكتاتورية" مؤشر أن النهاية لم تعد بعيدة.

"حركة الغضب" في إسرائيل خلقت جدلا سياسيا من نوع جديد، حول مستقبل الكيان ذاته، بل والثقة الاقتصادية به، وما نتج من هروب كبير لرأس مال وشركات بينها خاصة بالتكنولوجيا المتقدمة، وانعكاس ذلك على الواقع الذي بات يسيطر على المشهد العام.

مظاهرات يوم السبت 11 مارس 2023، قد تكون نقطة فصل سياسي، نحو فرض التغيير بالأقدام، مع تنامي قوة الرفض داخل المؤسسة الأمنية، بمختلف فروعها، ورغم محاولة "الترهيب" ضد "المشاركين" منهم، لكن ذلك لم يربكهم، بل العكس ذهبت لما هو أبعد، تحدي فريد لديكتاتورية جديدة، مع دخول مشاركين من فلسطيني 48 بحركة الغضب، كانت بئر السبع عنوانا لتلك المشاركة التي قد تتسع مع قادم الأيام.

ووسط "حركة الغضب"، التي تمثل جدار عزلة سياسية فريدة لحكومة التحالف الفاشي الجديد، كانت "المفاجأة الصينية" في عقد "اتفاق بكين" بين العربية السعودية وإيران، لتشكل "الصفعة الأهم" خلال السنوات الأخيرة ليس للتحالف الفاشي الحاكم، بل لدولة الكيان العنصري بكامل أركانه ومؤسساته، سياسيا وأمنيا، بعدما راهنت على بناء رؤية استراتيجية جديدة، تضعها في موقع "الراعي الجديد" لبعض دول الخليج، مع ضعف الموقف الأمريكي وتردده، وكان الاعتقاد، أن "تل أبيب" حققت اختراقا جوهريا في جدار الرفض القديم، فكانت الضربة الصينية ضربة "كيك بوكس" فأدخلت الدولة العبرية في "دوامة سياسية" مضافة.

 "المفاجأة الصينية" ستفرض على دولة الكيان، خيارات ليست بينها "حلم الراعي الأمني"، رغم ما حققته بعضا من مكاسب التطبيع، وخطوات كانت محرمة عليها في السعودية، لكن "الحلم المنتظر" بات بعيدا، الى حين مختلف سياسيا.

ما تعيشه دولة الكيان من حركة الغضب المتصاعد، وما أنتجه "اتفاق بكين" بضربة استراتيجية لمشروع كان له أن يكون "سيفا ساما" في ظهر القضية الوطنية الفلسطينية، يمثلان أدوات تفعيل وحركية للرسمية الفلسطينية، لتعيد رسم مسارها السياسي، نحو الخروج من "نفق الارتعاش" الذي حاولت أمريكا والبعض العربي أن تضعه أمامها، كأنه المصير الذي لا مفر منه، سوى بالاستسلام السياسي لمخطط "تقاسم وظيفي جديد"، مع قبولها بواقع النتوء الكياني الانفصالي.

التطورات الأخيرة، تشكل قوة دفع لا يجب أن تتجاهلها الرسمية الفلسطينية، وعليها أن تكسر وبلا تردد "حركة الخوف" من "اللص السياسي"، وتعيد ترتيب أوراق المشهد بما يمثل انطلاقة تفاعل جديدة، ترهب بها "تحالف البديل واللص السياسي"، وتحدد مسارا كفاحيا شعبيا، يملك من الأوراق الكثيرة.

ولذا كان توقيع "وثيقة جنين" يوم السبت 11 مارس 2023، يمثل شكلا جديدا للمواجهة الشعبية، وقوة دفع نحو تطوير أدوات الكفاح الوطني، بترسيخ رؤية سياسية أصيبت خلال سنوات بمناطق سواد متعددة، كادت أن تلحق بها "شللا مستديما"، لذا يمكن اعتبار "الحدث الجنيني" نقطة مشرقة في استنباط أشكال المواجهة متعددة الرؤوس، مع "تحالف الشر الجديد" و "اللص السياسي"، وغياب البعض الفصائلي لا يجب أبدا أن يشكل عقبة نحو تعميم "ظاهرة جنين" السياسية، ووثيقتها، في مختلف محافظات الوطن المحتل.

الذهاب نحو تعميم تجربة "وثيقة جنين" هو الخطوة الأولى لإغلاق ملف "الفراغ" الذي حاولوا تصديره لنصب مصيدة سياسية للرسمية الفلسطينية، ومنها تكسر "رتابة البحث" عن كيفية الخروج من "الانقسامية السائدة"، نحو فعل كفاحي مركب يعيد رسم خريطة طريق تفترق كليا عن "لقاءات الفنادق" الكلامية.

"وثيقة جنين" حدث سياسي ابداعي لا يجب أن يقف عن حدود محافظة الثورة والتحدي، بل عليه أن ينطلق بسرعة ليصبح السمة الفلسطينية، تتوج بمؤتمر وطني شعبي عام، يحدد ملامح مستقبل، ورسالة لمن اعتقد أن فرصته "التاريخية" قد قاربت لدفن الممثل التاريخي بتنصيب "ممثل طارئ" استخدامي.

"وثيقة جنين" بداية عملية نحو مرحلة تطوير الفعل الوطني الفلسطيني، لمشهد يتفرق عما ساد منذ 2005، ما لم تتعرض لطعنة مفاجئة سامة، من داخل مكونها الأساس، وهي رد واقعي أن بالإمكان أفضل كثيرا مما كان، لو أريد أن يكون!

ملاحظة: لماذا تصمت "الفصائل الفلسطينية" في قطاع غزة عن سلوك حكم "الحركة الإخوانجية" في غزة ضد مصالح الناس ..فرض الضرائب "خاوة" بلا قانون أو تشريع يمثل عار سياسي لتلك المسميات...معقول الخوف وصل الى نخاعكم..وبدكوا تحرروا وطن..وكسة توكسكم!

تنويه خاص: عودة المحامين وبعض المعلمين لحركة الإضرابات في الضفة..تفرض معالجة أوسع من "البعد الأمني" يا د.إمحمد...مش عيب ابدا تشرك فصائل منظمة التحرير معك..غير هيك كل يوم حتلاقي فتحة جديدة..فبلاش مكابرة!