هارتس : حكومة نتنياهو تهدد مستقبل إسرائيل

حجم الخط

بقلم: جيرمي يسسخاروف

 

 



أنهيت قبل سنة مهمة استمرت خمس سنوات سفيراً لإسرائيل في ألمانيا، والخدمة لأربعة عقود في وزارة الخارجية.
مؤخراً أشارك في إقامة منتدى للسياسة الخارجية، يتكون من عدد من السفراء السابقين ممن كرسوا عشرات السنين للدفع قدماً بالعلاقات الخارجية لدولة إسرائيل في مجالات السياسة والاستراتيجية والاقتصاد والأمن والثقافة.
مثلما حاربنا جميعنا في الجبهة السياسية لإسرائيل في دول كثيرة فإننا الآن نحارب من أجل البيت في أرجاء الدولة إلى جانب مئات آلاف المتظاهرين.
للأسف الشديد، قسمت هذه الحكومة بعد شهرين ونصف الشهر على تشكيلها الشعب بشكل غير مسبوق.
وبعد عملي في تهديدات استراتيجية في معظم سنوات خدمتي في المجال الخارجي من العام 1981 وترأست قسم الشؤون الاستراتيجية في وزارة الخارجية، ومع زملائي لعبت دوراً رئيساً في كبح إيران في مجال الدبلوماسية منذ 1995، الآن وصلت إلى استنتاج واحد مؤلم وهو أن هذه الحكومة والانقسام الذي خلقته في الشعب تضع تهديداً ثقيلاً على استقرار الدولة، حتى أكثر من التهديدات الخارجية. بكلمات أخرى، وقف "الانقلاب النظامي" أمر حاسم من ناحية الأمن القومي لإسرائيل.
بصفتي سفير إسرائيل في دولة رئيسة، شاهدت كيف أن اللاسامية تتعزز في أوروبا، وليس فقط فيها.
في الوقت الحالي يسأل يهود الشتات مرة أخرى أنفسهم إذا كان يوجد لهم ولأولادهم مكان آمن من الكراهية الآخذة في التشكل.
خلال ذلك سمعتُ، مؤخراً، في أوساطنا أصواتا آخذة في الازدياد تسأل إذا كان لا يزال في دولة إسرائيل مستقبل لهم ولأولادهم.
الوضع الذي يشعر فيه المواطن في إسرائيل واليهودي في الشتات بعدم الأمان المتشابه يعتبر فشلا حادا ولاذعا لهذه الحكومة. بصفتي أحد المهاجرين إلى دولة إسرائيل فإنه ليس لي ولن تكون لي أي بلاد أخرى.
على مدى ثلاثة أجيال حاربت الدبلوماسية الإسرائيلية في أرجاء العالم للدفاع عن صورة إسرائيل وشرعيتها وعلى صد محاولات عزلها وإضعافها.
ترسخت صورة إسرائيل في العالم بدرجة كبيرة حسب السياسة التي اتبعتها مؤسسات الحكم، لا سيما بفضل أنها ديمقراطية مستقلة، متنورة ومساواتية لكل مواطنيها.
في عصر العولمة لا تنتهي تداعيات السياسة الداخلية عند الحدود البرية.
لا تعتبر استقلالية جهاز القضاء فقط حماية لمواطني إسرائيل وسكانها من قرارات تعسفية وغير معقولة للحكومة أو السلطات، بل هي أيضا الدرع الأساسية والمؤثرة ضد محاولات أعدائنا المس بنا سياسيا وقانونيا في المؤسسات الدولية. محكمة العدل العليا حارس العتبة النهائي لكل مواطني الدولة وللدولة نفسها.
من الحيوي التغلب على طريقة الحكومة، التي لم تعمل في فترة العمليات "الإرهابية" في القدس وفي أماكن أخرى، على تهدئة النفوس، بل القيام بخطوات في "المناطق"، ستعمق الأزمة أكثر.
ليس فقط مع الفلسطينيين بل أيضا مع الشركاء الاستراتيجيين الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل، لا سيما الولايات المتحدة. من المهم الانتباه إلى النبرة الحادة التي تسمعها الإدارة الأميركية في الفترة الأخيرة، من بينها في أعقاب تصريح وزير في الحكومة فيما يتعلق بمحو قرية فلسطينية بشكل كامل.
في الوقت الحالي التهديد النووي الإيراني آخذ في التعاظم، وإيران تقترب من مستوى عسكري لتخصيب اليورانيوم. بدلا من التوحد حول المصالح القومية لصد هذا التهديد الخطير وتعزيز الردع فان الحكومة تدفع قدما بعملية تضر بوحدة الشعب بصورة غير مسبوقة هنا من قبل. إضافة إلى ذلك، من المقلق التفكير في كيفية مواجهة رئيس الحكومة لإيران على المستوى السياسي في الوقت الذي تنقسم فيه دولة إسرائيل وحلفائها الأساسيين، لا سيما أميركا، حول خطوات ضم "المناطق" وشرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية.
من الواضح أيضا أن هذه الخطوات لن توسع دائرة التطبيع في المنطقة، وربما سنرى المزيد من التطورات المشابهة للاتفاق بين إيران والسعودية.
بالنسبة لي، والأهم بالنسبة لأعدائنا، فإن سياسة الحكومة والخطاب العام الحاد الذي وجد في أعقابها، تضعف الحوكمة في الدولة وقوة ردعها تجاه الخارج.
في هذه الأثناء نقف على مفترق طرق بين الأجيال السابقة والأجيال القادمة.
يتعلق مصيرنا القومي الآن بالمصير القانوني لشخص واحد، بالفعل لا يستمع لمئات آلاف الإسرائيليين الذين يملؤون الشوارع ويصممون على الحفاظ على قيم وثيقة الاستقلال.
من يختر تجاهل وثيقة الاستقلال يضر بلب الروح الإسرائيلية. لا يوجد لهذه الحكومة والأشخاص الذين يقفون على رأسها أي تخويل أو قدرة على تغيير روح الاستقلال، التي دافع عنها محاربو إسرائيل على مر الأجيال. هذه المسؤولية موضوعة الآن على أكتافنا.

عن "هآرتس"