هارتس : خطر "زعران اليمين" على إسرائيل يتجاوز التداعيات الكارثية لعنفهم

حجم الخط

بقلم: رفيت هيخت

 

 



يظهر هذا بكل الأشكال: في النكات والانتقادات والإشارات. هناك أيضاً أفلام مثل هذه في الشبكات الاجتماعية. مؤخرا، على خلفية الوضع الذي لا يطاق، ظهر هذا كتهديد مباشر في النزاعات بين شخصيات عامة. اليمين الكهاني، الذي تمادى كثيرا على الحريديين، وبدرجة معينة على منطقة "الليكود"، يعطي إشارات بأنه قد سئم ما اعتبر حسب رأيه احتواء سخيا للاحتجاج، وهو يهدد بشكل مباشر أو غير مباشر بتنشيط عصاباته.
هناك رواد أدركوا في السابق الرسالة، وهم يقومون بإلقاء المفرقعات على المتظاهرين ويرشون الغاز عليهم، ويبدؤون باحتكاكات أخرى تفوح منها رائحة العنف المحتدم. في الوقت ذاته، يتصرفون كزعران مستقلين، لكنهم يدركون المناخ الذي يعيشون فيه. في هذا المناخ حان الوقت لإخضاع من يعارضون الحكومة وثنيهم وتحويلهم إلى مكانة فلسطينيين عزل لا حماية لهم.
ذات مرة كان هذا التهديد، الذي حمله يمينيون، تجاه المتظاهرين بمثابة قلق. "لا أريد التفكير فيما سيحدث عندما يخرج الهستيريون لدينا إلى الشوارع"، كانت هذه جملة معيارية في محادثة عادية عارضة مع مؤيدي الحكومة. الآن، التهديد مصوغ بصورة أكثر نقاء. "يساريون أولاد زانية يجب أن نفعل بهم ما نفعله بالعرب"، "يوجد لدينا شباب الحاخام تاو ومن حرقوا حوارة" – هذه هي الصيغة التي نسمعها عندما نتجول خارج تل أبيب وجيوبها الليبرالية ونتحدث مع الأجزاء غير الديمقراطية في معسكر اليمين. ما يجب فعله ومن الذي يجب عليه أن يفعله.
أجل، أجل، وصلنا إلى لحظة تهدد فيها المليشيات الكهانية باجتياح الفضاء العام في إسرائيل من اجل السيطرة على الإرهاب فيها، وفرض الشلل على اللاعبين الآخرين. هم يعطون إشارات بأنهم لن يترددوا وأن يدهم لن ترتعش. يمكن تصديقهم، من هو قادر على إحراق عائلات، فيها أطفال ونساء وشيوخ، لن يجد صعوبة في أن يلقي الشعلة على عدو آخر. اليمين غير العنيف يستوعبهم ويمكنهم. أيضا هم يخافون منه. "هناك أيضا أشخاص كهؤلاء"، قال لي احد البيبيين بعد أعمال الشغب في حوارة.
خطرهم الذي يزداد ملموس جدا. هؤلاء الأشخاص سيسفكون الدماء هنا، لكن ضررهم على المشروع الذي هو دولة إسرائيل يتجاوز حتى التداعيات الكارثية لأعمال عنفهم. هؤلاء الأشخاص يقومون بقطع الحلف اليهودي، الذي كان يمكن أن يحصن إسرائيل من الحرب الأهلية ويمكنها من استيعاب آلام وخلافات عميقة مثل التي تحيط بنا الآن. حذر الرئيس اسحق هرتسوغ في خطابه قبل عرض خطته، الأربعاء الماضي، من هذا الضياع.
إلى جانب الأمل الخفي فإن خطة هرتسوغ ستوقف القطار السريع مع ذلك، إلى جانب تعسف الحكومة اليائس الذي يستمر رغم الألم الكبير الذي أظهره معسكر المقاومة، وإلى جانب كل ذلك فإن الاعتراف بهذه الخطة يكمن أيضا في القلق المحبط الذي شوه صعود الاحتجاج. هذا الوقت معقد بالفعل. فالحكومة تستخدم الإرهاب النفسي من أعلى - تسوق بكل القوة لحركة ثورية هائلة تثير علامات استفهام خطيرة ومخيفة فيما يتعلق بالمستقبل هنا - والآن يهددون بالانضمام إليها من الأسفل، "الأعشاب البرية"، بإرهاب جسدي حقيقي.
لذلك، ربما هذه هي المرحلة الأكثر أهمية في الاحتجاج منذ ولادته. أول امتحان أساسي للشخصية يجب على الاحتجاج تجاوزه، ويجب عليه اجتيازه. ليس المزيد من تظاهرات الاحتجاج التي تحمل أعلاماً جميلة، بل صراع مرير وحازم وشجاع جدا، لكنه لم يكن في أي يوم عنيفا. ودائما يكون من الصحيح التحدث مع من هو مستعد على طول الطريق نحو ائتلاف واسع من الجمهور الليبرالي في إسرائيل. هذا المعسكر فيه مكونات اكثر من الفوضى والدماء التي يعرضها الكهانيون والأصوليون المتدينون. هذه الحقيقة لا يمكن لأي أزعر أن يحرقها.

عن "هآرتس"