اجتماع أمني آخر في شرم الشيخ، بعد افشال إسرائيل اجتماع العقبة، وعدم الاعتراف بمخرجاته واستمرار جرائمها بحق الفلسطينيين.
اجتماع آخر وغياب الانصاف والمساواة بين الضحية والجلاد. وبيع الوهم ومحاولات التسوية وتهدئة الاوضاع الأمنية وخفض التوتر قبل شهر رمضان المبارك وفقا لتعبير المجتمعين من الرعاة والوسطاء، وأمل قيادة السلطة بتحقيق افق سياسي لن يأتي.
لقد مرت ثلاثة أسابيع وأسبوع آخر من القتل والجرائم والاعتقالات، وهدم البيوت وتشريع القوانين العنصرية لملاحقة الفلسطينيين والمضي قدماً في فرض السيادة اليهودية، والصم الزاحف، وخطة الحسم وفرض الفوقية اليهودية.
شهر آخر على عصيان الحركة الفلسطينيّة الأسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني، وخطواتها النضالية الجماعيّة ضدّ إجراءات إدارة سجون الاحتلال بتحريضٍ من الوزير الفاشي ايتمار بن غفير.
واكثر من 40 يوماً على إضراب الاسير خضر عدنان، وتحدي السجان وصموده الاسطوري ومعاناته، ومساندة ضعيفة، لا ترقى إلى حجم تضحياته وتضحيات الاسري الذين يتحدون السجان بلحمهم ودمائهم.
ايام واسابيع واشهر وثلاثة عقود والركض خلاف سراب التسوية، وتكرار تجارب فاشلة، لم تحقق سوى مزيد من تعميق وتعزيز الاحتلال والمشروع الاستعماري الاستيطاني.
حال من الضياع واللامبالاة، وكل شيء مضطرب وضعف السلطة، أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة، تمس حياة ومستقبل الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني، ولا أمل بافق ينهي حالة الضياع والتوهان.
ويبدو أننا في كل لحظة على وشك انفجار ضد إسرائيل التي تتحمل المسؤولية عن الانفجار والقتل والدمار، أو انفجار لمزيد من اليأس والاحباط.
لا شك في اصرار المقاومين، وإصرارهم على التضحية ومقاومة الاحتلال مثير للاعجاب، ومن خلفهم التفاف الشعب الفلسطيني على خيار المقاومة. لكن هذه التضحيات والاقدام على الشهادة، بحاجة إلى ديمومة والحفاظ على حياتهم، وهذه مسؤولية الفصائل وليس الاكتفاء بالخطابات والبيانات، بل هم بحاجة للتنظيم وللحماية من الاحتلال وحماسهم والبطش والارهاب الاسرائيلي والاستفراد بالمقاومين.
اصرارهم مشجع، بل إنه من الممكن، أن تكون المقاومة قد وصلت إلى لحظة تحول في مقاومة الاحتلال، مما يخولها إلى حالة ثورية فلسطينية جماعية، لا تعتمد على مجموعات شبابية من المقاومين فقط، وليس مجرد مقاومة مرحلية ولفترة زمنية محددة وحالة من الاستثمار من أطراف أخرى.
هي مقاومة تكشف الضعف الأساسي للفصائل التي تركت المقاومين بدون حماية حقيقية، وللقيادة السياسية وفقدانها الشرعية وانعدام الثقة فيها من الفلسطينيين، وعدم ادراكها طبيعة الشعب الفلسطيني وروحه الوقّادة، وحقه في المقاومة والتصدي للمشاريع والسياسات العدوانية الاحتلالية.
اصرار السلطة الفلسطينية على الذهاب لقمة شرم الشيخ الامنية، وهناك شبه اجماع فلسطيني برفض المشاركة ومقاطعتها، والوثوق بالوعود الامريكية للالتفاف على المقاومة وخفض ما يسمى التوتر والتهدئة ووقف لهيب النار، وكل المسؤولية تقع علي الاحتلال.
الذهاب إلى شرم الشيخ والمسؤولين الاسرائيليين يحذروا من عمليات قد تنفذ في المدى القريب، في الضفة الغربية المحتلة، وداخل إسرائيل، عشية شهر رمضان.
وهناك تحذيرات داخل أجهزة الأمن الإسرائيلية من عشرات العمليات، وبحسب ما ذكرته هيئة البثّ الإسرائيلية العامة (كان 11)، أن هناك قائمة محدّدة من المقاومين الفلسطينيين، قرّر المسؤولون الأمنيون بشأنها، أنه بحلول بداية شهر رمضان؛ يجب أن يكونوا إما خلف القضبان، أو موتى.
الادعاء أن المشاركة في الاجتماع تأتي للدفاع عن حقوق شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال، والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد أبناء شعبنا ووقف الإجراءات والسياسات التي تستبيح دمه وأرضه وممتلكاته ومقدساته.
وكيف سيتم ذلك، هل بملاحقة المقاومة واعادة زخم التنسيق الأمني، ومنع الشباب الفلسطيني من مقاومة الاحتلال والتوقف خلال شهر رمضان الذي اصبح شماعة للاحتلال بانه شهر (الارهاب)، وماذا سيكون بعد الشهر الفضيل؟
مع كل الاحترام للأمل في تحقيق المقاومة انجازات، وأنها تحدي كبير لدولة الاحتلال ومنظومته الأمنية والعسكرية والسياسية. لكن حتى الان يحقق الاحتلال انجازات لضرب المقاومة من خلال الجرائم والقتل، ولم تجري المقاومة جردة حساب والاستفادة من الدروس وعدم منح الاحتلال انتصارات يومية.
قد لا نكون قادرين على وقف الارهاب الاسرائيلي وتغوله على الدم الفلسطيني، على الرغم من ذلك نستطيع التصدي له والحفاظ على المقاومين، وتحقيق انجازات، برغم الاختلاف الكبير في الظروف وموازين القوة.
ومثلما يتعلم المقاومين من التجارب السابقة، لا يوجد سبب يمنعنا من التعلم منها في محاربة الاحتلال والعنصرية، حتى عندما يبدو الوضع صعباً وتعيش القيادة الضياع، تستطيع الفصائل العمل بطرق مختلفة.
كانت هناك تجارب من المقاومة في كثير من دول العالم ولا ننسى تجاربنا السابقة خاصة في الانتفاضة الاولي، وما هو مهم بالنسبة لنا أن نتعلم منها ومن تجارب المقاومة الفلسطينية.
والأهم أن تتعلم قيادة السلطة، أنه لا يوجد أي أمل من تحقيق اي مسار أو أفق سياسي مع الحكومة الفاشية، وكل ما تريده الولايات المتحدة هو التصدي للمقاومة وما يسمى خفض التوتر لمصلحة دولة الاحتلال، والخوف من اندلاع انفجار كبير لا تستطيع السيطرة عليه.