هارتس : أغلبية الفلسطينيين يؤيدون حل السلطة لأنها “تخدم إسرائيل”

عميرة-هاس.jpg
حجم الخط

بقلم: عميره هاس

الاستياء وعدم ثقة الجمهور الفلسطيني بقيادته، بشكل خاص في محمود عباس، تعكسه الاستطلاعات. ولكن استطلاعاً نشر أمس، فاجأنا بسؤال: هل يعد انهيار السلطة أو حلها مصلحة وطنية للشعب الفلسطيني؟ 52 في المئة من المستطلعين أجابوا نعم، في حين قال 63 في المئة منهم إن السلطة عبء. الدكتور خليل الشقاقي، مصمم ومحلل الاستطلاع، قال إن أغلبية المستطلعين قالت في السابق بأن السلطة يجب أن تبقى رغم أنها عبء. وحسب قوله أيضاً، تفاجأ من اكتشاف أن الأغلبية تعتقد بوجوب حل السلطة.

مركز أبحاث الاستطلاعات والسياسات، الذي يديره الشقاقي، يجري استطلاعات رأي عام مرة كل ثلاثة أشهر، وفي آخر استطلاع سئل المستطلعون عن مصلحة إسرائيل بالنسبة للسلطة الفلسطينية: وجودها أم انهيارها؟ 57 في المئة قالوا إن بقاء السلطة مصلحة إسرائيلية، وربما هذا جزء من تفسير لتأييد النصف لحلها.

دون معرفتهم، كما يبدو ردد المستطلعون أقوال منسق أعمال الحكومة السابق في “المناطق” [الضفة الغربية] عاموس جلعاد، الذي أوضح في محادثة رينو تسرور في “صوت الجيش” في 27 شباط الماضي، لماذا يعد وجود السلطة مصلحة إسرائيلية، وعبر عن القلق بشأن ميل الحكومة الحالية لحلها. وأوضح جلعاد “هذه هي الاستراتيجية. إذا حللناها فسنعود إلى الاحتلال المباشر”، في إشارة لمواقف ونشاطات قائمة “الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. وقد أوضح أيضاً بأن “الاحتلال المباشر يعني أنه سيتعين علينا الاهتمام بجميع مجالات الحياة التي ستكلفنا مليارات الشواكل”. وقال إن الاتحاد الأوروبي لن يدفع مثل هذه المنظومة والاحتلال العسكري لن يكون مقبولاً في العالم.

بأسلوب النظام المستبد والفردي الذي يعززه محمود عباس، فإن استطلاعات الرأي هي أداة قياس مهمة لموقف الجمهور. في ظل غياب الانتخابات والبرلمان، وفي الوقت الذي تحذر فيه وسائل الإعلام الرئيسية في انتقاداتها وتقاريرها، فإن الاستطلاعات التي تجرى كما يجب قد تعبر عن الوضع بشكل معقد أكثر مما يتم التعبير عنها في الشبكات الاجتماعية.

أجري الاستطلاع الحالي بين 8 – 11 آذار الحالي على عينة تبلغ 1200 شخص بالغ في مقابلات وجهاً لوجه في 120 موقعاً اختيرت عشوائياً في قطاع غزة والضفة الغربية (بما في ذلك القدس). أجريت المقابلات في ظل الاضطرابات التي حدثت في حوارة وفي ظل ارتفاع عدد القتلى أثناء اقتحامات الجيش الإسرائيلي للمدن الفلسطينية وبؤر الجماعات المسلحة. كثير من الإجابات غير مفاجئة، وقد أعطيت في السابق، حتى لو كان ذلك بنسبة مختلفة. تعتقد الأغلبية أن السلطة فاسدة (82 في المئة) وأن مؤسسات حماس يشوبها الفساد (71 في المئة). وقال أغلبية المستطلعين بأنه على محمود عباس الاستقالة (77 في المئة)، وأنه لا يمكن توجيه الانتقاد بدون خوف سواء للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أو لحماس في القطاع (51 في المئة).

وثمة إجابات ثلاث عن أسئلة حاسمة في الشؤون تجسد مدى عمق الفجوة بين السلطة والجمهور الفلسطيني. في كانون الثاني الماضي، أمر عباس بدفع شيكل واحد، ديوناً، يضاف إلى كل فاتورة هاتف (ثابت أو محمول). سيحول المبلغ المتراكم إلى صندوق خاص لمشاريع لتطوير شرقي القدس في ظل سياسة القمع التي تنغص حياة المقدسيين. 71 في المئة من المستطلعين عارضوا هذا المبلغ الصغير. 79 في المئة أجابوا بأن الأموال لن تصل إلى هدفها، و12 في المئة اعتقدوا أن الأموال ستصل إلى الفلسطينيين الذين يعيشون في المدينة. بكلمات أخرى، الأغلبية على قناعة بأن القيادة الفلسطينية تكذب على الشعب وتسرقه.

ثمة موضوع آخر تناوله الاستطلاع، وهو إضراب المعلمين في المدارس الحكومية، الذي هو مستمر منذ 5 شباط الماضي. المعلمون المضربون يطالبون بتطبيق الحكومة للاتفاق الذي وقعت عليه في السنة الماضية بخصوص رفع الرواتب وإجراء انتخابات حرة لنقابة المعلمين. الاثنين الماضي، أجريت مظاهرة كبيرة للمعلمين ومؤيديهم في رام الله. وبعد ذلك، أصدرت المحكمة العليا للشؤون الإدارية أمراً بوقف الإضراب. ولكن ممثلي المعلمين أعلنوا بأنهم لن يحترموه. حسب الاستطلاع، 56 في المئة من الجمهور يؤيدون الإضراب، 65 في المئة في الضفة الغربية و44 في المئة في القطاع.

الموضوع الواقعي الثالث يتعلق بأعمال شغب المستوطنين في حوارة. عند السؤال: لماذا لم تستطع الشرطة الفلسطينية وأجهزة الأمن الأخرى الدفاع عن حوارة والقرى الأخرى في مناطق “ب” (رغم أن لها -حسب أقوال الشقاقي- صلاحية لتطبيق القانون هناك) انقسم المستطلعون إلى أربع مجموعات، 32 في المئة اعتقدوا أن قيادة السلطة والحكومة يفضلون مواصلة استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل بدلاً من الدفاع عن شعبهم. 57 في المئة يقدرون بأن الأجهزة الأمنية والشرطة التابعة للسلطة غير معنية للدخول إلى مواجهة مسلحة مع الجيش الإسرائيلي، 24 أجابوا بأن الشرطة الفلسطينية ليست لها صلاحية لتطبيق القانون على المستوطنين ولا يمكنها اعتقالهم، 11 في المئة أجابوا بأن الهجمات تحدث ليلاً وقت غياب الشرطة الفلسطينية عن الميدان.

أغلبية ساحقة في أوساط المستطلعين، 71 في المئة، أيدت عملية إطلاق النار التي قُتل فيها الأخوان هيلل ويغيل، و75 في المئة من المستطلعين يعتقدون أن الاضطرابات في حوارة تعكس سياسة حكومة إسرائيل والجيش الإسرائيلي، وأكثر من الثلثين يتوقعون أن هجمات المستوطنين ستزداد، وخُمس المستطلعين أجابوا بأن الأمر يتعلق بسلوك مستوطنين متطرفين. رؤية هجمات المستوطنين كسياسة للحكومة الإسرائيلية قد تفسر التأييد الواسع (68 في المئة من المستطلعين) لتشكيل مجموعات مسلحة أخرى مثل “عرين الأسود” و”كتائب جنين”، التي لا تحصل على التعليمات من السلطة الفلسطينية، رغم أن نصفهم يخشون من أن يؤدي هذا الأمر إلى مواجهات مسلحة مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

أغلبية ساحقة، 87 في المئة، من المستطلعين قالوا بأنه ليس للسلطة الفلسطينية حق في اعتقال أعضاء المجموعات المسلحة من أجل إحباط هجمات ضد إسرائيليين، 83 في المئة عارضوا تسليم المسلحين وسلاحهم للسلطة كوسيلة لحمايتهم من الاغتيال الإسرائيلي، 61 في المئة يتوقعون أن التصعيد الحالي سيصل إلى انتفاضة مسلحة، 62 في المئة لا يتوقعون من أجهزة السلطة الفلسطينية الانضمام للمجموعات المسلحة، 70 في المئة يعتقدون أن عمليات الانتقام من قبل إسرائيل ضد عائلات الذين يهاجمون الإسرائيليين (مثل هدم البيوت والطرد) لن تردع، بل على العكس، ستؤدي إلى المزيد من الهجمات الفلسطينية.

في الوقت الذي يتركز فيه التعاطف على الجماعات المسلحة غير المنتمية لأي تنظيم، فإن انقسام التأييد بين حركتين حماس وفتح لا يتغير، من بين الـ 67 في المئة الذين قالوا بأنهم سيصوتون في الانتخابات إذا أجريت، 33 في المئة فقط قالوا بأنهم سيصوتون لحماس، و35 في المئة لفتح (في غزة، 45 في المئة قالوا بأنهم سيصوتون لحماس مقابل 23 في المئة في الضفة الغربية).       

مروان البرغوثي ما زال المرشح المفضل للرئاسة والوحيد الذي قد سيفوز على إسماعيل هنية، رئيس حماس. عامل مهم ومقلق ظهر في الإجابات المتعلقة بالسؤال عن “الحل”. الأغلبية، 71 في المئة مقابل 27 في المئة، لا تؤيد حل الدولتين، و75 في المئة يعتقدون أن هذه الاحتمالية غير قابلة للتنفيذ بسبب توسيع المستوطنات. ولكن هذا لا يعني أن الأغلبية تؤيد حل “الدولة الواحدة”. في التطرق لخطاب محمود عباس الأخير في الأمم المتحدة الذي قال فيه بأن الفلسطينيين سيطالبون بمساواة في الحقوق للشعبين في دولة واحدة، فإن 22 في المئة أجابوا بأنهم مع الدولة الواحدة، و75 في المئة عارضوا.

عندما سئلوا عن كيفية كسر الطريق السياسي المسدود، 28 قالوا بأنه يجب التنازل عن حل الدولتين والتمسك بالدولة الواحدة للشعبين. في حين أنه في صياغة أخرى لنفس السؤال: ما هي الطريقة الناجعة لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة مستقلة، أجاب 54 في المئة بـ “الكفاح المسلح”، و23 في المئة بـ “النضال الشعبي” و18 في المئة بـ “المفاوضات”.

في خلفية جميع الإجابات، يظهر تشاؤم كبير جداً حول التدخل الدولي لصالح الفلسطينيين. 80 في المئة من المستطلعين اعتقدوا أن الإدارة الأمريكية والدول الغربية والدول العربية التي لها علاقات تطبيع مع إسرائيل لن تفرض العقوبات عليها كي تتوقف عن سياسة الاستيطان. 

 

هآرتس