بعد أيام قليلة من فتح الصفحة السعودية الإيرانية ، جاءت الصفحة الإماراتية سريعا ، حيث قام مستشار الامن القومي الإيراني علي شمخاني بزيارة رسمية الى الامارات ، والتقى رئيس الامارات ، و سواء مع السعودية او مع الامارات ، فإن المحادثات تضمنت إقامة علاقات ذات طوابع شمولية واستراتيجية تتطلب كما يقول المراقبون بناء الثقة المتبادلة كي تتجذر و تترسخ هذه العلاقات ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل يعقل ان تكون الثقة بإسرائيل أكثر منها بايران ، و هل اذا وثق العرب بإسرائيل بعد اتفاقيات "ابراهام" التي فرضت عليهم بين ليلة و ضحاها ، هل تثق إسرائيل بهم بعد الصفحة الإيرانية الجديدة .
الامر برمته تقريبا متعلق بإسرائيل ، التي تناصبها ايران عداء عقائديا مطبقا ، في حين لا تخفي إسرائيل تنفيذ عمليات قتل و تفجير في عمقها ، و تتهددها بتدمير مفاعلاتها النووية ، و لهذا أقدمت الامارات على إلغاء او تأجيل زيارة مسبقة لنتنياهو للمرة الثانية منذ فوزه قبل ثلاثة اشهر ، في حين رفضت السعودية منح تأشيرات دخول لفريق إسرائيلي لحضور مؤتمر سياحي دولي تنظمه الأمم المتحدة دون ابداء الأسباب . لا تخفي إسرائيل فجيعتها بهذه العلاقة الخليجية الجديدة مع ايران ، فبعد ان كان برنامج نتنياهو الانتخابي تدشين علاقات دبلوماسية مع الرياض ، اصبح اليوم يتجنب هذا الموضوع ، بل لربما انه أقر ذاتيا انغلاقه بالكامل حين وجه الاتهام لخصمه المعارض يائير لابيد بإغلاقه .
الصفحة الخليجية مع ايران ، التي ستنضم اليها البحرين عاجلا ام آجلا ، بناء على الطلب الاماراتي ، تتطلب حتى تصبح استراتيجية ، ان لا تكون على حساب الشعب العربي الخليجي ، لا بد من حرية هذه الشعوب ، حرية الرأي و المعتقد و الفكر و تشكيل الاحزاب والانتخابات الدورية في اختيار من يحكمها لفترة محددة ، و هنا نحن لا نبحث عن الديمقراطية الغربية الشكلية المتكثفة في اجراء الانتخابات و حرية رأس المال ، فالذي معه المال يترشح و يفوز ، و حتى عندما يخسر ، يفوز في الدورة القادمة ، و يبقى الحكم متداولا بين حزبين لا ثالث لهما ، منذ نابليون و هتلر و تشيرتشل و موسوليني و ايزنهور وانتهاء بترامب و بايدن ، ما عبر عنه كارل ماركس قبل حوالي مئتي سنة ، من انها ديمقراطية ان يختار المواطن السوط الذي يجلد به كل اربع سنوات مرة . انظر الى ما يحدث اليوم في فرنسا و بريطانيا وألمانيا ، و كذلك في إسرائيل الديمقراطية اليتيمة في الشرق الأوسط ، التي تأكل نفسها على نحو لا نكاد نحن الفلسطينيين الخاضعين لاحتلالها و قرفها منذ وعد بلفور ، لولا ما نسمعه عنها على ألسنة زعمائها و قادتها السياسيين والعسكريين والامنيين والإعلاميين والاكاديميين والمفكرين والمبدعين والموسرين . أحد المحللين الكويتيين استخدم في الصفحة الخليجية الإيرانية فيما يتعلق بإسرائيل تعبير : كش ملك .