شر البلية / الكوميديا السوداء

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

 

"شر البلية ما يضحك" ، هذا ما يمكن ان ينطبق اليوم على مشهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، او ما يمكن ان نطلق عليه كوميديا سوداء . إذ يفترض ان تكون الحالة التي تعيشها إسرائيل والتي وصفها البعض انها غير مسبوقة منذرة بالحرب الاهلية او حرب الاخوة كما يقول بني غانتس ويتهدد وجودها بن يامين نتنياهو اكثر من ايران وحزب الله كما يقول افغدور ليبرمان ، يفترض ان يشكل ذلك محراكا في تغيير الفلسطينيين استراتيجيتهم إزاء صراعهم مع من يحتلهم ، و لكن للأسف الشديد ، فإن وضعهم لا يقل سوءا عن الوضع الذي يواجهه الإسرائيليون منذ انتخاباتهم الأخيرة ، قد تكون الانتخابات المتكررة (خمس انتخابات في اربع سنوات) هي سبب الانفجارات ، و لكننا بدون انتخابات منذ 17 سنة ، حتى ان عضو اللجنتين المركزية والتنفيذية عزام الأحمد قال في معرض الغاء الانتخابات التي اقرت بمرسوم رئاسي قبل عامين وألغيت بمرسوم آخر ، قال انه لا يجوز ان يكون هناك انتخابات في الثورة ، هنا يكون الأحمد قد تجاهل اننا سلطة ، وانتخاباتها الدورية امر منصوص عليه في اتفاقيات أوسلو . و في الآونة الأخيرة اشتدت مناكفات الحملات الإعلامية بين الحركتين الكبيرتين في هذه السلطة / الثورة بسبب عقد اللقاءات ذات الطابع الأمني في العقبة و شرم الشيخ (قيل أن الاجتماع القادم ستستضيفه إسرائيل او رام الله) ، في الحد الأدنى يجب على الذاهبين لمثل هذه اللقاءات بغض النظر عن هدفها الحقيقي المتمثل في فرض تهدئة في رمضان ، وآليات ذلك ، ان يتفقوا مع المعارضين غير المقتصرين على حماس او الجهاد او الشعبية ، بل على الأقل ان يكونوا ممثلين عما تبقى من منظمة التحرير ، صحيح ان الوفد الفلسطيني برئاسة امين سر المنظمة ، لكن فصائل الديمقراطية و حزب الشعب وفدا عبروا في بيان عن رفضهم المشاركة في اللقاء الأخير ، فكيف بعدها ستسطيع السلطة ضبط التهدئة في رمضان و بعد رمضان . الامر نفسه ينسحب على الجانب الإسرائيلي ، كيف سيضبطوا وقف الاستيطان أربعة اشهر ، و قد قرروا بناء عشرة الاف وحدة جديدة بل 13 مستوطنة جديدة ، ما قاله سموترتش : لن نسمح بوقف الاستيطان حتى و لو ليوم واحد ، و ما قاله بن غفير عن مخرجات العقبة : ما اقر في الأردن يبقى في الأردن ، ام تراهما قد تغيرا خلال ثلاثة أسابيع التي فصلت العقبة عن شرم الشيخ ؟ و ماذا عن معركة الاسرى ، ما أسموه "ببركان الحرية او الشهادة" في دفاعهم عن انفسهم و مكتسباتهم إزاء حملة بن غفير التي بدأها بالاستحمام ، و لن ينهيها بإقرار قانون اعدامهم ، واذا استطاعت السلطة تجاهلهم ، فهل يستطيع الشعب ذلك . آخر المضحكات المبكيات او شر البلية او الكوميديا السوداء في هذا السياق ، كيف ان المشاركين في اللقاءات ، أمريكيين و مصريين و أردنيين ، يطلبون من السلطة وقف المقاومة بدلا من المطالبة بوقف الاحتلال .