يديعوت : رئيسا "الطاقة الذرية" "والشاباك" يكسران الصمت

رونين برغمان.jpeg
حجم الخط

بقلم: رونين بيرغمان

 

 


بعد وقت قصير من بدء الاجتياح حين فهمت القوات الروسية بأن الأمور لا تجري بنجاح حاولت أن تُدخل إلى ميدان المعركة أسلحة سرية: كلاباً محملة بالمواد المتفجرة. واستندت التجربة إلى نتائج بحوث البروفيسور إيفان بافلوف، طبيب وعالم نفس روسي، حاصل على جائزة نوبل اكتشف بأن الكلاب التي دربت على أنه يمكن لها أن تتلقى الطعام عندما يدق الجرس، ستفرز اللعاب وعصارات الهضم لسماع صوت الجرس حتى لو لم تقترب على الإطلاق من الطعام. وحاولوا في الجيش أن يطبقوا "رد الفعل الشرطي الكلاسيكي"، هكذا سماه بافلوف، وإطعام الكلاب تحت الدبابات على سبيل العادة، وتجويعها بضعة أيام، وبعد ذلك إطلاقها محملة بالمواد المتفجرة بحيث تنزل اسفل دبابات العدو وتتفجر معها.
لا، هذا لم يحصل في أوكرانيا، بل في الحرب العالمية الثانية. التقارير عن نتائج استخدام الكلاب الانتحارية، رغما عنها، جزئية ومتضاربة. وحسب بعضها فإن الكلاب استقرت بالذات اسفل الدبابات الروسية، وحسب نتائج أخرى هربت في كل صوب.
لكن يتبين أن الأثر البافلوفي يثبت بالذات نفسه، المرة تلو الأخرى، لدى البشر. فكل مرة يقول فيها أحد ما، بما في ذلك وبخاصة مسؤولين كبار في الحكم الإسرائيلي، بمن فيهم رؤساء جهاز الأمن، بمن فيهم أولئك الذين عينهم نتنياهو نفسه، شيئا ما يوجد فيه حتى ظل نقد للحاكم، ينقض عليهم مؤيدوه على الفور بأن ليس لهم كلمة يقولونها في رد موضوعي على أقوال المسؤولين.
ومثل جهاز الهضم التلقائي لكلاب بافلوف، فيما يسميه "رد فعل شرطي" حين لا يمكن الحديث بموضوعية، لا يبقى إلا مهاجمة الشخص نفسه وإهانته والتشهير به. وفي أقصى المنزلق يكون التصنيف المنكر المطلق: "يسروي".
وها هو هذا يحصل مرة أخرى. في نهاية الأسبوع الماضي، وبشكل غير منسق، أجريت مقابلات صحافية مع مسؤولين كبيرين كأولئك. رئيس لجنة الطاقة الذرية، الذي اعتزل مؤخرا فقط، زئيف شنير، حيث تحدث مع زميلي، نداف أيال، في مقابلة هنا في ملحق "7 أيام". وكذا رئيس "الشاباك" الأسبق، نداف ارغمان، الذي اعتزل هو أيضا منذ وقت قصير، حيث أجرت معه إيلانا ديان لقاء في برنامج "عوفدا".
معا يوجد لهما نحو 70 سنة تجربة في المجالات الأكثر حساسية في جهاز الأمن. كلاهما عينه رئيس الوزراء نتنياهو، وكلاهما عمل معه سنوات طويلة. هما لم يُقالا، ولم يستقيلا، ولم يتورطا في مشاكل معه. كلاهما نال منه مدائح عظيمة. كلاهما ينفر من الإعلام ولم يلتقيا به أبدا. كلاهما ما كان ليجري لقاءات صحافية لو لم يشعرا بخطر عميق على مصير الدولة التي لأجل تثبيت امنها كرسا حياتهما، خطر يعود مصدره إلى نتنياهو نفسه.
معظم النار وجهت ضد ارغمان الأكثر شهرة بين الاثنين. "ينزع نداف ارغمان بزته ويركض إلى إيلانا دايان كي يشتم نتنياهو واليمين"، يغرد أحدهم؛ "الوضع الذي يكون فيه اليمين في الحكم، ومنذ زمن بعيد يحتل رجال اليسار كل مواقع القوة في الدولة، هو وضع لا يطاق". يسارع آخر وراءه ليرد.
بعد وقت قصير من ذلك، وبشكل عجيب، تولد حجة إضافية. ليست دقيقة بحد ذاتها على اقل تقدير، لكنها تتجلى لدى الجميع دفعة واحدة. مثلا، نشيط اليمين المتطرف، مئير اتينغر، الذي هو نفسه هدف لـ"الشاباك"، يقول: "قضى مراقب الدولة بأن (شاباك) نداف ارغمان لم يتوقع أحداث (حارس الأسوار) التي تؤدي إلى عمليات اليوم". بمعنى – ليست سياسة الحكومة الحالية هي المسؤولة عن الوضع الأمني بل إن ارغمان هو المذنب. مسلٍ على نحو خاص افيشاي عبري، الذي يعلن لقرائه في "التويتر": "لم أشاهد المقابلة مع نداف ارغمان لأني لا أشاهد التلفاز. أفترض أن أساس المقابلة كرس لفشل (الشاباك) في "حارس الأسوار"، صحيح؟" يا لها من صدفة عجيبة.
يسأل نداف إيال شنير في المقابلة: "تقول الحكومة، ويقول رئيس الوزراء: أنبدو لكم أننا سنقيم دكتاتورية؟ ثقوا بنا". وشنير يجيب: "ما هذا "ثقوا بنا"؟ أي نوع من القول هذا؟ النظام مبني على توازنات وكوابح، ولهذا يوجد الفصل بين السلطات. عندما تجري تغييرا نظاميا فأنت لا تعرف من سيكون التالي في الحكم". أما إيال فيشدد السؤال: "انت لا تثق بهم، هكذا افهم؟" ويرد شنير: "بمن أثق؟ يوجد احتجاج للاحتياطيين، ولطواقم الجو. هذا لا يهم في هذه اللحظة إذا كانوا محقين أم غير محقين. فماذا كان رد معالي وزير الاتصالات؟ هو يقول لهم – "اذهبوا إلى الجحيم. لا نحتاجكم". فهل هو من يتعين عليه أن أثق به؟".
تسأل دايان نداف ارغمان سؤالا مشابها وهو يجيب جوابا مشابها ومقلقا جدا: "عندما يقول لي احد ما ثق بي اعرف أننا في مشاكل كبرى. عندما يقولون سيكون على ما يرام، ثق، بنا اعرف أن شيئا لن يكون على ما يرام. وبمن أثق؟ أثق بسمحا روتمن المتطرف بين المتطرفين؟ أثق ببن غفير، الفوضوي المجرم؟ أثق بسموتريتش الذي يريد أن يقيم الاقتصاد" بمعونة الرب؟ بمن أثق؟ أثق ببنيامين نتنياهو الذي فقد الفرامل ويندفع نحو الهاوية؟ بمن أثق؟".
ضعوا جانبا ردود الفعل الاشتراطية البافلوفية. ضعوا جانبا لحظة أيضا موقفكم السياسي. مع الإصلاح أو ضد الإصلاح النظامي. عندما يتحدث رجلان كهذين، فإن الأمة كلها يجب أن تستمع إليهما.

عن "يديعوت"