تشتهر منطقة الخليج العربي بصيد اللؤلؤ، وهي حرفة تم توارثها منذ سنوات طويلة مضت ولعل المعالم الأثرية خير شاهد على ذلك، وتعتبر الإمارات من الدول الخليجية التي امتهن أجدادها وآباؤها هذه الحرفة، ومؤخرًا أعلنت دائرة السياحة والآثار بأم القيوين عن أحدث مستجدات أعمال التنقيب الأثري بجزيرة السينية في موسمها الثالث والتي تشير إلى وجود أقدم مدينة لصيد اللؤلؤ في الخليج العربي في الجزيرة والتي ازدهرت خلال الفترة ما بين أواخر القرن السادس إلى منتصف القرن الثامن الميلادي، وتقع المدينة بالقرب من الدير المسيحي القديم (دير السينية) الذي تم اكتشافه مؤخرًا في العام الماضي.
أهمية تاريخية كبيرة
وبحسب أخبار أم القيوين أكد "الشيخ ماجد بن سعود بن راشد المعلا" رئيس دائرة السياحة والآثار بأنّ "هذا الاكتشاف له أهمية كبيرة لتاريخ أم القيوين ودولة الإمارات والخليج العربي، حيث كان صيد اللؤلؤ جزءًا أساسيًا ومصدر للرزق ومكوّن أساسي من تراث الدولة لأكثر من سبعة آلاف عام، وتعد مقابر العصر الحجري الحديث في أم القيوين من أقدم الأدلة المعروفة على صيد اللؤلؤ".
كما أوضحت "رانيا قنومة" رئيس قسم الآثار بدائرة السياحة والآثار أنّ مدينة صيد اللؤلؤ المكتشفة بجزيرة السينية تبلغ مساحتها 12 هكتار، وتعد مميزة نتيجة اكتشافها خلال الحفريات الأثرية المنظمة في موسم التنقيب 2023.
أكبر التجمعات العمرانية في الإمارات
يذكر أنّ مستجدات أعمال البحث والتنقيب الأثري تشير إلى أنّ هذه المدينة واحدة من أكبر التجمعات العمرانية الباقية على الإطلاق في الإمارات، والتي يمكن مقارنتها بازدهار مدينة جلفار برأس الخيمة في العصور الوسطى، وتضم مدينة صيد اللؤلؤ بجزيرة السينية عددًا كبيرًا من المنازل مما يشير إلى وجود آلاف السكان الذين عاشوا فيها آنذاك.
مستوطنة صيد اللؤلؤ
وأيضًا تؤكد الاكتشافات بأنّ الذين عاشوا آنذاك قد بنوا منازلهم بجوار مستوطنة صيد اللؤلؤ حيث إنّ اللؤلؤ كان يعد الصناعة الرئيسية في المدينة نتيجة اكتشاف مساحة كبيرة من مخلفات المحار المفتوحة والمهملة مقابل المدينة والعثور على العديد من اللآلئ في الحفريات وأقدم "مغطس" مؤرخ منذ أكثر من ألف وثلاثمئة عام مما يجعله دليلاً واضحًا على صيد اللؤلؤ كان نشاطًا رئيسيًّا في المنطقة.
مبانٍ مختلفة الصميم والتخطيط
وتم خلال موسم التنقيب كشفت الحفريات عن وجود مبانٍ مختلفة التصميم والتخطيط المعماري حيث إنّ بعضها يتكون من غرفة واحدة وبعضها يتكون من غرفتين، بالإضافة إلى اكتشاف مباني أخرى كبيرة تضم العديد من الغرف ويفصل بينهم عدد من الساحات الداخلية، وقد تم بناء المنازل من صخور الشاطئ المحلية والمواد التقليدية في البيئة المحيطة بالمدينة وكانت الأسطح مصنوعة من جذوع النخيل.
استمرار عمليات البحث والتنقيب
تجدر الإشارة إلى أنّ أعمال البحث والتنقيب تستمر في جزيرة السينية كونه مشروعًا مهمًا لدراسة تاريخ الإمارة وذلك بالتعاون وزارة الثقافة والشباب، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، والبعثة الأثرية الإيطالية ومعهد دراسة العالم القديم في جامعة نيويورك.