هارتس : لستَ أخي؛ أبو شاكر أقربُ إليّ منك

رئيس الكنيست الإسرائيلي السابق أبراهام بورغ.jpg
حجم الخط

بقلم: أبراهام بورغ*

 

 



يتم في الشبكات الاجتماعية تداول فيديو محزن، يوجه فيه الجد الثاكل، جد هيلل ويغيل يانيف، أقوالاً قاسية لي من وحي معاناته. "لا يوجد لك إخوة بيولوجيون، يوجد لك فقط إخوة في الفكر. جاءت أمك من الخليل... إذاً أمك أيضاً ليست أمك؟... ألستُ أخاك؟". جوابي على الصرخة الخارجة من الأعماق لا يقل صدقاً عن ذلك. آسف على موت أي إنسان، وبالتأكيد بسبب القتل، والتوتر القومي والصراعات السياسية الوحشية. لذلك، قلبي مع الجد الثاكل، في حداده على موت أعزائه، لكنه ليس أخي. توجد بيننا أمور مشتركة كثيرة مثل اللغة والمواطنة، ليس أكثر من ذلك.
أي إنسان بالنسبة لي هو عالم كامل، في حياته وموته. لذلك، لا يوجد فرق بالنسبة لي بين القتلى اليهود والقتلى العرب الفلسطينيين.
خلافاً للعزاء القبلي – القومي المتطرف والتلقائي للكثير من الإسرائيليين، فإن عزائي لا توجد له حدود جينية أو عقائدية. هو عزاء إنساني وعالمي، ويتركز على كل إنسان ولد وقتل على يد أشخاص آثمين. ومن الجدير هنا الدقة: هناك قتلة يهود أشرار مثل الذين شاغبوا ونكلوا بالناس في الحرم الإبراهيمي، وفي حوارة وفي دوما، وأعضاء التنظيمات السرية اليهودية. وهناك فلسطينيون، مثل أبو شاكر وأم شاكر، الذين خاطروا بحياتهم وأنقذوا جدي وأمي وأخواتها وأبناء أخواتها في الخليل. من هنا فإنه بالنسبة لي لا يوجد جدار فصل بين الخير والشر مبني على الدين أو الأصل.
إن الصرخة المفهومة جداً للجد الثاكل تضاف إلى الادعاء العاطفي، الذي بوساطته يحاولون حماية أنفسهم من الهزة التشريعية. "لكن نحن شعب واحد". لذلك، لن ننجر في أي يوم إلى "حرب أهلية"، وبشكل عام "اهدأ، يا أخي"، لقد حان الوقت للقيام بترتيب مفاهيم العائلة في إسرائيل. العائلة توجد لها طبيعة تباعدية. توجد لنا طفولة مشتركة في بيت الوالدين مع الإخوة والأخوات. بعد ذلك كل واحد يقيم عائلة.
أولاد الإخوة والأخوات يبقون بالنسبة لنا محبوبين ومعروفين. ولكن في الأيام التالية تمتد أغصان الشجرة وتبتعد إلى درجة الانقطاع الكامل بعد بضعة أجيال.
إذا أردنا تطبيق مبدأ العائلة على أحفاد الذين كانوا ذات يوم عائلة نووية، فإن الاستنتاج الحقيقي هو أن كل بني البشر جزء من عائلتنا، حيث كان لنا جميعا أب وأم في البداية. للأسف، عندنا مثلما هو عند انفصاليين كثيرين في العالم توقف الانتماء لـ "كل العائلات على الأرض" في مرحلة معينة. مرحلة عنصرية في جوهرها. الكثير من اليهود في إسرائيل الآن يفضلون علاقة الدم والتضامن التلقائي مع أبناء القبيلة اليهودية. هم الأعداء الأيديولوجيون لمن يفكرون مثلي.
نحن نؤمن بالإنسان وهم يؤمنون بالأرض، هم يؤمنون بقدسية الشعب والأرض ونحن نؤمن بقدسية حياة كل بني البشر، ونحن توجهنا نحو السلام وهم توجههم نحو الحرب، ونحن نريد المساواة وهم يريدون تفوق الشعب المختار، ونحن نؤيد الديمقراطية لـ "لكل مواطنيها" وهم يؤيدون استبداد شعب السادة.
لذلك، الإجابة عن السؤال المنطقي للجد بسيطة: أمي حبيبتي، نعم كانت أمي الرائعة. في حين أنك بعيد عني بيولوجياً وفكرياً، ما يلغي القرابة العائلية. ومن أنقذوها في الخليل هم قريبون مني أكثر بكثير منك. يثور بشكل تلقائي السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان الأمر هكذا فما هو القاسم المشترك بيننا؟ كان يمكن أن تكون بيننا أخوة إنسانية، لكن لأنني غير مستعد لقبول التضامن على أساس الدم وهم غير مستعدين لقبول الأخوة الإنسانية العامة، فإن هناك صراعاً قيمياً عميقاً بيننا.
هذا صراع أساسي بين جزء من اليهود وجزء من العرب وبين أجزاء أخرى في أوساط المجتمعين القوميين، غير المنقسمين تلقائياً وبشكل صارم على أسس جماعية وطنية أو قبلية.
أنا وأصدقائي – يهوداً وعرباً – نواجه بعض أفراد عائلتي منذ سنوات الذين يؤمنون بتفوق الشعب اليهودي، ونواجه أيضاً عدداً من أبناء عائلاتهم المتعصبين المسلمين الذين لا يختلفون عن نظرائهم اليهود. على كل الأحوال، إذا كانت هنا حرب فستكون حرباً أهلية وليست حرباً بين الإخوة، لأنه لا أحد من الذين سيقفون أمامي هو أخي في الموقف أو في القيم.
كل هذه القصة حول محبة إسرائيل ليست إلا تعبيراً عن نرجسية مخجلة.
جوهر اليهود واليهودية هو في أساسه الإيمان المطلق بـ "الهي، إلهنا إله واحد".
وكل ما بقي ينبع من هذا الأمر أو يسعى إليه. مرت الطريق إلى هناك بآية اسمع يا إسرائيل: "أحب الهك".
الإيمان بالله ومحبته لم يعد محور الوجود للجمهور اليهودي. أيضاً تطبيق الوصايا وفقاً للبركة "التي قدسناها في الوصايا" لم يعد ذا صلة. لذلك، مطلوب استبدال رائع. لقد قمنا باستبدال محبة الله بمحبة أنفسنا، محبة إسرائيل – مثل حنه ارنديت، أنا أيضاً صدمتني فكرة حب الأنا، التي قالت: "عظمة هذا الشعب كانت دائماً أنه آمن بالله... الآن هو يؤمن فقط بنفسه. ما الخير الذي يمكن أن يأتي من ذلك؟ إذا كان الأمر هكذا، وبهذا المعنى، فأنا لا أحب اليهود ولا أؤمن بهم".
حب النرجسي القومي لنفسه هو خطر واضح وملموس. العرب في الدولة لا يعتبرون جزءًا من معادلة دولة الجينات اليهودية.
وفي ظل غياب الصداقة الحميمية والأساسية داخل المركب اليهودي، وفي ظل غياب ثقافة الاختلاف، فإن أي شخص لا يتفق مع رأي "أخي" فليذهب إلى "الجحيم"، حسب التوجيه الوزاري الموقر.
لتكن ذكرى كل شهداء الكراهية مباركة.

عن "هآرتس"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*رئيس كنيست أسبق.