هل عادت الروح الى غزة مع بداية شهر رمضان المبارك ؟

حجم الخط

بقلم: منير الغول

 

 

 ما ان بدأ مواطنو  قطاع غزة المحاصر للعام الـ 16على التوالي صيام  اول ايام شهر رمضان المبارك ورغم انهم مثقلون بالهموم والخيبات التي ارهقت كاهلهم ومشاهد المعاناة والفقر حتى طفت اهازيج البهجة على السطح حيث يتمسك أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع بعاداتهم وثقافتهم تماما كما يتمسكون  بحق الصمود  والثبات  في  وجه الاجراءات الاسرائيلية ، حيث يبقى لشهر رمضان رونق خاص ليس له مثيل في اجوائه وروحانياته وممارسة طقوسه من حيث تزيين واجهات المنازل والمحلات والشوارع وحبال الزينة الرمضانية والفوانيس إضافة الى حلوى رمضان .

 

هذه المظاهر  تمثل ثقافة وحضارة المجتمع الفلسطيني في غزة حيث توارثتها الاجيال لتبقى خالدة في الذاكرة والتاريخ 

رغم التغييرات الزمنية ومواكبة التطور التكنولوجي  الذي طرأ على الحياة اليومية  حيث يحافظ المجتمع الفلسطيني على  طقوسه الرمضانية وعاداته الجميلة .

 

وتتميز غزة بلمة الاسرة حيث الموائد المليئة بالاطعمة الشهية رغم فقر الحال وخصوصا المأكولات الشعبية وتتقدمها أكلة الكرشات والفوارغ والمقلوبة والمأكولات التي يكون قوامها الرئيسي الارز والصيادية والكبسة والاعتماد ايضا على طبق الاسماك الرئيسي .

 

ويستيقظ مواطنو غزة على طبول المسحراتي قبل اذان الفجر لينادي ( يا نايم وحد الدايم ) وهو شعار تطبقه كل فلسطين ويحمل نكهة رمضان وعبقها حيث يسارع المواطنون الى النوافذ لتقديم اطلالة على المسحراتي الذي يرتدي في العادة زيا تراثيا مميزا لينادي بصوته الجهور على المواطنين لينهضوا لتناول وجبة السحور  متسلحا بطبلته وعصاه الصغيرة ومصباحه الذي  يساعده في تلمس خطواته متجولاً بين الشوارع وازقة المخيمات مردداً بين الحين والاخر الابتهالات الدينية والموشحات الرمضانية وكلمات مستوحاه من الواقع الفلسطيني تشكل تراثا غنيا لا تقل عنه بشيئ عملية شراء واقتناء الفوانيس  التي تعكس بهجة واحتفال الأطفال بقدوم الشهر الفضيل  حيث تتزين شوارع قطاع غزة بالفوانيس الرمضانية بأشكالها المختلفة والمصنوعة من المعدن والبلاستيك الملون والقماش الزاهية .

 

وفور نهاية وجبة الافطار تنشغل الامهات والبنات بترتيب البيوت بعد تناول الطعام والحلويات ويستغل الاطفال ذلك بالنزول الى الشوارع والمفترقات والحارات  حاملين الفوانيس مرددين الاناشيد العفوية التي تعبر عن براءتهم وطفولتهم .

ومن العادات المميزة في شهر رمضان بقطاع غزة ظاهرة لمة الاسرة حيث يحضر الاصهار والانسباء والاقارب في لمات حاشدة تزيد من تواصلهم وتوادهم وتراحمهم وتجمع بين كل الأجيال من الأجداد إلى الأحفاد، حيث يتم خلالها تبادل الأحاديث وإحياء الذكريات الامر الذي يعزز مشاعر الألفة الأسرية التي تقوي روح التكافل المجتمعي والتعاطف ويستمتع الفلسطيني في قطاع غزة بروحانية الشهر وطقوسه من خلال المحافظة على الجيرة الحسنة عبر تبادل صحون الإفطار فهذه العادة لا تغيب بين الأسر والجيران، وهي تحث ربات البيوت على الإبداع في إعداد الأكلات بهدف التباهي.

 

ويتميز  الطعام الفلسطيني في غزة خلال شهر رمضان بأصناف معينة يفضلها الفلسطينيون وتختلف أحيانا من منطقة إلى أخرى، ولكن الاتفاق يكون شبه تام حول المقلوبة والسماقية والمفتول والمسخن والمنسف ، كما لا تغيب المخللات والسلطات عن المائدة الفلسطينية. وبدون أدنى شك تتربع القطايف والكنافة والنمورة  على مائدة الحلويات وتبقى التمور هي فاتحة وبركة الخير لكل إفطار كما يتميز الفلسطينيون بالمشروبات واهمها  شراب الخروب الذي لا تخلو موائد البيوت منه وقمر الدين وعرق السوس والتوت ومختلف العصائر.

 

بهذه العادات وغيرها يبتهج الفلسطينيون في قطاع غزة ويستقبلون رمضان بأجواء روحانية وجمعات عائلية جميلة وصلوات في المساجد بأعداد حاشدة لكنهم يضعون الايادي على القلوب ففي اي لحظة قد يتحول فيها الغروب وموعد الافطار الى انفجار بالنظر الى معاناة السنوات الماضية التي لا زال عنوانها الرئيسي الحصار والازمة الاقتصادية الخانقة ورغم كل ذلك اعلنت غزة انها مصممة على انتزاع بهجة رمضان فهل تعود اليها الروح ؟