"أنت مُقال"، عاد وصرخ دونالد ترامب في البرنامج التلفزيوني الذي جعله نجماً. الأميركيون انتخبوه رئيسا، وعندها تبين أن الأمر الوحيد الذي يعرف كيف يفعله هو أن يُقيل.
فقد أقال بالتسلسل، وكأنه تملكه الشيطان، وزراء دفاع، وزراء خارجية، رؤساء طواقم، ومستشاري أمن قومي. وفي النهاية بقي فقط مع زوجته وأبنائه، وعصبة من الخرق البالية.
الدولة ليست برنامجا تلفزيونيا. يمكن دفعها قدما فقط بالصبر، بالانصات، وبالتكافل. والحزب الحاكم لا يمكنه أن يتصرف حسب قوانين طائفة غوئيل رتسون.
تثبت إقالة يوآف غالانت أن نتنياهو لم يعد معنا. فهو يتحول من بنيامين نتنياهو إلى يائير نتنياهو: تسقط الشجرة غير بعيد عن التفاحة.
بعد قليل سيعلن نتنياهو أن كل من اسمه يبدأ بحرف الجيم سيقال. المُقالة الأولى ستكون جالي بهرب ميارا؛ الثانية ستكون جيلا جمليئيل، الوزيرة؛ من بعدهم، جلعاد اردان، بيني جانتس، دافيد جروسمان؟ عندما نبدأ يكون من الصعب التوقف. ما هي الخطيئة التي تسببت بإقالة غالانت؟ لقد حذر نتنياهو من أن استمرار الهجوم على قوانين الدولة يمس بشدة بالجيش الإسرائيلي. بعد أن رده نتنياهو بقشة حوّل التحذير علنياً، وألمح إلى أنه لن يصوت مع القانون بالقراءة الثانية والثالثة. وليس غنيا عن البيان: التحول في انتخاب القضاة جاء إلى الكنيست كمشروع قانون خاص. والوزراء غير ملزمين بأن يؤيدوه. وأكثر من ذلك: أعلن غالانت أنه يؤيد ما تسميه الحكومة إصلاحا. فقط الخطوة أحادية الجانب والأضرار التي تتسبب بها للأمن تقلقه. بالإجمال، طلب التأجيل.
على الرغم من ذلك أقاله نتنياهو. لماذا؟ لأنه مسموح له. الإقالة هي مثال صارخ على إساءة استخدام القوة النظامية، ومؤشر على ما سيأتي. وصل نتنياهو إلى نقطة بات فيها مقتنعا بأنه فوق القانون، بما في ذلك فوق القوانين التي صوت في الماضي إلى جانبها. قال غالانت في منتهى السبت إن استمرار التشريع أحادي الجانب يخلق "خطرا واضحا، فوريا وملموسا" على أمن الدولة.
أخشى أننا وصلنا، أول من أمس، إلى المرحلة التالية: نتنياهو هو الذي يشكل الآن خطرا واضحا، فوريا، وملموسا على أمن الدولة.
البديل الطبيعي لغالانت هو ظاهرا سموتريتش: فقد كافح في سبيل المنصب، وهو يتولى لقب وصلاحيات وزير في وزارة الدفاع، ويوجد له مكتب هناك، وفي أيام الخميس يتراكض فيه "فتيان التلال".
وعلى فرض أن هذه ليست الخطة، فإن المرشح المطلوب هو آفي ديختر: كان وزير أمن داخلي ورئيس لجنة الخارجية والأمن، وهو لطيف مع الناس، وله عينان زرقاوان، وبعد أن تبنى تصريح غالانت وعد بأن يصوت مع القانون للسيطرة على تركيبة "العليا".
ديختر سيكون له، بعد التعيين، صيت سيئ بأنه انتهازي. عندما سأل ديختر رفاقه من الجيش لماذا يسكت أمام الجنون قال أريد أن أكون رئيس وزراء.
هو لا يفهم أنه حتى لو عين وزير الدفاع فإنه سيبقى بمثابة المشبوه الدائم. في اللحظة التي أطلق فيها تغريدة تأييد لوزير عاق فقدت العائلة الثقة به. لكن ديختر مجرد كومبرس في هذا الفيلم السيئ. إقالة غالانت توجه ضربة أخرى، قاسية جدا إلى الضباط في الجيش الإسرائيلي، من هيئة الأركان فما دونها. الضباط في الاحتياط والضباط في الجيش الدائم. ليس مهماً من سيكون الخرقة البالية من بين وزراء "الليكود"، الذي سيأخذ المنصب، فإنه سيستقبل بسور من الشك، وسيجد صعوبة أكبر حتى من غالانت في أن يصد الموجة.
لا غرو أن جموعاً من الاسرائيليين هرعوا على الفور بعد نشر أمر الإقالة وسارعوا إلى إغلاق مسارات أيالون بغضب انعدام الحيلة. بدأت السيارات تطلق زواميرها في الطرقات. كان هذا رد فعل أول. نتنياهو يقود الاسرائيليين إلى مواجهة داخلية لم يكن مثلها في الـ 75 سنة من عمر الدولة. توجد فيه نزعة هدم لا يمكن التحكم بها ولا يوجد من يشد اللجام.
عن "يديعوت"