ذكرى يوم الأرض الذكرى 47 كان ذاك اليوم ليس كما قبله في الجليل عندما حاولت دولة الاحتلال تغيير الصيغة الديموغرافية في تلك المنطقة وباستخدامها كل وسائل العنف بارتقاء 6 شهداء و 49 جريح في 30 مارس 1976 و كانت المواجهة الاولى بين فلسطينيي الداخل مع حكومة الاحتلال عندما اصدر ما يسمى شريك سلام الشجعان اسحاق رابين خطة للسيطرة على ارض في الجليل وبناء تجمعات سكنية يهودية عليها وبما يسمى "مشروع تطوير الجليل" و بالتالي اصدرت الحكومة الاسرائيلية قرارا بمصادرة 21000 دونم تعود ملكيتها للفلسطينيين في سخنين وعرابة ودير حنه وعرب السواعد وجدير بالذكر ان مجمل الاراضي التي صادرتها اسرائيل في الجليل و المثلث ما يقارب مليون و ثلاثمائة الف دونم ، كانت ردت الفعل هو الاضراب الشامل من الجليل الى النقب و مظاهرات كان رد السلطات الاسرائيلية هو القمع العسكري والقوة الغاشمه بقيادة رفائيل ايتان القائد العسكري للجيش الاسرائيلي ولأول مرة تقتحم الدبابات و المجنزرات الاسرائيلية مناطق المثلث والجليل .
هي تلك الذكرى والذكر التقليدي الذي يلقى من جانب الفصائل والقوى الفلسطينية او بعضها فقط التغني بتلك الذكرى لالتصاق الشعب الفلسطيني بأرضه و هي ذكرى سنوية لا تزيد عن الذكر الخجول امام الاقتحامات المستمرة للضفة الغربية و مصادرة الاراضي وهدم المنازل و السيطرة بالكامل على المنطقة سي التي حددت بموجب اتفاق العار اوسلو ، فمنذ توقيع هذا الاتفاق المشؤوم كان هو الاؤوتوستراد لتهويد الضفة الغربية والتقسيم الزامني والمكاني للمسجد الاقصى بل اعتراف بعض قادة الصدفة في فتح عن حق اليهود في حائط البراق على الشبكات الفضائية الاسرائيلية بل قد يكون التغني لا يكشف عن ما يدور تحت الطاولة من تنسيق امني و دعم لوجستي لملاحقة فتية و نشطاء امنوا بربهم وبأوطانهم و بمسؤولياتهم الوطنية نحو التحرير وهذا ما يحدث بالضبط في جنين و مخيمها و نابلس و طول كرم .
يوم الارض كان يعني ان يكون متوافق مع برنامج تعبوي تعووي تحريضي لزيادة مقاومة الاحتلال والوصول الى حالة العصيان المدني في الضفة الغربية امام النزيف المستمر لدماء الفتية الفلسطينيين الذين امتشقوا سلاحهم بما يخالف توجهات السلطة والتزاماتها ، يوم الارض يعني ان نصل الى الحالة الشعبية والجماهيرية التي التزم بها سكان الجليل في ذاك التاريخ حماية للارض في الجليل والمثلث بل كان المطلوب عبر تلك السنوات تطوير المواجهة والتصدي بكل الطرق لمخطط التهويد الذي يتم خطوة بعد خطوة فمؤخرا وبوجود بن غفير قد تلغى دائرة الشؤون المدنية المسؤول عنها حسين الشيخ لتتحول الى المسؤول العسكري للادارة المدنية للاحتلال بل ربما لما يسمى الامن الوطني الذي يقوده بن غفير .
التغني بيوم الارض بدون فعل وعمل منظم لا يعني الا شيء واحد الا ركوب الحالة والموجة والتاريخ لصالح فئة تنازلت عن خيارات الشعب الفلسطيني في الكفاح المسلح والتحرير لمشروع تسووي على جزء من الارض الفلسطينية للان وللان لن ينالوا منها شبرا واحدا ذات سيادة والانجاز الوحيد الذي حققوه هو ظهور الفوارق الطبقية والاجتماعية بين قادة السلطة وفتح والفصائل عن بقية الشعب و هي مصالح قد تتآلف مع الواقع الحالي عندما تكون الحالة هي ربط بين المصالح الطبقية والشخصية لرجال السلطة وفتح مع الاحتلال و من هنا يعترف احد قادة الاحتلال الاسرائيلية ان دولة اسرائيل يمكن ان تجد رخاء لواقع فلسطيني في الضفة تقوده تلك القيادة او مستنسخاتها .
لا اريد ان اتحدث عن كثير مما تحدث عنه الاخرين من انقسام كان سيفا ذو حدين لانهاء البرنامج الوطني الفلسطيني واحداث تحولات خطيرة فيه بما يؤثر على الديموغرافيا والجغرافيا للتجمعات الفلسطينية في الضفة وغزة وفي الجليل ايضا ، فلقد عمدت قيادة منظمة التحرير على ان تخرج المكون الوطني والسياسي لفلسطينيي 48 من برنامجها علما بأن اي نظرة موضوعية للصراع كان يجب ان يعتمد النظام السياسي الفلسطيني المكون الوطني و السياسي في الجليل ومالثلث كمكون اساسي ورئيسي في النضال والكفاح ضد المشروع الصهيوني .
واخيرا يأتي يوم الارض امام انهيار جزئي للمنظومة الاجتماعية والسياسية للكيان الصهيوني المستجلب من اكثر من 80 دولة في العالم لتبقى الحقيقة ساطعة لكل من يريد ان يزور المفهوم الاجتماعي للمجتمعات ويطلق صفة المجتمع الموحد على كيان متعدد الثقافات والميول يحكمه الصراع بين النخب الاتية من الغرب بإختلافاتها الثقافية والمصلحية .
المظاهرات العارمة في اسرائيل التي تفجرت نتيجة انقلاب يقوده الفاشية المتطرفة في اسرائيل بقيادة ناتنياهو تعكس حالة الصراع الذي وئد في المؤتمر الصهيوني الاول بين العلمانيين و الصهيونية التلمودية و محاولة الاخيرة السيطرة على النظام السياسي والامني الاسرائيلي بقوانين و فرائض دينية و هذا ما يتنافى مع المكون العلماني الذي له مرجعيات امريكية وبريطانية واوروبية و لها برنامج يخدم مصالح الانظمة السياسية في تلك الدول ، الصهيونية التلمودية التي يقودها بنغفير وسمورتيتش وزير المالية قد تكون اللبنة الاساسية لتغير البرنامج الوطني الفلسطيني وانتهاء مدة قيادة فلسطينية لم يحالفها الصواب في خياراتها نحو السلام ويمكن ان تكون نقطة لتغيير البرنامج الوطني الفلسطيني بأن الصراع ليس صراع حدود قدم ضمن مشاريع من التقسيم الى تبادلية الاراضي الى حل الدولتين الى الدولة البديلة كلها مشاريع ساقطة تظهر ان الصراع على الارض كل الارض فهو صراع وجود وليس صراع حدود اذا ربما نشهد التغيرات والصراع في داخل دولة الاحتلال تغير في البرنامج والادوات والقيادة للشعب الفلسطيني فالعالم يتغير والقطب الاوحد انتهى وتعددية الاقطاب والتوازنات النووية قد تخدم الشعب الفلسطيني في صراعها على الارض والوجود الوطني على فلسطين كل فلسطين .
ملاحظة : نذكر بتصريح بن غفير "بأن اسرائيل دولة ذات سيادة وليست نجمة في العلم الامريكي"