معادلة... تخلفنا وديمقراطيتهم

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

من المؤكد ان الجماهير العربية على امتداد الوطن الكبير ، شعرت خلال الأشهر الثلاثة الماضية ، بالتحسر والخيبة إزاء المظاهرات الإسرائيلية على مدار" ١٢" أسبوعا بمئات آلاف المشاركين ، دون ان تطلق خلالها رصاصة واحدة ، ودون ان تزهق روح واحدة ، ودون ان تراق نقطة دم واحدة ، ودون ان نسمع عبر الماكينات الإعلامية اتهامات من قبيل "قلب نظام الحكم" او "الاستيلاء على السلطة" او "التآمر مع جهات واجندات خارجية"، وبالتالي لم نشهد مشانق واعدامات بالجملة والمفرق تنصب هنا وهناك وسط أجواء احتفالية تؤيد بقاء النظام وتستنكر محاولات الانقلابيين واعدامهم في الشوارع والساحات والجامعات والجوامع تحت شعارات رعاعية تصل حد اعتقال عائلات المشاركين او اجبارهم على التنكر لما قام به ابناؤهم و التبرؤ منهم ومن افعالهم .
من المحيط الى الخليج، في اثنتين وعشرين دولة وعلم وجواز سفر وعملة وحدود و نظام جمهوري وملكي واميري وسلطاني ، ناهيك عن الانقسامات الجديدة في الدولة الواحدة كالصومال الذي اصبح أربعة ، والسودان الذي انقسم الى سودانين قابل للمزيد ، واليمن ، وليبيا ، حتى فلسطين التي ما زالت تخضع للاحتلال انقسمت فعليا الى قسمين ، ومن قبل ، قسموا الخليج الى ستة ، ناهيك عن التقسيم الطائفي في لبنان والعراق ، والذي لا يقل خطرا عن الانقسام الجغرافي .
في خضم عملية "التحسر العربي" إزاء ما يحصل في الكيان ، تجدهم قد جاءوا من اوطان مختلفة وجنسيات متعددة فيتوحدوا تحت علم واحد ، يرفعه المناهضون و الموالون على حد سواء ، ومقارنة بنحن أبناء الشعب الفلسطيني نختلف حتى اليوم على الراية التي نرفعها ان كانت خضراء ام صفراء ام حمراء ام سوداء ، ناهيك عن الفصائل الصغيرة التي بالكاد ترى بالعين المجردة ، فلها من الرايات والألوان نصيب .
من هنا يأتي اختلال المقارنة بيننا وبينهم، إذ لا يجوز جمع التفاح مع البرتقال، كما لا يجوز تفضيل المهندسين على الأطباء، ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتماد الديمقراطية في نظام فاش، او الفاشية في نظام ديمقراطي قائم على عنصرية الدين او اللون ، الامر لا يتعلق بقدوم أحزاب يمينية متطرفة بزعامة بن غفير وسموترتش، يدعون علنا لمحو قرى بأكملها عن الخارطة ، بل بأحزاب علمانية ، تقوم باحتلال شعب آخر منذ ستين سنة، تشرد اباؤه واجداده قبل ذلك بعشرين سنة، في عشرات المجازر التي أدت الى طردهم من وطنهم فيصبحوا لاجئين ونازحين على فتات "الاونروا" والأمم المتحدة . كيف لحكومة تحتل شعبا آخر ان تكون ديمقراطية ؟ .
قبل أيام ، كتبت صحيفة "هآرتس": "ان ابن نتنياهو يائير هو من أقال وزير الدفاع" ، وربما تكون أمه سارة هي التي عينته، فلها في التعيينات باع وذراع، و جنرال متقاعد وجه نصيحته لنتنياهو ان يهرب ، فبماذا يختلف هذا عن أي نظام رجعي او عربي ؟؟ . ولكل الاخوة المتحسرين: افضل لنا مئة مرة ان نكون بلا ديمقراطية، على ان نكون مرة واحدة دولة محتلة تمارس احتلال شعب آخر .