يحيي الشعب الفلسطيني ذكرى يوم الأرض في 30 آذار من كل عام، بعدما صادرت إسرائيل 21 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية عام 1976، وتخليدا لاستشهاد 6 فلسطينيين. ذكرى يوم الأرض تأتي هذا العام وأكثر من 720,000 مستوطن يقيمون في 450 مستوطنة. الحكومة الجديدة بقيادة نتنياهو، وبالرغم من المظاهرات وانشغالاتها الداخلية في مواجهة معارضيها، إلا أنها لم تضيع اي وقت لاتخاذ قرارات لمصادرة المزيد من الأراضي لمصلحة الاستيطان، والتهويد في القدس والضفة. سياسة ضم ومصادرة الاراضي وسياسة التهجير والطرد للسكان هي سياسة ممنهجة ضمن استراتيجية الاستعمار الكولونيالي الذي نشهده على الأرض الفلسطينية.
ما شهدناه من مظاهرات في الشوارع الاسرائيلية الاسبوع الماضي، ما هو الا وسيلة حضارية للشعوب للتعبير عن رفضها لسياسات حكوماتها، من المؤسف اننا لم نشهد المجتمع الإسرائيلي الليبرالي اليساري ينادي بإنهاء الاحتلال وضمان حقوق الانسان للفلسطينيين, هذه المظاهرات تذكرني بـ "مسيرات العودة" التي شهدناها في قطاع غزة قبل عدة أعوام.
في ذكرى الأرض, الصمود على هذه الأرض وإن كان سلبياً هو أكبر أشكال المقاومة, البقاء يرهق الاحتلال. نستذكر مسيرات العودة حيث خرج الفلسطينيون رفضاً واستنكاراً لإجراءات الاحتلال مطالبين بأبسط حقوق الانسان ضمن نهج المقاومة الشعبية السلمية التي خرجت بصورة مسيرات العودة التي بدأت منذ ٣/٣٠ أي بيوم الأرض بشكل اسبوعي للمطالبة برفع الحصار وبالحقوق الأساسية كالعيش بكرامة وحرية التنقل والعلاج والدراسة والعمل والتحرر والعودة والعيش بحرية وبسلام. وكانت النتيجة استشهاد ٦١ فلسطينيا بعد استهدافهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال تظاهرهم السلمي.
ردة الفعل الإسرائيلية الرسمية على مسيرات العودة تمثلت بجرائمها العلنية واستخدامها لأسلحة محرمة ضد المتظاهرين السلميين على شاشات التلفاز، جاءت مرة أخرى للالتفاف على الحقائق فخرج المتحدثون باسم الاحتلال لتوجيه اللوم عَلى حماس ولتحميل حماس مسؤولية سقوط هذا العدد من الشهداء والجرحى. كان هذا رد فعل متوقع اعتدنا عليه من قبل الاحتلال الذي يحاول دائماً إلقاء اللوم على الطرف الفلسطيني بأي شكل مِن الأشكال.
مع ذكرى يوم الأرض، ما زال قطاع غزة يعاني في سجن كبير يفتقر لمقومات الحياة البشرية الطبيعية وحقوق الانسان، في الضفة نشهد مزيداً من إرهاب المستوطنين وسياسات الضم والاستيطان ومصادرة الأراضي والإعدام وهدم البيوت والقوانين العنصرية للاحتلال في أرضنا، وانتهاك القانون الدولي، وتراجع الدعم الدولي في كثير من القطاعات، وتزايد الجرائم ضد الانسانية في ظل عدم تحرك دولي, كل ذلك إضافة للانقسام وانعدام الديمقراطية والشفافية وحقوق الانسان.
في ظل الإملاءات التي يفرضها نتنياهو على الأرض، وبعد ٣٠ عاماً من العملية السلمية، من الحكمة أن نستلهم من مسيرات العودة ونعمل جميعاً لحماية التظاهر والمقاومة الشعبية السلمية. فمسيرات العودة هي النهج الذي تبقى لنا، ومن مصلحتنا الحفاظ عليها لأن تمددها الطبيعي، ليس فقط في قطاع غزة ولكن في كل أماكن تواجد الفلسطينيين تحت الاحتلال، سيولد عصيانا مدنيا ضد آلة الاحتلال الإسرائيلي. التأكيد على سلمية وشعبية وشمولية هذه المظاهرات وعدم مأسستها وتحزيبها هو شرط نجاحها كاستراتيجية للخروج من الوضع الراهن المتمثل بصراع داخلي "الانقسام" والاحتلال الإسرائيلي.
- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي, كلية الدراسات العليا, الجامعة العربية الأمريكية.