يديعوت : إعادة الإسرائيليين المحتجزين لدى "حماس"، الآن، البلسم الشافي لإسرائيل الجريحة

حجم الخط

بقلم: ليئور لوتان*

 

 




إعلان رئيس الوزراء، الأسبوع الماضي، بشأن وقف الإصلاح القضائي هو ذروة فترة الاضطراب الذي شهدته إسرائيل في الأشهر الأخيرة. وقريباً سنعرف إذا كانت فترة الحوار ستنجح وتنتج تغييراً جوهرياً ودائماً للمجتمع الإسرائيلي أم ستذوي وتخلي مكانها لاستمرار الأزمة. مهما كان التالي، من الواضح والملموس للجميع أن الأشهر الأخيرة أطلقت الشياطين من صندوق المفاسد الإسرائيلي، والتي لا تزال شرورها تحوم فوقنا وبيننا. وحتى لو تحقق إجماع واسع في موضوع الإصلاح القضائي فإنه لن يكون كافياً بحد ذاته لإعادة كتلة الشياطين الى الصندوق في الفترة المنظورة للعيان.
لهذا الغرض مطلوب للإسرائيليين غطاء للصندوق – حدث شاف، وملطف للاجواء، ومعظم للقوة، ومقبول جماهيرياً بوسعه أن يقدم إسعافاً أولياً للندبة النفسية الإسرائيلية الجريحة.
في هذه الفترة يوجد رابط نادر من المصالح الإقليمية والتوقيت الخاص الذي يسمح بصب غطاء ثقيل الوزن؛ والمقصود موضوع واحد – اعادة قتلى الجيش والمواطنين المحتجزين لدى "حماس" في غزة.
يشير تحليل مصالح الأطراف المشاركة الى أن الجميع يوجد لهم في هذا الوقت مصلحة في تحقيقها. فالمشاركون في مؤتمري العقبة ومصر، اللذين عقدا مؤخراً - إسرائيل، السلطة الفلسطينية، الأردن، مصر، والولايات المتحدة – سيؤيدون كل حدث يساعد في استقرار الوضع المتفجر في الضفة وغزة، اضافة الى أن ذلك "يحرر" مقدرات إعادة بناء غزة الممنوعة عنها اليوم. دول اخرى ايضا تقيم علاقات مع "حماس" في غزة كقطر قد تؤيد حدثاً يمنح برأيهم التنظيم إنجازاً يساهم في استقرار نظامه.
يركز نظام "حماس" نفسه على إعادة بناء قطاع غزة، وهو محدود في إمكانيات العمل العسكري تجاه إسرائيل. جهوده لتعظيم أعمال "الإرهاب" في منطقة الضفة بهدف جر إسرائيل الى ردود فعل تصعيدية تشعل المنطقة، داخل إسرائيل أيضاً، لا تحقق هدفها بفضل نجاعة الإحباط غير المسبوقة لمحافل الأمن الإسرائيلية.
في واقع من معادلة القيود هذه، فإن لـ "حماس" مصلحة في أن تعرض مع ذلك إنجازاً آخر تجاه إسرائيل، في مجال لا يتأثر بهذه الاضطرارات. هكذا كان تجاه "حزب الله" في قضية مخطوفي هار دوف. في تشرين الأول 2000، بينما كان الجيش كله غارقاً في قتال عنيد في كل الجبهات تجاه الانتفاضة الثانية التي اندلعت قبل وقت قصير من ذلك هاجم "حزب الله" مركبة دورية للجيش في منطقة هار دوف، وخطف الى لبنان جثث ثلاثة مقاتلين من الجيش. بعد نحو أسبوع من ذلك أعلن نصرالله بأن لديه مواطناً إسرائيلياً آخر، عقيد احتياط اختطف وأخذ الى لبنان على خلفية جنائية. ومنذ ذلك الحين، وعلى مدى نحو ثلاث سنوات جرت مفاوضات بين إسرائيل و"حزب الله" من خلال وسطاء لم تنجح حتى صيف 2003 حين أعلن "حزب الله"، فجأة، عن استعداده لإعادة المخطوفين الإسرائيليين.
في نظرة الى الوراء تبين الدافع للتغيير المهم في مصلحة التنظيم – في ربيع 2003 اجتاحت العراق قوات التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، بهدف إسقاط نظام صدام حسين. وفي غضون ثلاثة أسابيع من القتال احتُل العراق وأُسقط النظام. في الفترة التالية تواصل التواجد العسكري للتحالف في العراق لغرض الحرب ضد العصابات المحلية، وكل "اللاعبين" في المنطقة، بما في ذلك "حزب الله"، كانوا أمام فترة من انعدام اليقين استوجبت تعديل استراتيجية العمل لديهم بما في ذلك تقليص المخاطر وتقليص كبير للأعمال العملياتية في المنطقة.
في هذا الواقع فهم "حزب الله" بأنه لأجل الحفاظ على مكانته في لبنان وفي المنطقة فان عليه أن يصل الى إنجازات في مجالات اخرى ليست عملياتية، فتوجه الى اتفاق لتحرير سجناء في إسرائيل. ولأجل تنفيذ الاتفاق بسرعة كان مستعدا لتنازلات جوهرية في مطالبه الاصلية. فمثلا وافق على موقف إسرائيل بان تكون هوية كل السجناء الفلسطينيين الذين سيتحررون في الاتفاق تقررها إسرائيل، وان يكون هؤلاء سجناء حكموا على مخالفات متوسطة فما دون، وتبقت لهم على اي حال أيام قليلة فقط لقضائها في السجن. فاستؤنفت مفاوضات جوهرية بين الطرفين، وبعد أربعة اشهر فقط اعيد قتلى الجيش والمواطن من لبنان الى إسرائيل.
اليوم، يقف حكم "حماس" في غزة أمام وضع مشابه في أساسه. اضطرارات وكوابح عديدة تنطبق عليه وامكانياته لتحقيق إنجازات عسكرية او غيرها تجاه إسرائيل قليلة. اما الاتفاق مع إسرائيل لإعادة المخطوفين الإسرائيليين الذين لديه فسيمنحه انجازا في هذا الواقع المركب المفروض عليه.
وماذا عن المصلحة الإسرائيلية؟ بعد أكثر من ثماني سنوات من الحرج والإحباط احتجز فيها إسرائيليون على مسافة عشرات الكيلومترات فقط من مركز البلاد في أيدي تنظيم معادٍ أضعف جوهريا من دولة إسرائيل، ستحظى إسرائيل، بكل قبائلها، بحدث رابط وموحد، بإحساس قوة داخلية ينبع من فهم الفعل ويقوم على أساس القيم المشتركة. وأساساً، فانه بتعزيز العنصر الأهم للوحدة في فترات الأزمة – إحساس الأمل المشترك، بروح ما جاء فيه النبي يرمياهو "ويكون الأمل ويعود الأبناء الى حدودهم".
ما هو المطلوب من إسرائيل لأجل تحقيق ذلك؟ أولاً، الاعتراف بأنه من الضروري العمل بشكل مختلف تماما عن الطريقة التي عملت بها حتى الآن. تتصدى إسرائيل لاحتجاز أسرى ومفقودين لدى منظمات معادية ليست دولاً منذ حملة الليطاني في لبنان في 1978. منذئذ في الـ 45 سنة التي انقضت، احتجز قتلى اسرى ومواطنون لدى منظمات العدو في لبنان وفي غزة على فترة متراكمة من نحو 33 سنة (نحو ثلاثة ارباع الفترة). بمعنى ان احتجاز إسرائيليين لدى منظمات العدو ليس حدثا مصادفا، بل ساحة دائمة تستوجب فكرة عمل شاملة وواضحة وأساليب عمل ناجعة.
ان تحليل عموم القضايا في هذه الفترة يبين أن مدة الأحداث طالت ووصلت الى متوسط عدة سنوات، عدد الأسرى المحررين من قبل إسرائيل في ميل ارتفاع، وهكذا أيضاً خطورة الأفعال التي حكم السجناء عليها. استنتاج التحليل واضح وصريح: لاجل النجاح في تغيير هذه الميول، على إسرائيل أن تعمل بشكل مختلف. مختلف في استراتيجية العمل، ومختلف في خطة العمل، ومختلف في أساليب العمل.
تفاصيل كل هذه جدير الا تنقل الى العدو بوساطة الصحيفة، لكن يمكن تحديد مجال واحد حيوي للتنفيذ الفوري. لاجل الوصول الى انجاز سريع ومناسب للمصالح الإسرائيلية، على إسرائيل أن تغير طريقة معالجة الموضوع بوساطة منسق، واستبدالها بقيادة قاطرة شديدة القوة وجاذبة ودافعة. عليها أن تحمّل المسؤولية وصلاحيات المهمة لواحد من أجهزة الأمن الإسرائيلية، يوجد له توفق نسبي لتحقيقه: في معرفة تنظيم "حماس"، وفي قدرة الوصول اليه والى الوسطاء، وفي تجربة العمل معه، وفي قدرة التأثير على روافع ذات صلة بالتنظيم، وفوق كل شيء في الاستعداد وفي التفاني ليأخذ على عاتقه هذه المهمة العاجلة.
لكن ليست فقط المصالح تجتمع في هذا الوقت لدى عموم الجهات ذات الصلة لاتفاق لإعادة الإسرائيليين الذين في غزة. في نيسان الحالي توجد أيضا لحظة مناسبة خاصة لدى كل الأطراف بسبب الأعياد التي تحل فيه: عيد الحرية، و"يوم الاستقلال"، الإسرائيليان، وعيد الفطر الإسلامي، هذه نافذة فرص خاصة وقصيرة الموعد لتحقيق سريع للاتفاق.
هذا المنشور "لن يرفع الثمن" الذي يطلبه العدو، لأن الثمن المطلوب معروف، والعدو أيضا يعرف بأنه ليس مقبولاً من إسرائيل. تستهدف هذه الأقوال التأكيد وتحريك الطرف الإسرائيلي للقيام بعمل مركز، ذكي ومصمم، لإعادة الإسرائيليين المحتجزين لدى العدو. أشخاص، منظمات، وشعوب تعلق في فترات أزمة تعرف بأن عملاً ناجحاً هو سلم ناجع للغاية للخروج من الأزمة. هذا العمل ليس فقط ممكناً، بل ضروري لإسرائيل.

عن "يديعوت"
ـــــــــــــــــــــــــــ
*عقيد احتياط ومنسق الأسرى والمفقودين سابقاً ومسؤول عن هذا المجال في الجيش.