لم يعد هناك من "أسرار" فيما يتعلق بالخطة التي تنفذها حكومة "التحالف الفاشي المستحدث" بقيادة الثلاثي، فيما يتعلق بالقدس وتحديدا المسجد الأقصى، لتكريس واقع تهويدي بمسميات مختلفة، كانت بدايتها ما عرف بـ "اتفاق الكاميرات" بوساطة وزير خارجية أمريكا جون كيري عام 2016، ما وضع أسسا لتغير الوضع القائم تاريخيا، وانطلاقة زمنية نحو تأسيس "حالة تهويدية"، مرت مرورا صامتا، او راضيا، من قبل الرسمية الفلسطينية، بل هناك من حاول تجاهله، رغم انه أول رصاصات التهويد.
ولم يكن مفاجئا، كيف أن الخارجية الأمريكية سارعت في اليوم التالي لاتفاق الكاميرات بتغيير استخدامها لمسمى الحرم القدسي، ليصبح التعبير الرسمي الأمريكي (الحرم القدسي/ جبل الهيكل)، ممهدا الطريق للاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان ما قبل ترامب، وكررت الرسمية الفلسطينية، وكل الرسمية العربية (جامعة ودول) صمتهم المطلق على تلك العملية التهويدية، لتكون رسالة مضافة بعد اتفاق الكاميرات أن "الغضب" لن يكون، وفتح الباب للتقاسم الزماني حول دخول الحرم وساحة البراق والحائط من اليهود والمستوطنين.
اتفاق الكاميرات، كان بداية عملية لفرض "التقاسم" داخل الحرم، مكتفيا في حينه بالزماني بقيمته الدينية – السياسية، وتغيير معالم واقع تاريخي لم يكن يوما، بل كان ذلك جوهر "المواجهة الكبرى" التي انطلقت بعد محاولة "الثنائي باراك – شارون" تكريس حالة اقتحامية، بين 2000- 2004، المواجهة الأطول قادها الخالد المؤسس ياسر عرفات، في ملحمة نادرة كلفت دولة العدو كثيرا، وربما خسائر بشرية لم تتوقعها يوما، بفعل تلك المواجهة، والتي انتهت باغتيال المؤسس للكيانية الوطنية المعاصرة، وفتح الباب لعهد جديد، من فرض تهويد القدس والحرم القدسي، بأشكال مختلفة.
في عهد ترامب، شارك السفير الأمريكي فريدمان في شهر يوليو 2019، بنشاط تهويدي مع مبعوث الإدارة غرينبلات وزوجة نتنياهو سارة، في موقع أثري وافتتاح ما يسمى "طريق الحج" في حي سلوان بالقدس الشرقية، دون أي رد فعل سوى تصريحات "غاضبة" كما فقاعات الصابون، تنتهي خلال ثوان دون أثر.
العملية التهويدية لا تستطيع دولة الكيان فرضها مرة واحدة، كي لا تذهب بحسابات أخرى، لكنها بدأت بعد عام 2005، بالعمل التنفيذي "خطوة خطوة"، وفق مساحات زمنية متعددة، وبصيغ مختلفة، لا تبدو كأنها ذات تأثير على الجوهر القائم في مدينة القدس والحرم القدسي، والمشهد اليومي لاقتحام المستوطنين الإرهابيين للمسجد هو جزء منها، ولذلك تعمل بشكل دائم على توفير الحماية العسكرية المطلقة لتلك الاقتحامات، مقابل حرمان أهل القدس من عمليات "اعتكاف" تمثل مظهرا من مظاهر الحماية للمقدس الوطني والديني، الى جانب أنها مظهر من مظاهر العبادة الدينية.
ويبدو، ان "التحالف الفاشي المستحدث"، قرر كسر "رتابة الفعل التهويدي"، والذهاب بشكل أسرع لإحداث تغيير جوهري نحو فرض "التقاسم المكاني" داخل الحرم القدسي وساحة البراق، كمقدمة جوهرية نحو "بناء الهيكل" المزعوم في منطقة البراق، والتي كانت مركزية الفعل الصدامي سياسيا في مفاوضات كمب ديفيد 2000، ثم الصدام العسكري والشعبي الأكبر خلال سنوات أربعة.
لم يكن موقف المؤسس الخالد ياسر عرفات برفض كل ما يمكن أن يمس هوية القدس، والحرم القدسي ساحة وجدار ومسجدا، سوى استشراف لمخطط تم الحديث منذ سنوات، وصلت الى نشر صورة "الهيكل" على حساب الحرم في مشهد يبدو أنه يطل من جديد الى المشهد، رغم ما حاول البعض في زمن الخالد الاستخفاف بموقفه وشعاره الذي لن يزول "عالقدس رايحيين شهداء بالملايين".
معركة القدس الراهنة تجاوزت قضية فتح الطريق لعملية الاقتحامات اليومية والمستمرة منذ سنوات، ولكنها معركة فرض "اتفاق جديد" يكون "التقاسم المكاني" هو الجوهري داخله، وإن لم يكن ضمن "اتفاق رسمي" فليكن "اتفاق واقعي"، كي لا يدعو ذلك الى انفجار غير محسوب، لذا يتم الذهاب الى تمرير التغيير الجديد بأشكال جديدة.
والصراخ الرسمي الفلسطيني ومعه العربي، سواء عبر بيانات متلاحقة لا يتذكرها أحد، سوى "هواة جمع الكلام خاصة الفارغ"، أو نشاطات مظهرية عبر مؤسسات ينتهي دورها بانتهاء اللقاء، وليس ببعيد يوم 5 أبريل 2023 بعد بيان مندوبي الدول العربية، فساعات كان رد حكومة التحالف الفاشي المستحدث...
والخوف أن يكون الذهاب الى مجلس الأمن، بدون مواقف محددة تبدأ بقطع العلاقة مع الكيان، وتجميد بعض أشكالها، وتوجيه انذار صريح بسحب السفراء المتواجدين، سيكون مجلس الأمن "بوابة التقاسم المكاني"، بصيغ ملتبسة، لكنها ترسل الإشارة لتعزيز ما تم سابقا منذ عام 2016.
الفرصة الأخيرة لمنع مخطط "التقاسم المكاني" للرسمية الفلسطينية، بأن تذهب الى تحمل مسؤوليتها الخاصة بصفتها التمثيلية، كي تفرض معادلة مواجهة جديدة، وليكن مجلس الأمن ممرا لها، وليس ممرا لتهويد القدس والمسجد الأقصى.
ملاحظة: جاء بيان خارجية الإمارات حول القدس "سقطة سياسية وصدمة وطنية"..المعتكفون ليسوا مشاغبين ولا فوضويين..هم حراس المسجد وحماته ويستحقون كل تقدير ورفع قبعة..الاعتذار واجب لفلسطين وقدسها..ولمن كان عاشقا لها الشيخ زايد.
تنويه خاص: كل خطوة "فكفكة" توتر بين إيران والعربية السعودية تساوي صفعة على خد الأمريكان، ومعهم دولة الكيان..بدون صراخ أو ضجيج..المهم أن تدرك قيادة بلاد فارس أن خيرها مع العرب كلهم مش مع بعض أدوات طائفية منهم...!