يديعوت : نتنياهو لم يعد أهلاً للقيادة: يجب تجريده من عناصر القوة

باراك1.jpg
حجم الخط

بقلم: إيهود باراك*




1. ماذا تغير؟
سبق أن أجاب عن هذا السؤال بشكل أفضل مني دافيد غروسمان. فقد قال: "تغيرنا، نحن المحتجين... لم نعرف أنه توجد فينا مثل هذه القوة، مثل هذا التصميم، النفسي الطويل... نحن الذين لم نعد مستعدين لأن نسكت بعد اليوم. نخرج للتظاهر، نصرخ، نزأر... نعيد صياغة مبادئ المجتمع المدني... نري أين تمر خطوطنا الحمراء، خطوط الرفض والعصيان المدني غير العنيف... الانقلابيون لم يقرؤوا على نحو سليم، لا توقنا للحرية ولا القيم والأماني الأولية... قيمة المساواة لكل إنسان وإنسان، الروح الديمقراطية، الإنسانية... من الواضح لنا جميعا أننا خط الدفاع الأخير لدولة إسرائيل في وجه الطغيان الوقح". قول حق كالسيف.

2. ماذا كان؟
توقف تشريع الانقلاب النظامي في الدقيقة التسعين. كان هذا إنجازا هائلا للاحتجاج المتعاظم. قوته هي التي أدت بغالانت لأن يطلب انعقاد "الكابينت"، وهي التي أخرجت نتنياهو عن توازنه، وأدت إلى الإقالة المتسرعة (التي ستلغى أغلب الظن) أو للتعهد بإقامة "حرس ثوري" تابع لبن غفير. لكن حصلت أمور أخرى. بينما يغرق مواطنو الدولة في مصاعب غلاء المعيشة، أقرت لجنة المالية امتيازات خنزيرية لـ"الزعيم العزيز" وعائلته. أُجيز قانون "منع فقدان الأهلية" ودخل حيز التنفيذ. ورفع قانون "القضاة المحكومون" إلى الكنيست للقراءة الثانية والثالثة. ستة قوانين أخرى أجيزت بقراءة تمهيدية وأولى. أوضح نتنياهو أن التشريع "علق" فقط، وتوضح ريغف، درعي، روتمن وآخرون انهم ينوون مواصلة زخم التشريع بعد نحو شهر. نعم، بصوت هامس بدأ النقاش في "مخطط الرئيس". قلة تؤمن انه سيؤدي إلى نتيجة؛ لأن المعارضة لا يمكنها أن تقبل تسييسا لتعيين القضاة وهزالا للديمقراطية. وفي الائتلاف يرون بالضبط في تلك المواضيع الحد الأدنى الضروري للخروج، كل من أزماته. بالنسبة لنتنياهو هدف المداولات هو إضعاف الاحتجاج، وتطبيع أعمال حكومته، عبر استعداد الرئيس والمعارضة للبحث فيها. السماح له بأن يلقي بالمسؤولية عن الفشل، حين يأتي، على لابيد وغانتس، وتنظيم تظاهرات تأييد واسعة النطاق، وتفعيل عصابات الزعران المحرضين من "لاهفا"، "لا فاميليا"، و"فتيان التلال". وعندها فقط في لحظة مريحة له في دورة الكنيست التالية، إجازة تشريع الانقلاب النظامي في إجراء قصير. هكذا فعل قادة الانقلاب في بولندا. هكذا سيفعل هنا نتنياهو. هذه الخطة ولا توجد غيرها.
يحاول لابيد وغانتس، كل بطريقته، الاستجابة لعاطفة جماهيرية قوية نحو التسوية بين الطرفين. وهما يؤمنان أن المسؤولية عن المأزق ستقع على نتنياهو. يقدران بأن ليس لهما ما يخسرانه. بتقديري وقع الضرر، وهما يمثلان الطرف المتضرر من الانقلاب النظامي ويفترض بهما أن يقودا الكفاح، لا أن ينجرا في هوامشه.

3. جدول الأعمال: حسم أو تسوية؟
حسم أم تسوية؟ هذا هو السؤال. على افضل علمي توجد لحظات في حياة الشعب يكون فيها في الخيار بين حسم أليم تسوية عفنة، الحسم هو الأفضل. نحن بالضبط في مثل هذه اللحظة. قال جابوتنسكي: "الصمت عار". لقد وصف آينشتاين ذات مرة الغباء بأنه "أن تتوقع إذا ما قمت بالتجربة ذاتها المرة تلو الأخرى الحصول على نتائج مختلفة". سبق لكل اللاعبين أن اختبروا على جلدتهم خدع نتنياهو. الرئيس هرتسوغ في قضية حكومة الوحدة، وغانتس في قصة "حكومة التبادل". ولابيد عند خدمته في حكومة نتنياهو. ثلاثتهم يفهمون انه يحتمل أن تكون ثمة أحبولة حقيرة فيها أضرار تنتظرهم من نتنياهو. المستشار القانوني السابق مندلبليت، الذي يعرف نتنياهو جيداً، شخّص أن نتنياهو اصبح كاسحا وبلا كوابح في محاولاته لسحق جهاز القضاء، وانه في هذه الحالة "الصدام أفضل من التسوية السيئة!". التسوية العفنة ستجعل إسرائيل دكتاتورية بالأمل الواقع، مع باب مفتوح على مصراعيه لفساد شخصي وعام، تغيير تدريجي وأليم لكل ما هو عزيز علينا وضرر لا رجعة عنه بعلاقات إسرائيل – الولايات المتحدة. بعلاقاتنا مع يهود العالم وبجودة حياتنا في إسرائيل. من المحظور أن يحصل هذا. يتعين على زعماء المعارضة أن ينسحبوا من المداولات العقيمة في اقرب وقت ممكن، وأن يخوضوا صراعا حاسما لإسقاط الحكومة. لا لإنقاذها. هل ثمة شك لاحد ما في أن نتنياهو لو كان مكانهم لتصرف هكذا؟

4. وربما عفو؟ أو صفقة قضائية؟
في الآونة الأخيرة، انطلقت مرة أخرى دعوة من بعض الأشخاص: في ضوء بديل السقوط إلى الهاوية تعالوا نعطِ نتنياهو "مظلة هبوط ذهبية"، إلغاء كل التهم والعفو مع شروط اعتزال مدللة، مقابل خروجه بعد وقت محدد من الحياة السياسية. لا توجد سخافة اكبر من هذا. هذا اقتراح بإفلاس أخلاقي، سياسي، جماهيري وقانوني. معناه هو أن إسرائيل تستسلم للابتزاز بالتهديد من جهة من يقف على رأسها فقط لأنه لم يتردد، حين تورط جنائياً في أن يرفع يده على الدولة وعلى المحكمة. من مثل هذا الإفلاس لن يقوم للمجتمع قائمة. فضلا عن هذا، فإنه لا ينجح أيضا. إذا ما اعطي عفواً يلغي الجرائم التي يقدم عليها إلى المحاكمة، وما أن تلغى الجرائم فلا توجد قوة في العالم تخلعه من الحكم، حتى لو تعهد فيها بأن يفعل ذلك. كما أن شيئا لن يمنعه من أن يتنافس في الانتخابات، مرة أخرى، لأنه رسميا لا توجد له جرائم. صفقة قضائية هي الأخرى إشكالية لكن إذا كانت صفقة قضائية مناسبة، تتضمن كل العناصر، فيجب النظر فيها. بمعنى: أن يعترف نتنياهو بالتهم، وان يعرب عن الندم، وأن يدان حسب اعترافه، وان يلقى عليه العار، والغرامة، والسجن مع التنفيذ. ولما كنت لا أسارع لأن أراه في بزة السجين يحتمل بالتأكيد أن تستبدل عقوبة السجن في أعمال الخدمة. صفقة كهذه يمكن أن تكون عقابا مناسبا مع تحذير للمستقبل لكل من يرفع يده على سلطة القانون.


5. ماذا سيكون؟
علينا أن نجعل الأزمة فرصة، ليس عبر تسوية عفنة بل عبر حسم واضح، لحظة دستورية تسمح ببلورة دستور أو على الأقل قانون أساس محصن يضمن استقلالية المحكمة، وقيم وثيقة الاستقلال والديمقراطية. سينتصر الاحتجاج، إذ لا يوجد لنا بديل ولا توجد لنا بلاد أخرى. ونحن في جانب الحقيقة وفي جانب التاريخ. لكن هذا لن يكون سهلا أو قصيرا. تجنُّد الشباب المتحمس وكل الجماعات الرائدة في المجتمع الإسرائيلي، مؤثر وملهم. لكن أساس اختبار التصميم لا يزال أمامنا. والخصم داهية، مجرب ويقاتل في سبيل حياته السياسية. لا سبيل للتوقع إذا كان انهياره سيبدأ بإحباط من سموتريتش، بن غفير، الحريديم أو درعي، أو أي منهم لا يلقى رضاه، من انهيار نتنياهو نفسه أو من انتصاب العمود الفقري لادلشتاين، ديختر، غالانت وبركات، بيتان أو أعضاء آخرين.
من الحيوي تشديد قوة التظاهرات والتشويشات إلى عصيان مدني غير عنيف على أوسع مدى. حتى لو وُجدت ارتفاعات وهبوطات معينة في أثناء الأعياد في الأسابيع القادمة، مطلوب تحديث أهداف الاحتجاج. بدأنا بمنع تشريع الانقلاب. ما أن ديس على هذا الحاجز حتى رفعنا طلب سحب كل تشريع الانقلاب. وحين ديس على هذا الحاجز أيضا شاهدنا إقالة غالانت الذي طالب بعقد "الكابينت" للبحث في خطر امني قريب وحقيقي ورفض. وفضل نتنياهو مصالحه الخاصة على امن الدولة. خطوة سائبة وغير مسبوقة تضع علامة استفهام كبيرة حول قدرة نتنياهو على التفكير وكذا رؤيته للواقع وأهليته لأن يدير في وضعه هذا شؤون الدولة. في هذا الوضع الجديد علينا أن نرفع المستوى، ونطالب بإبعاد نتنياهو الذي لم يعد أهلاً عن مواقع القوة في الدولة. بعد إبعاده سيكون ممكنا إقامة حكومة وحدة بمشاركة "الليكود". هذا هدف أصعب على التحقيق لكنه شرط ضروري لنجاح الكفاح في سبيل صورة طريق ومستقبل إسرائيل. نحن ملزمون بالشجاعة والتصميم لتحقيق هذا من أجل جيلنا ومن أجل الأجيال التالية. عيد حرية حلال وسعيد لكل شعب إسرائيل.

عن "يديعوت"
ــــــــــــــــــــــــــ
*رئيس وزراء أسبق.