تمكن رحالة يابانى، يدعى دايسوكي كاجياما، من تحقيق حلمه بامتلاك بيت ضيافة، مع زوجته، بعد أن عاد من السفر إلى اليابان عام 2011 مع شريكته هيلا، التي التقى بها في نيبال، وشرع الثنائى فى عملية البحث لإيجاد المكان المثالي لمشروعهما المستقبلي.
واجه دايسوكى عقبتان فى تحقيق حلمه، أولهما، امتلاكه القليل من المال، نظرًا لسنوات من السفر حول وجهات مثل كوريا، وتايوان، والهند، ونيبال، وغواتيمالا، وكوبا، وكندا، وثانيهما أن منزل أحلامه يتمثل في المنزل الياباني التقليدي، المعروف عادةً باسم "kominka"، والذي تتم وراثته عبر الأجيال.
الرحالة كان مصمما على العثور على منزلين متجاورين
وقال كاجياما: "أردت أن امتلك منزلا تقليديا في الريف"، موضحًا أنه كان مصمما في العثور على منزلين بجوار بعضهما البعض، حتى يتمكن هو وهيلا من العيش في أحدهما، بينما يكون الآخر منزل الضيافة الذي يديرانه معً، وعندما لم يتمكن من العثور على أي منزل يلبي متطلباته، قرّر كاجياما توسيع بحثه ليشمل عددًا متزايدًا من المنازل المهجورة في البلاد.
وكان كاجياما يقود سيارته في جميع أنحاء تاماتوري، وهي قرية صغيرة تقع في محافظة شيزوكا، بين مدينتي كيوتو وطوكيو، وتحيط بها مزارع الشاي الأخضر وحقول الأرز، عندما صادف امرأة مسنة تقوم بالزراعة، وقرّر الاقتراب منها، وتابع :"سألتها عما إذا كانت هناك أية منازل خالية بالمنطقة"، فقامت المرأة بالإشارة إلى منزلين مهملين، أحدهما مصنع سابق للشاي الأخضر، والآخر كان عبارة عن منزل مزارع قديم - يقع بالقرب من نهر.
ولم يسكن أحد في العقارين لما يقرب من 7 أعوام على الأقل، ما تطلب القيام بقدر هائل من العمل لتجديدهما، وطلب كاجياما من المرأة التواصل مع المالك، لمعرفة ما إذا كان مهتمًا بعملية البيع، وأكد له المالك بعد تواصلهما، أنّه لا يمكن لأحد أن يعيش بمنزله القديم، لأنه مهجور، لكنه لم يرفض الأمر بتاتًا، لذلك شعر كاجياما أن لديه فرصة ضئيلة.
وعاد كاجياما لزيارة المنزلين حوالي خمس مرات، قبل أن يذهب لزيارة المالك نفسه للتفاوض على اتفاق من شأنه أن يجعله يستخدم مصنع الشاي الخضراء القديم كمنزل، ويحوّل منزل المزارع إلى منزل الضيافة الذي لطالما تخيّله.
وبينما كان حريصًا على شراء المنزلين، أوضح أنّ التقاليد المتعلّقة بملكية المنازل في اليابان تعني أنه ليس لديه القدرة على القيام بذلك، حتى تنتقل الملكية إلى ابن المالك الحالي.
وأشار كاجياما إلى الموقع الجميل الذي يتمتع المنزلان به، قائلا إنه قريب من المدينة، لكنّه في الريف، حيث يعيش الناس ويذهبون إلى العمل في المدينة، ويقع المنزلان أمام النهر، ما يوفر موسيقى خرير المياه ليلًا.
وأشار كاجياما، إلى أن عملية إفراغ المنزل، الذي يبلغ عمره حوالي 90 عامًا، قبل البدء في أعمال التجديد واحدة من أصعب أجزاء العملية، إذ كان هناك الكثير من الأغراض التي يجب فرزها.
وخلال عامه الأول، أمضى كاجياما الكثير من الوقت في التواصل مع السكان المحليين، واكتساب المعرفة حول المنزل، ومساعدة المزارعين المحليين في الزراعة.
ورغم أنه لم يكن يتمتع بخبرة كبيرة في أعمال التجديد، أكمل كاجياما الكثير من العمل في منزل الضيافة بنفسه، إذ قام باستبدال الأرضيات، وأضاف مرحاضًا، كان هدية زفاف من والديه، بتكلفة تبلغ حوالي 10 آلاف دولار.
وحرص كاجياما على الحفاظ على أصالة المنزل قدر الإمكان باستخدام المواد التقليدية. وقام بتوفير المال عن طريق جمع الأخشاب التقليدية من شركات البناء التي كانت بصدد هدم المنازل التقليدية.
وتلقى كاجياما بعض الدعم المالي من الحكومة اليابانية، ما يعني أنه كان قادرًا على إحضار نجار، واستفاد أيضًا من برنامج عطلة العمل في اليابان، والذي يسمح للمسافرين بالعمل مقابل الطعام والإقامة، عندما كان يحتاج إلى مساعدة إضافية.
وبعد إجراء بعض الأبحاث حول تصاريح منازل الضيافة اليابانية، اكتشف أن إحدى أبسط الطرق للحصول عليها هي من خلال تسجيل العقار كبيت ضيافة زراعي، وفي عام 2014، أي بعد عامين من بدء العمل في المنزل، تمكن الزوجان أخيرًا من الترحيب بأول ضيوفهما.
وقال كاجياما: "لقد كان شعورًا جميلًا بالطبع، كان هذا حلمي"، لافتًا إلى أن الضيوف كانوا يقدّرون حقًا أنّه كان منزلًا مهجورًا، وقام هو بإعادته إلى الحياة، ورغم أن منزل الضيافة الذي يتكونّ من ثلاث غرف نوم، تبلغ مساحته حوالي 80 مترًا مربعًا، كان مفتوحًا منذ حوالي ثماني سنوات، إلا أن كاجياما لا يزال يعمل على تجديده.
ويعترف أنّ العمل لا ينتهي أبدًا، قائلًا: "أشعر أنني في منتصف الطريق. لقد أصبح (المنزل) جميلا بالفعل لكنّه كان مهجورًا، لذا فهو بحاجة إلى مزيد من التفاصيل".
ويقدّر كاجياما أنّه أنفق حوالي 40 ألف دولار على أعمال التجديد حتى الآن، وبحسب التعليقات الواردة من ضيوفه والسكان المحليين، فيبدو أن المال أُنفق في المكان الصحيح، إذ أكدّ قائلًا: "يقدّر الناس ما قمت به. وهذا يجعلني أشعر أنني مميز".