لا يمكن لمراقب، أي مراقب، لمسار الأحداث "الساخنة" التي تعيشها أرض فلسطين المحتلة، وما حولها، ألا يلاحظ "غياب شبه كامل" للسلطة الفلسطينية، بمسمياتها المتعددة، عما يدور، سواء مواجهات شعبية مع قوات الاحتلال، او القصف المتبادل عبر الحدود، الى اقتحامات تدنيسية للمسجد الأقصى، مترافقة مع جرائم حرب لا تتوقف.
وباستثناء بيانات "صراخ سياسي" لمناشدة أمريكا أن تفعل لها شيئا، مما تقوم به دولة الكيان، دون ان تتلقى حتى مكالمة "تطمينية" من واشنطن، لترسل رسالتها باستهتار بما تناشد، ما يشير أن ظهرها بات عاريا، لا أثر لها، حتى المعركة الديبلوماسية على القدس والمسجد الأقصى تركتها لغيرها، متفرجة كما غيرها.
الساعات الـ 48 الأخيرة، رغم سخونتها إعلاميا، لكن الغياب المطلق للسلطة والرسمية الفلسطينية، كان ملفتا جدا، وكان ما يحدث حولها لا صلة لها به، مع ان تأثيره مباشر جدا على القضية الوطنية، وخاصة أحداث المسجد الأقصى، وكذلك "صواريخ لبنان"، ومدى انعكاس نتائجها على "الوجود الفلسطيني" في لبنان، خاصة بعد قيام عبدالله بوحبيب وزير خارجيتهم باتهام فصيل فلسطيني، بمن قام بالتنفيذ، بما يحمله ذلك من تحريض مباشر، ليس للعدو القومي فقط، بل لقوى من داخل لبنان، لم تنتظر كثيرا لتفتح نيرانها على الفلسطينيين.
وبتزامن غريب، قامت مجموعة مسلحة في مدينة نابلس بتصفية أحد الشباب الفلسطيني، تحت ذريعة أنه "جاسوس" وقدم خدمات لأجهزة أمن الاحتلال ضد مجموعة من الفدائيين، فقرروا اعدامه أمام الجميع، وأصدروا بيانا واضحا بذلك، دون أي اعتبار لسلطة قائمة.
عملية الاعدام العلنية لم تحدث منذ قيام السلطة الوطنية بالطريقة التي تمت تحديا صريحا، في رسالة تتجاوز ما كان سابقا عندما قام بعض مسلحي فصيل بإطلاق النار على مراكز أمنية فلسطينية، لتعيد المشهد لما كان قبل قيام السلطة، وخلال الفترة الأخيرة من الانتفاضة الوطنية الكبرى، عندما كانت عمليات التصفية تتم وفقا للشك وليس لليقين.
أن تقوم مجموعة مسلحة باعدام شخص وتعلن ذلك، فهي توجه رسالتها التمردية الأوضح على السلطة الفلسطينية، وبأنها تدخل في مرحلة أخذ القانون باليد، ليس مهما، كان صوابا أم غير ذلك..لكن أصل الرسالة بأن السلطة في نابلس لم تعد "سلطة" واحدة، فهناك "سلطة أخرى" لها القدرة على تنفيذ "قانونها الخاص".
الرسالة أيضا واضحة جدا، لن تتركها دولة الاحتلال تمر مرورا عابرا لتستخدمها كمؤشر أن "سلطة الرئيس محمود عباس"، وأجهزته الأمنية فقدت كل مقدرة على أن تكون قادرة على حماية الأمن الداخلي الفلسطيني، ولذا يجب على أجهزة أمن الاحتلال "سد الفراغ"، تبريرا لكل عمليات الاقتحام اليومية، وارتكابها جرائم حرب تحت ساتر جديد.
قيام مجموعة من المسلحين بعملية إاعدام شاب في نابلس، رسالة بأن عهد الفوضى قد لا يطول، وها هو يطل برأسه دون ارتعاش أو حساب لقوة فقدت هيبتها...ملامح فوضى قد تجد لها انتشارا في مناطق أخرى، ولن تكون أجهزة أمن الاحتلال بعيدة عنها، بل ستقوم بتمويلها وتغطيتها إعلاميا وأمنيا، بما يحقق لها الهدف الأساسي، لوضع نهاية لحالة سياسية فلسطينية على طريق استبدالها بأخرى، تتوافق ومشروع "التقاسم الوظيفي" الذي يدق باب بقايا الوطن.
رسالة الاعدام العلنية في نابلس، رسالة بأن "عهد ما بعد عباس" بدأ برصاصة في رأس فلسطيني وليس ضد العدو القومي.
فتح، عليها ان تسارع لتعمل على انقاذ ما يمكنها إنقاذه من مشروع وطني، وهي القوة المركزية للسلطة الفلسطينية، وهي الأكثر فعلا في مواجهة دولة العدو وجيشها وأجهزتها الأمنية، وتقود عمليات الرد المقاوم بكل أشكاله، خاصة في الضفة والقدس، وقدمت شهداء وجرحى ومعتقلين يفوق اضعافا للقوى الأخرى، وبعضها لم يقدم جريحا خلال تلك المواجهة المنتشرة، رغم انهم الأكثر ضجيجا إعلاميا، بل الأكثر حضورا في مختلف وسائل الإعلام، ليس لفعلهم، بل لأنهم أداة استخدام يراد لها فعلا قادما.
غياب فتح عن التصدي لملامح الفوضى القادمة، فكأنها اختارت أن تسير مسار سلطتها وترفع "راية الاستسلام" ليدخل "اللص السياسي" بديلا.. تحت يافطات مختلفة بدعم أدوات مختلفة وبلغات مختلفة..تلك هي المسألة راهنا!
ملاحظة: حراك "الغضب الإسرائيلي" ضد حكومة "التحالف الحاكم".. دخل مرحلة جديدة بوصفهم نتنياهو كـ فرعون" الذي منع اليهود من الخروج..بعيدا عن حقيقة او لا حقيقة تلك الرواية..لكن الوصف بذاته حكاية...ما يحدث كأنه من قصص الخيال السينمائي..ولسه!
تنويه خاص: "طاش" البعض الفلسطيني على شبر ميه بعد ما حدث من لبنان وسوريا ..كم صاروخ لم تترك جرحا ..بدائية جدا ..فجأة صاروا يحكوا عن "جبهات" وحروب..وفي اليوم التالي واصل العدو أهدافه قصفا وقتلا واقتحاما..ومع هيك طالع يشكي..وغيره يتعنتر!