مساء يوم الاثنين 10 أبريل 2023، سيكون يوما أسودا في حياة رئيس حكومة "التحالف الفاشي" في دولة الكيان بنيامين نتنياهو، وقد يكون يوم النهاية لحياته السياسية وفقدانه كل "أدوات الخداع الإبهاري"، التي حاول تسويقها في مراحل سابقة ومنذ صعوده على "دماء رابين" برصاص إرهابي، ومساعدة "صديق غير يهودي" عام 1996 لمنصب رئيس الحكومة.
خطاب نتنياهو، ورغم انه جاء تحت عنوان تناول الوضع الأمني الذي تعيشه إسرائيل، داخليا وخارجيا، لكنه عمليا ذهب الى القضية التي تشكل له صداعا مزمنا مع انطلاق "حراك الغضب" قبل 14 أسبوع رفضا لمحاولته الانقلابية على القضاء، وفرض نظام يمنع محاسبته على ملف فساد يؤدي به الى سجن طويل، وكذا تلاحق زوجته وعائلته.
خطاب كل من تابعه أدرك أن "الهزيمة السياسية" تعيش بداخل نتنياهو بقوة تفوق كثيرا محاولته "الثرثارية" بالحديث عن غيرها، وكشف أن الاستطلاع الأخير، الذي أظهر هزيمة قاسية جدا ولأول مرة منذ سنوات لحزبه الليكود، ليصبح رقم 3 بـ 20 مقعدا، وأنه كشخص لم يعد مرغوبا ليكون رئيس حكومة قادم، وتحالفه البرلماني يخسر 18 مقعدا، مؤشرات أي كان نسبة الخطأ به، تؤكد أن نتنياهو، الشخص، الحزب، التحالف بات منبوذا بشكل أو بآخر.
محاولة نتنياهو، استخدام اللغة التهديدية في البعد الأمني، كشفت هزالة فريدة، وخاصة عندما هدد بأنه "لن يسمح لحماس ببناء قاعدة عسكرية مسلحة في لبنان"، ولعل هذا التهديد يكشف كم هو غائب عن الواقع، فتلك المسألة لا يمكنه القيام بها من حيث المبدأ، لأنها غير قائمة، وما كان من إطلاق صواريخ لا يمكن اعتباره "بناء قواعد" بقدر ما كان استخدام لحظي لغاية لحظية، انتهت بانتهاء الفعل، لكن ان يعتبرها قضية "أمنية" مركزية فتلك مهزلة تكشف ضحالة خاصة.
وما حديثه عن قصف غزة بأطنان وتدمير أنفاق أو مواقع ليس سوى كلام مضاف للهزلية الأمنية، التي حاول استخدامها كنقاب لتغطية الهزيمة الحقيقية التي أصابته داخليا، ولم تقدم جملة مفيدة يمكن اعتبارها "كسبا" يسجل له في سياق معاركه المتناثرة شمالا وجنوبا.
وكانت قضية الاتفاق اللبناني – الإسرائيلي حول عملية استخراج الغاز من المتوسط، حفرة غرق بها، ولا يعرف هل سيتمكن من الخروج منها أم يغرق أكثر فأكثر، ليغني معها "إني أغرق"، فتلك اتفاقية يمكنه أن يلغيها بتصويت تحالفه، ما دام يراها استسلاما لحزب الله، وعدم قيامه بذلك يكشف أنه دخل في رحلة "الهذيان السياسي".
جوهر خطاب نتنياهو، الشكل والمضمون، أكد ما قالته عنه غالبية الأطراف السياسية في دولة الكيان، بأنه فقد قدرته على القيادة، وجاء قراره بإلغاء طرد وزير الجيش غالانت، دون الحصول على أي شكل من اشكال الاعتذار التي حددها لوقف الإقالة تأكيدا لمظهر ارتباكي يعيشه في هذه المرحلة.
والسؤال الأهم، بعد خطاب المهزلة، هل تبدأ ملامح رحلة الخلاص من نتنياهو، من داخل الليكود بعدما فقد بريقه، ولتجنب مزيدا من الانهيارات التي تلوح في الأفق، وكي لا يصبح مصيرهم كمصير "كاديما" الحزب الذي أسسه شارون، وكذا حزب العمل، الذي قاد دولة الكيان ما يقارب الـ 30 عاما متواصلة، من 1948، حتى 1977 عندما تمكن مناحيم بيغين من قلب المشهد الانتخابي ويقود الليكود الى فوز تاريخي.
قوى التذمر في الليكود لا يبدو أنها ستقف متفرجة، خاصة مع انتصار غالانت في تحديه وكسر شوكة نتنياهو، سيكون قوة دفع لمزيد من التمرد واتساع حلقاته، ليكون الخلاص من نتنياهو حماية لحزبهم بديلا من طريق ضياع بدأت ملامحه تظهر ليس استطلاعا فحسب، بل قوة الإصرار على مظاهرات رغم محاولة التحالف الحاكم استغلال البعد الأمني لترهيب المحتجين، فكان الفشل نصيبهم، وخرج ما يزيد على ربع مليون يوم السبت رغم الضجيج التهديدي.
واعتقاد البعض، ان خيار "الهروب الى الخارج" عبر عملية أمنية موسعة تنقذ نتنياهو من مصيره، ليس سوى توقع ساذج، فالمؤسسة الأمنية في دولة الكيان، لا يمكنها أن تستخدم لتصفية حسابات لمصالح شخصية، وخاصة ان تك الشخصية عمليا هي الآن في تصادم مع غالبية مكوناتها، جيش، وشاباك، موساد، وحتى شرطة بعدما منح مهام خاصة لسموتريتش وبن غفير.
سيناريو الخلاص من نتنياهو ليكوديا، من الممكن أن يجد دعما بشكل كبير من جانب الإدارة الأمريكية، ما يؤدي الى فتح الباب لتشكيل "تحالف حكومي جديد" مع لابيد وغانتس، وربما "جماعة منصور عباس (الذي ينتظر) تشكيل حكومي يطيح بـ "الإرهابية اليهودية" الصريحة، دون اللجوء راهنا لانتخابات جديدة.
الخيار لم يعد من باب "المستحيلات" كما كان يقال سابقا، بل ربما يكون أسرع مما يعتقد، وسيكون رجل الليكود القادم وزير الجيش غالانت عنوانا، بعدما خرج أكثر قوة في معركته الداخلية مع نتنياهو وفريقه في الليكود، خاصة من تطاولوا علانية عليه وطالبوه بالاعتذار، بما يقارب "تقبيل يد نتنياهو "أو كما يقال شعبيا "بوس التوبة"، فعاد مع انكسار من حاول طرده.
طريق "نهاية النهايات" لـ "ملك الخداع" نتنياهو وصلت الى نقطتها الأخيرة...وباب السجن في الانتظار!
ملاحظة: مسيرة "التحالف الفاشي الاستيطاني" يوم 10 أبريل لمنطقة جبل صبيح في نابلس، يجب أن يقابلها مسيرة شعبية بمشاركة الحكومة الفلسطينية وقيادة العمل الوطني..."قيراط فعل خيرا من قنطار كلام"..مش هيك قال الأجداد.. أم نسيتوها هاي كمان!
تنويه خاص: ما زالت حركة ارتداد وثائق البنتاغون المسربة تتفاعل..الغريب انه الكل يتهم الكل والكل بيشكي من الكل..طيب مين عملها ومين سربها..معقول يكون التحالف الروسي الصيني وراها لدك مسمار جديد لتبيان ان زمن "الهيبة" الأمريكية ولى!