هارتس : خطاب نصر الله.. وخط أحمر جديد

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 


رغم تحذيرات الاستخبارات الكثيرة والاستعداد العالي في إسرائيل، لم تسجل محاولات لإطلاق صواريخ أو مسيّرات نحو الأراضي الإسرائيلية طوال "يوم القدس" الإيراني الذي صادف أول من أمس. في المقابل نشر عن هجمات سايبر ضد مواقع انترنت لبنوك إسرائيلية، التي كما يبدو لم تسبب حتى الآن أضراراً حقيقية.
في الوقت نفسه استمر تبادل اللكمات اللفظية بين الطرفين إلى جانب نشاطات الحرب النفسية.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نشرت في يوم الجمعة عن مصادر مجهولة بأن إطلاق الصواريخ من لبنان في 6 نيسان لم يكن مجرد مبادرة لرجال حماس في جنوب لبنان، بل كان خطوة منسقة للمحور الشيعي بقيادة إيران.
حسب الصحيفة فإن الجنرال إسماعيل قاءاني، قائد قوة القدس التابعة لحرس الثورة (الذي حل محل قاسم سليماني الذي اغتاله الأميركيون في كانون الثاني 2020)، جاء قبل بضعة أيام من إطلاق النار إلى بيروت من أجل تنسيق الهجوم على إسرائيل.
نوقش إطلاق الصواريخ، كما نشر، في اللقاءات بين الجنرال الإيراني وشخصيات رفيعة في حماس، صالح العاروري وإسماعيل هنية وأمين حزب الله، حسن نصر الله.
يتفق النشر من الولايات المتحدة مع جزء من التقديرات السابقة التي سمعت في إسرائيل بعد بضع ساعات على إطلاق الصواريخ، التي بحسبها لم يكن بالإمكان إطلاق 30 صاروخاً تقريباً من جنوب لبنان دون موافقة رئيس حزب الله، الجسم العسكري القوي هناك.
مصادر أمنية في إسرائيل تواصل التمسك بموقفها: إطلاق النار كان على يد حماس ودون تنسيق مسبق مع حزب الله.
في المقابل، هم ينسبون لحزب الله انفجار عبوة ناسفة قرب مجدو في 13 آذار، الذي أصيب فيه إصابة بالغة مواطن إسرائيلي.
في تلك الحادثة ربما أن إسرائيل وبحق تشخص وجود صلة إيرانية. في الأسابيع التي تلت الانفجار في مجدو وقعت سلسلة هجمات جوية في سورية نسبت لإسرائيل. على الأقل ضابطين في حرس الثورة الإيراني قتلا في هذا القصف.
شمل يوم القدس في العالم الشيعي كما هو متبع أيضاً خطاباً مطولاً لنصر الله.
رئيس حزب الله كعادته مؤخراً تطوع ليكون محلل للشؤون الداخلية الإسرائيلية.
فقد عاد وتنبأ بأن الأزمة السياسية والقانونية الشديدة في أعقاب الانقلاب النظامي الذي يقوم به ائتلاف نتنياهو سيؤدي إلى انهيار الدولة. لكن نصر الله كما يبدو ليس الشخص الصحيح الذي عليه أن يعظ إسرائيل بالديمقراطية دون صلة بالخطر الحقيقي للوضع. ورغم أن أقواله وبحق تعكس الاستنتاجات في إيران وفي لبنان في ما يتعلق بضعف إسرائيل الآن، إلا أنه سيرتكب خطأ إذا حاول جرها إلى مواجهة عسكرية شاملة.
الأكثر أهمية كما يبدو هو رسالة أخرى تضمنها رئيس حزب الله. هدد نصر الله بأن إسرائيل لن تستطيع أن تعول لفترة طويلة على الهدوء في الجبهة السورية إذا استمرت هجماتها الجوية هناك.
هذا تصريح مهم. في صيف 2019، بعد هجوم الحوامات الذي نسب لإسرائيل في حي الضاحية في بيروت، أعلن نصر الله أنه من الآن سيسعى حزب الله إلى ضرب الطائرات الإسرائيلية في سماء لبنان، والنتائج كانت واضحة في ما بعد.
ومثلما نشر في "هآرتس" في آب الماضي فإن حزب الله قام بتطوير منظومات دفاعه الجوية في لبنان بمساعدة إيران، وهو يحاول إسقاط طائرة إسرائيلية والمس بتفوق إسرائيل في سماء لبنان، الذي كان واضحا خلال سنوات كثيرة. من تجربة الماضي فإن نصر الله تعود على أن يشير إلى نوايا منظمته في خطابات من هذا النوع. وقد تطرق أمس إلى النضال الفلسطيني في الضفة وقال إن حزب الله سيساعد بالأموال والسلاح لشن هجمات من المناطق على أهداف إسرائيلية.
على الهامش اندلعت مناوشة واقعية بين نصر الله ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الزعيمين اللذين تربطهما علاقة معقدة مع الحقيقة، كل واحد على طريقته.
في المقابلة الطويلة والممتعة في القناة 14 في يوم الخميس الماضي كرر نتنياهو للمرة الثانية الادعاء بأن إسرائيل هاجمت أهدافاً لحزب الله في لبنان رداً على إطلاق الصواريخ الأخيرة من لبنان.
مع ذلك، في بيان المتحدث بلسان الجيش بعد الهجوم، قال إن الهدف الذي استهدف في لبنان يخص حماس.
من ناحية أخرى قال نصر الله إن نتنياهو كان يكذب وأن ما قصف لم يكن هدفاً لحزب الله أو لحماس، لكن ذلك كان مزرعة موز مهجورة.

هدوء نسبي
في القدس مر مجيء أكثر من 100 ألف مسلم إلى صلاة يوم الجمعة في الحرم دون أحداث خاصة. بقي أسبوع على انتهاء شهر رمضان ويبدو أن إسرائيل ستحاول تجنب أخطاء أخرى في الحرم التي ستشعل من جديد النار في القدس وفي المناطق، بعد أن أشعل النار اقتحام الشرطة العنيف داخل المسجد قبل نحو عشرة أيام.
رغم الهدوء النسبي في الأيام الأخيرة إلا أن إسرائيل ما زالت تقف أمام خطر الاشتعال في عدة ساحات، التي يمكن أيضا أن تتكتل معا.
نصر الله في خطابه حذر من أنه إذا "تصرفت إسرائيل بغباء ومست بالأماكن المقدسة" فهي ستتسبب بحرب. وقد قال إن محاولة إسرائيل للفصل بين جبهات المواجهة هي لعبة خطيرة، وأضاف إن منظمته غير معنية بحرب شاملة، بل بحرب استنزاف.
يوزع نتنياهو كالعادة الاتهامات في كل الاتجاهات حول المسؤولية عن التدهور في الوضع الأمني، الذي أصبح واضحا منذ أداء الحكومة لليمين قبل ثلاثة أشهر ونصف الشهر.
كان هناك في الحقيقة عمليات كثيرة، خاصة من الضفة، أيضا في فترة حكومة بينيت – لابيد. ولكن مؤخراً ظهر بوضوح ارتفاع كبير في الأحداث إلى جانب إطلاق الصواريخ من قطاع غزة ومن لبنان وحتى من سورية.
مثلما في الاقتصاد، حيث هناك تعرضت إسرائيل إلى ضربة قاسية أخرى في نهاية الأسبوع عند نشر تنبؤ التصنيف الائتماني لشركة موديس، فإن الأزمة الداخلية التي تسبب بها نتنياهو مقرونة بثمن باهظ وبأخطار كثيرة.
استمرار خطوات التشريع فقط ستشعل احتجاج رجال الاحتياط. وبذلك، فإنها ستمس بقدرة الجيش الإسرائيلي في ذروة فترة التصعيد الأمني الآخذة في الاشتداد.

عن "هآرتس"