بعد قطيعة استمرت لسنوات بين حركة حماس والسعودية، بعد انهيار "اتفاق مكة" الذي رعته الرياض للمصالحة بين حركتي فتح وحماس عام 2007، جاء الإعلان عن زيارة مرتقبة لقيادة حماس- حيث حمَّلت الرياض في حينها "حماس" مسؤولية "انهيار الاتفاق"- ممثلة برئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري، بالإضافة لرئيس المكتب السياسي لحماس، إقليم الخارج، خالد مشعل، لتعلن بدء مرحلة جيدة في العلاقة مع الرياض.
وتزامناً مع الزيارة المرتقبة لقيادة حماس إلى السعودية، غادر الرئيس محمود عباس، إلى الرياض، أمس الأحد، برفقة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، حيث تستمر الزيارة من 17 إلى 19 من الشهر الجاري، إذ وجهت المملكة السعودية دعوة إلى عباس لحضور مأدبة إفطار قبل حوالى أسبوعين.
أعوام من القطيعة بين الرياض وحماس
وقد توترت العلاقة بين الطرفين، في سبتمبر 2019، بعد إعلان حماس، أنَّ السلطات السعودية اعتقلت ممثلها محمد الخضري ونجله هاني، ضمن حملة طالت عشرات الفلسطينيين، يحمل بعضهم الجنسية الأردنية. لتقضي المحكمة الجزائية في السعودية بحبس الخضري لمدة 15 عاماً بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
وفي ديسمبر 2021، خفضت محكمة الاستئناف في السعودية حكم حبس الخضري إلى 3 سنوات. لتفرج عنه في أكتوبر 2022. وفي حينه سمحت الرياض للخضري ونجله بالتوجه إلى الأردن. ووقتها ثمَّنت "حماس" قرار السعودية الإفراج عن الخضري، متأملةً أنّ تكون الخطوة مقدمة لفتح صفحة جديدة واستكمال الإفراج عن بقية المعتقلين.
وعلى الرغم من انعدام العلاقات بين "حماس" و"السعودي"، إلا أنَّ الأولى حاولت ترميم علاقتها مع الرياض والتواصل معها، فقد أرسل رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، رسالة إلى العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده لتهنئته بنجاح "قمة العلا" في يناير/ 2021.
وتُشير تقديرات الخبراء، إلى تحسن العلاقات السعودية- الإيرانية، التي مهدت الطريق، لزيارة وفد حماس القيادي إلى السعودية. رغم أنَّ الزيارة دينية لأداء مناسك العمرة؛ لكنها لا تخلو من دلالات سياسية، فقد تمت بموافقة السلطات الحاكمة في الرياض.
يُذكر أنَّ عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، نفى في تغريده له، السبت، وذلك قبل الزيارة التي لم تأكد حتى اللحظة- أنّ تكون الحركة جزءاً من أيّ محور سياسي أو عسكري. قائلاً: "نحن حركة مقاومة إسلامية، ونسعى لعلاقات مع كل القوى الحية في المنطقة والعالم، وليس لنا عداء مع أي مكون، سوى العدو الصهيوني".
تعزيز لدور الرياض الإقليمي والدولي
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي، أحمد رفيق عوض، أنَّ دور الملكة العربية السعودية الإقليمي والدولي، لا يكتمل في كل الاستدارات التي صنعتها، اتجاه الصين وإيران والنظام السوري واليمن وتركيا، دون أنّ يكون لها علاقة جيدة جداً مع الملف الفلسطيني؛ باعتباره ملف مركزي إقليمي ودولي.
وقال عوض، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ اقتراب المملكة العربية السعودية من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني التي هي دائماً قريبة منه، يُعطيها مجال للنفوذ والقوة، وكذلك تأكيد على الالتزام بالمبادرة العربية التي أطلقتها سنة 2002".
وأضاف: "إنَّ هذه الزيارة حتى لو كان عليها جدل ونقاش ولم تُحقق كل أهدافها؛ لكِن عودة العلاقات السعودية مع الفلسطينيين القيادة والشعب والفصائل مهم لنا كشعب فلسطيني وللشعب والنظام السعودي".
وبالحديث عن رعاية السعودية "اتفاق مصالحة" جديد بين الفلسطينيين لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، أوضح عوض، أنَّ "السعودية لن تُكرر ما فعلته في 2007 وتفشل، فهي إذا رغبت بالتدخل في جهود المصالحة ستدخل وهي متأكدة من إمكانية تحقيق نتائج حقيقية"، مُضيفاً: "كذلك لا أعتقد أنَّ السعودية ستدخل في ملف المصالحة دون التنسيق مع مصر، لأنَّ المصالحة الفلسطينية بحاجة لجهود مصرية وجهود آخرى كالقطرية؛ وبالتالي السعودية لن تدخل هذا الملف بمفردها".
أما عن أهمية زيارة الرياض بالنسبة لحماس، قال عوض: "إنَّ حماس تُريد لأسباب مختلفة عودة العلاقات مع السعودية سواء لأسباب قريبة أو بعيدة، تكتيكية أو استراتيجية"، مُشيراً إلى احتمالية غضب أمريكا من عودة العلاقات بين حماس والسعودية.
وخلص إلى أنَّ المصالحة الإيرانية- السعودية، كان لها أثر في مصالحات كثيرة جداً، بين السعودية واليمن، مُردفاً: "حماس تقول إنه ليس لها مشكلة مع السعودية وعلى استعداد لإعادة العلاقات معها".
استفادة حماس من التغييرات الإقليمية
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حركة حماس، مصطفى الصواف، أنَّ "حماس تحرص على علاقات طيبة مع كل البلدان العربية والإسلامية؛ لأنّها تُدرك أنَّ الوحدة العربية والإسلامية هي عنوان للقضية الفلسطينية وأساس الدفاع عن الأقصى والقدس وفلسطين".
وأكمل الصواف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "بالتالي فإنَّ المساعي التي تقوم بها حماس، للوصول إلى تعاون كبير مع كل الأطراف، ربما خطوة من الخطوات التي تسعى لها لصالح القضية الفلسطينية، وذلك في ظل تغير البيئة السياسية المحيطة في فلسطين بعد محاولات التصالح بين السعودية وإيران والسعودية وقطر والسعودية واليمن والسعودية وتركيا".
وفي ختام حديثه، أشار إلى أنّه في حال تمت زيارة وفد قيادة حماس إلى السعودية، سيكون ملف المصالحة على أجندة اللقاء بين قيادة حماس والجانب السعودي، وربما تجد السعودية أنّها فرصة مناسبة للحديث في هذا الموضوع الذي لازال عالقاً، وقد تنجح في ذلك ما لم يقف الرئيس محمود عباس عقبة أمام المصالحة بشروطه.