بشكل لم يكن مفاجئا، دخلت الشقيقة السودان في "أزمة" جديدة" بشكل عسكري، يوم السبت 15 أبريل 2023، بين قوتين مسلحتين الجيش الرسمي، وقوة الدعم السريع، الأول تابع لرئيس مجلس "السيادة" البرهان، والثاني لنائب رئيس مجلس "السيادة" محمد حمدان دقلو والشهير بـ "حميدتي".
انفجار الأزمة عسكريا بين قوتين متوازيتين، لم يكن مفاجئا كما يبدو ظاهريا، فمنذ أشهر وقوى السودان السياسية، خاصة قوى الحرية والتغيير تطلق التحذيرات من خطورة استمرار "المشهد العسكري"، والذي لن يؤدي الى حل يخدم البلاد، بل سيقودها الى أزمة كبرى، ربما تكون أخطر مما كان سابقا.
ودون الذهاب في البحث عن مسببات الانفجار العسكري، الذي يهدد بملامح حرب أهلية، وإغراق السودان في متاهة قد تطول، وتفتح الباب لكل قوى الشر والعدوانية لاستغلالها، خلافا لمصالح الشعب وقواه الحية، يجب الذهاب مباشرة للبحث في كيفية مواجهة الأزمة، فمع كل يوم تأخير تتعمق ملامحها، وتظهر مؤشرات أكثر خطرا، وخاصة ان ميزان القوى لا يميل لطرف على حساب آخر.
السودان ليس بلدا هامشيا يتم التعامل معه، دون حسابات لها تأثير إقليمي ربما أكثر أهمية وقيمة من غيره بلدانا، ما يتطلب عملية جراحية سياسية سريعة لتطويق "الخطر الكبير"، الذي يدق كل مناطقه.
التدخل الرسمي العربي أصبح ضرورة فورية، ودون أي انتظار، او الاستمرار في العمل التقليدي، المستند على الاتصالات الهاتفية، وبيانات تصيب الانسان بملل وكراهية أحيانا للعروبة من بلادتها، وكي لا يصبح الطريق مفتوحا لغير العرب، وتجد قوى معادية جوهريا فرصتها، لا بد من انتقال الرسمية العربية من شكل تعاملها الراهن الى جديد.
والبداية الفورية، عقد وزاري عربي، خلال 48 ساعة، وأمامه خطة عمل محددة تقرر:
* تشكيل لجنة خماسية، برئاسة الأمين العام للجامعة العربية تضم في عضويتها، بلد القمة العربية الراهنة "الجزائر"، وبلد القمة العربية القادمة "السعودية"، والأمين العام للبرلمان العربي بصفته التمثيلية، ومصر بحكم مكانتها ودورها.
* تذهب اللجنة الخماسية مباشرة الى الخرطوم، ومن هناك تبدأ عملية حصار "الأزمة العسكرية"، مستعينة بالقوى السياسية السودانية خارج طرفي الأزمة، وخاصة قوى الحرية والتغيير، او ما يعرف بـ "قوى الإطار".
* التفكير العملي برسم ملامح خطة حل سياسي، على طريق انهاء الحكم من "العسكر"، وتشكيل حكومة صاحبة صلاحيات حقيقية مدنية بالكامل.
* وضع تصور مبدئي لحل الأزمة بين طرفي الأزمة العسكرية، والبحث عن سبل لدمج القوات دون أي عملية انتقام وتصفيات على خلفية الأحداث.
* ربما يتطلب الأمر، وخلال مرحلة انتقالية لحل "أزمة العسكر"، تشكيل قوة عسكرية – أمنية عربية، تعمل على الحفاظ على التهدئة، الى حين الفصل النهائي بعملية حل التباين بين المكونين "الجيش والدعم".
* يكون لمصر قيادة القوة العربية العسكرية، لما لها مكانة خاصة مع السودان.
* بحث مشروع اقتصادي انقاذي لفترة محددة، ويمكن اعتباره شكلا من اشكال "قروض طويلة الأجل"، الى حين نهضة السودان من تلك "الكبوة" فما به من مخزون احتياطي كفيل بالسداد السريع، عند عودة الحياة الى مسارها الطبيعي.
سرعة تحرك الرسمية العربية، وقدرتها على الفعل سيكون بوابة لدور عربي جديد في المشهد العالمي الذي يتكون بعد حرب أوكرانيا، وخاصة مع تطورات أكدت أن مخزون القدرة التأثيرية العربية يفوق كثيرا وجدا واقعه الراهن.
الهروب الرسمي العربي من العمل لاحتواء الأزمة السودانية، رسالة ضعف، لن تخدم الطموح المتنامي لدور عالمي جديد.
ملاحظة: لو صدقت رواية دولة العدو القومي بأن عملية الشيخ جراح يوم الثلاثاء نفذها فتى عمره 15 سنة، من مخيم عسكر بنابلس ..فنحن أمام عملية كل شي فيها رسالة عميقة جدا للغازي ومن يرتعش من الغازي، بأن "الفعل المقاوم" جيني الى حين ولادة دولة فلسطين واقعا وحقيقة.
تنويه خاص: الدولة الأمريكانية صارت مسخرة خالص..من مسلسل تسريب وثائق البنتاغون الى فضيحة التجسس على الأمين العام للأمم المتحدة "الغلبان" غوتيريش والموظفين في المؤسسة الأممية..حتى "أخلاق" استضافة المقر مش عندها..هاي اللي بدها شكرا بايدن!