يديعوت : وزيرة المواصلات في إعلام “السوبربول الإسرائيلي”.. كيف سيرد المحتجون؟

حجم الخط

بقلم  روتم ايزاك

في شباط 2004، في عرض نصف النهائي لمباراة السوبربول، احتفال كرة القدم المحافظة في أمريكا، انكشف جزء من جسم جينيت جاكسون. حصل هذا في نهاية العدد حين شد المغني الشاب جاستن تمبرلايك خميس النجمة فانكشف المستور بوشم على شكل شمس ذهبية أمام عيون 150 مليون مشاهد. استغرق الوقت لشبكة سي.بي.اس عدة ثوان لتقطع باتجاه صورة واسعة للمنصة وبعدها صورة جوية للإستاد في يوستون، تكساس. الحادثة، التي نالت لقب “نيبل جيت” (فضيحة الحلمة)، أصبحت على الفور فضيحة دولية. إدارة بوش، في حينه غضبت. وأصبحت جاكسون حديث اليوم في كل اللغات، موضع عار وامرأة دفنت حياتها المهنية بحلمتها، ومنذئذ تبث العروض بالبث الحي والمباشر للجمهور بتأخير بضع ثوان لقطع أحداث غير مرتقبة، إذا ما وقعت.

لكن شيئاً أكبر بكثير حصل كنتيجة لـ “نيبل جيت”: بعد نحو سنة من ذاك العرض، جلس في سهل السيليكون كل من تشاد هارلي ابن الـ 29، وستيفن تشن ابن الـ 28، وجعفر كريم ابن الـ 25. واشتكوا من أنهم لا يجدون الحادثة في الشبكة. عندها، في شباط 2004، لم تكن أشرطة فيروسية؛ فقد كان الجمهور متعلقاً تماماً بهيئات البث، ومن لم يشاهد البث في الزمن الحقيقي أو يكلف نفسه عناء التسجيل، يكون قد فاته. أقام ثلاثتهم يوتيوب عقب إحباط من أن القنوات الرسمية لا تجري رقابة.

وبعد نحو عقدين من ذلك، نيسان 2023. تجري وزيرة المواصلات ميري ريغف، المسؤولة عن أحداث يوم الاستقلال، في العرض المركزي لمباراة “السوبربول الإسرائيلية” (أي، في احتفال إضاءة المشاعل) نقاشاً خاصاً مع المفتش العام للشرطة ومحافل أخرى في جهاز الأمن في موضوع الحدث، الذي يلتقط عروس الفرحة ابنة الـ 75 في أزمة عميقة. الهدف: منع أي إمكانية للاحتجاج أو الاستفزاز عبر البث الحي والمباشر. ومن بين الإجراءات التي ينظر فيها: الانتقال الفوري من البث الحي إلى صور مسجلة مسبقاً إذا ما اخترق النظام، وإذا ما ذكر أحد ما من جمهور المشاركين وفي البيت بأن هذا الاحتفال مختلف عن سابقيه.

“حق التظاهر وليس حق الفوضى”، قالت الوزيرة في المقابلة، وأضافت: “لن تكون هناك أبواق أو صافرات أو أعلام”. بالفعل، يبدو أن من سيأتون إلى الحدث لن يتمكنوا من إدخال علم إسرائيل إلى حدث يحتفل في إسرائيل، كونه يرمز الآن إلى احتجاج المعارضين للانقلاب النظامي. لكن بخلاف قضية “نيبل جيت”، لا يحاولون هنا التشويش على حلمة مارقة، بل جمهور لا يأتمر بإمرة الحكم: لا يسعون لحماية مشاعر المواطنين من عري في برنامج لكل العائلة، بل يريدون حماية مشاعر الحكم من احتجاج يدعي أنه عارٍ. حكم يرى هذا السلوك كجزء شرعي من تفويضه كما يرى تصفية السلطة القضائية كجزء من هذا التفويض.

أكثر من ذلك: فرضية أن رقابة الاحتجاج إذا ما كانت مثل هذه الرقابة، ستمنع الجمهور من معرفة ما جرى، إنما تدل على عدم فهم الواقع السياسي والاجتماعي والتكنولوجي. فبما أنهم لم يصادروا الهواتف الذكية من الجمهور (واذهبوا لتعرفوا ماذا سيولد اليوم) فلن تكون للوزيرة أو للحكومة أو للإعلام سيطرة حصرية على توثيق ونشر الحدث. في عالم ما بعد اليوتيوب والشبكات الاجتماعية، باستثناء دول مثل كوريا الشمالية وإيران وسوريا، فإن إمكانية عرض القصة الحقيقية – حتى وإن أتت من زوايا مختلفة – فهي في كف يد المواطن الصغير. تكتشف وزيرة المواصلات بأن الرقابة لا تجعل فقط كل علم صغير مارق في الجمهور عرضاً فيروسياً، بل ريح إسناد للاحتجاج الذي تريد إطفاءه.

 

 يديعوت أحرونوت