هارتس : رسالة للعالم: 4 ملايين أموا “الأقصى” في شهر رمضان

جاكي-خوري.jpeg
حجم الخط

بقلم جاكي خوري

في ظل الهدوء الأمني، يبدو أن اهتمام الإعلام كرس للنقاش العام حول مجيء السياسيين إلى الاحتفالات التي تحدث في المقابر في يوم الذكرى وعيد الاستقلال. المجتمع الإسلامي، في المقابل، يحتفلون باليوم الثالث لعيد الفطر الذي يرمز لانتهاء شهر رمضان الذي مر بهدوء نسبي مقارنة مع السنوات السابقة.

للنجاح الكثير من الآباء، ولكن الفشل يبقى يتيماً. يبدو أنه لو كان هناك اشتعال لأدى إلى مواجهة مباشرة مثلما حدث في أيار 2021، كانت الحكومة ستضطر إلى اتخاذ خطوات متشددة بذريعة الحفاظ على الأمن. في المقابل، أعضاء الكابنت، من بينهم من يريدون تشكيل مليشيا باسم “الحرس الوطني” والذي دعا إلى محو حوارة، كانوا سيلقون التهمة على الفلسطينيين والمواطنين العرب وجميع مصوتي اليسار.

رغم المحاولات المتكررة للمستوى السياسي في طرح شهر رمضان كأرض خصبة للعنف الجامح، تبين أن لدى جهاز الأمن إمكانية لتهدئة التوتر من خلال اتخاذ قرارات حاسمة على الأرض. في الحقيقة، الحدث الأهم في شهر رمضان هو إطلاق الصواريخ من قطاع غزة ومن جنوب لبنان نحو إسرائيل، وحدث هذا بعد أن فقدت قوات الأمن الصبر وهاجمت شديد المصلين في الحرم بعنف. ولكن رد إسرائيل الفوري، مثلما هو أيضاً الرد المضاد الخفيف من غزة والصمت من قبل “حزب الله”، أثبت أن جميع الأطراف غير معنية بتحطيم قواعد اللعب.

حسب الأوقاف الإسلامية في القدس، فإن أربعة ملايين شخص تقريباً جاءوا إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، من بينهم 280 ألف شخص في ليلة القدر عشية 27 رمضان. حقيقة أن هذه الليلة انتهت بدون أحداث أمنية استثنائية أثبتت بأن من جاءوا إلى المكان لم يبحثوا عن أي مواجهات زائدة مع قوات الأمن. ورغم الهدوء، لا يمكن تجاهل الرسالة التي ظهرت من هذه الأعداد. مئات آلاف المصلين أوضحوا لمن فكروا بشكل مختلف بأن مكانة المسجد الأقصى أمر يشكل إجماعاً، ليس فقط في أوساط الفلسطينيين بل في كل العالم العربي والإسلامي.

لكن لم يكن الفلسطينيون من القدس والضفة الغربية هم وحدهم الذين جاءوا إلى المكان، بل عشرات آلاف المواطنين الإسرائيليين المسلمين وعدد أقل من المسيحيين الذين زاروا كنيسة القيامة في يوم “سبت النور”، جاءوا إلى القدس وتصادموا مع عشرات الحواجز. دعت لجنة المتابعة العربية للتعبير عن الاحتجاج بسبب ذلك، لكن الاستجابة على الأرض كانت متدنية في الواقع. عدد من المظاهرات وقعت في الجليل وفي قرى وادي عارة، لكنها لم تصل إلى المدن المختلطة. رؤساء السلطات العربية لم يطالبوا باحتجاجات محلية وشجعوا الجمهور العربي على الوصول إلى الحرم. يبدو أنهم أيضاً لم يطمحوا إلى رؤية مشاهد عنيفة مرة أخرى من المواجهات التي اندلعت أثناء عملية “حارس الأسوار”.

إضافة إلى ذلك، يستمر المجتمع العربي في الغرق في موجة عنف: فقد قتل منذ بداية السنة 54 مواطناً عربياً مقابل 23 في الفترة الموازية في السنة الماضية. بعد انتهاء عطلة العيد، ستتسارع الانتخابات في السلطات المحلية ومعها أيضاً منظمات الجريمة في الوسط العربي المعنية بالتأثير على النتائج. هذه العملية قد تؤدي إلى زيادة حدة مستوى العنف في الوسط العربي، لذلك يجب على الشرطة زيادة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي. بهذه الطريقة فقط يمكنها الإثبات للمواطنين العرب بأنها تنظر إليهم مثلما تنظر إلى أشخاص متساوين وليس كمشكلة أمنية تهدد الدولة – قبل شهر رمضان وبعده.

 

هآرتس